الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى الانقلاب الأول.. تاريخ قطر قصة غدر بالوراثة

قطر
قطر

في 27 يونيو 1995 خرج أمير قطر السابق - وولي العهد في ذلك الحين - حمد بن خليفة آل ثاني ليعلن انقلابه على والده الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، ليكتب فصلًا من فصول مسلسل الانقلابات الذي شهدته قطر، سواء تلك الانقلابات التي كتب لها النجاح أو محاولات الانقلابات الفاشلة التي شهدتها الدوحة على مدى تاريخها، بما يكشف مدى هشاشة وضعف النظام القطري بصفة عامة.

ولم يكُ غدر حمد بن خليفة بأبيه غريبًا عن رجل انحدر من صلب أمير انقلابي آخر، اعتلى عرش البلاد بعد إزاحة أميرها الأسبق.

وتحل اليوم ذكرى انقلاب أمير قطر الأسبق خليفة بن حمد آل ثاني على أمير البلاد وابن عمه الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، وذلك في فبراير من عام 1972.

وبحسب صحيفة "البيان "الإماراتية، تجرع خليفة بن حمد نفس الكأس التي سقاها لأميره السابق وابن عمه، هذه المرة على يد ابنه حمد بن خليفة، الذي استغل غيابه خارج البلاد في رحلة علاج ليعلن نفسه أميرًا ويزيح والده من عرش الإمارة.

والقصة كما ترويها "البيان" أن الأمير الأسبق خليفة بن حمد قرر في صيف 1995 السفر إلى أوروبا لقضاء عطلته السنوية الصيفية في أجواء أقل حرارة من صيف الدوحة. وفي مشهد دراماتيكي، قبَّلَ حمد في المطار يد والده الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمام الكاميرات، بعد أن أقام له حفل وداع فاخرًا لدى مغادرته للعلاج في الخارج، لكنه وجد نفسه بعد ساعتين من إقلاع طائرته سليب العرش، مُطاردًا في فنادق سويسرا، بعد أن أطاح به ابنه حمد بن خليفة، في انقلاب تلفزيوني فريد من نوعه، حيث استدعى رموز القبائل والعائلات طالبًا منهم مبايعته أميرًا للبلاد.

ولم يدر بخلد الحضور، كما الأمير السابق الذي كان يجهل ما طبخ ابنه وولي عهده في قصره، مع مجموعةٍ من المقربين منه مثل رجله القوى ورئيس حكومته لاحقًا حمد بن جاسم، أو عينه ومخبره الرسمي على الحكومة والمسئولين الكبار في الدولة المقربين من الأمير الأب، عبد الله بن حمد العطية وزير النفط السابق، الذي أدى أدوارًا شديدة الخطورة والحساسية منذ 1986 في خدمة ولي العهد حمد بن خليفة، ضد منافسيه من العائلة الحاكمة، خاصةً المنافس الأبرز والشقيق الخطير على حمد بن خليفة، عبد العزيز، الرجل القوي سابقًا في قطر، الذي انتهى به المطاف مهجرًا وطريدًا في أوروبا مع والده المعزول الشيخ خليفة بن حمد.

وبمجرد مغادرة الطائرة المقلة للأمير الحاكم المجال الجوي القطري، قطع التلفزيون الرسمي إرساله وبرامجه، ليعود بعد ساعتين من سفر الأمير، ويزف للقطريين بشرى الانقلاب، عن طريق إعلان خبر «عزل» الأمير لأسباب مجهولة، وبقرار من ابنه «وولي عهده الأمين» حمد بن خليفة، ثم فور إعلان الخبر، بث التلفزيون الرسمي، في غياب الجزيرة، التي كانت أول وأهم ثمار الانقلاب بعد نحو سنة واحدة، تقريرًا مصورًا عن مراسم البيعة للأمير الجديد.

عقب عملية الانقلاب التي خدع فيها حمد رموز القبائل والعائلات القطرية بعد أن دعاهم إلى السلام عليه وفوجئوا بطلبه لمبايعته أميرًا للبلاد، أذاع التلفزيون القطري لقطات «السلام» من دون صوت.

وشد التقرير الذي بثه التلفزيون، والذي لم يتخلله صوت أو بيان، أو أي مرفقات صوتية تعكس أهمية الحدث وخطورته في تاريخ البلاد، انتباه القطريين، ليتبين لاحقًا أنه تقرير أعد بشكل مسبق، ولم يكن في الواقع سوى استقبال عادي من ولي العهد لأعيان البلاد، وأهل الحل والعقد فيها، وشيوخها وفقهائها ووجهاء قبائلها، بعد دعوة مفاجئة من ولي العهد لهم بغرض السلام عليه.

واستنكر الكثير من القطريين ما حدث ووصفوه بـ«الخيانة» ودوّن بعضهم شعارات داعمة للشيخ خليفة بن حمد آل ثاني على الجدران، في الوقت الذي اعتقل فيه قائد الانقلاب الأمير حمد العشرات من أنصار والده الذين هبوا دفاعًا عنه بشعارات «خليفة أميرنا إلى الأبد».

«هذا تصرف غريب من شخص جاهل».. هكذا علّق خليفة بن حمد آل ثاني على انقلاب نجله عليه، وراح يحاول استرجاع حكمه عقب الانقلاب من خلال عدد من التحركات. وزار دولًا خليجية عدة، من بينها البحرين التي أطلق فيها تصريحًا شهيرًا له قال فيه: «اليوم تستقبلوني في البحرين، وغدًا أستقبلكم في الدوحة»، فيما تبرأت والدة حمد منه ومن ولديها (عبد الله ومحمد) عقب عملية الانقلاب.

وقضى خليفة بن حمد آل ثاني تسع سنوات متنقلًا بين عدد من العواصم العربية والأوروبية، ولم يعد إلى قطر إلا في عام 2004 لدى مشاركته في تشييع جنازة إحدى زوجاته، حتى بقي «الأمير الوالد» في الدوحة، لكن دون الظهور، فلم يُرَ على الشاشات أو في الشوارع، ورجحت تقارير آنذاك وجوده قيد الإقامة الجبرية في أحد المراكز الطبية، حتى وفاته في عام 2016.