EN 
استغرق بناؤها حوالي ثلاث سنوات، ولم تستغرق سوى ساعتين لتغرق، أطفأت أنوارها وأصبحت ممراتها أشبه بالجحيم، ساد الظلام غرفها التي تفاخر قاطونها بأسرتها، تيتانيك الأسطورية، تلك السفينة التي لم يسبق لها مثيل، شيدت لتكون أكبر وأضخم سفينة بالعالم، بمثابة فندق عائم يضم كافة مظاهر الرفاهية والراحة لركابها، تنافس الأغنياء لحجز تذاكرها، وتفاخر ركابها بما حققوه، ولكن لم تلبث فرحتهم بها كثيرًا ليطويها البحر بين أمواجه محتضنًا مئات الركاب مُخلفًا ناجون قلة.
وفي مثل هذا اليوم الموافق 31 مارس، عام 1909، تم البدء في بناء سفينة تايتانيك، بتمويل من الأمريكي جون بيربونت مورجان وشركته الخاصة، وتم إطلاق هيكل السفينة في 31 مايو 1911 وتم الانتهاء من التجهيزات في 31 مارس 1912، وجرت عملية التشييد لبناء التيتانيك في حوض هارلاند آند وولف لبناء السفن في بلفاست.
أبحرت السفينة لأول مرة، من إنجلترا في 10 أبريل عام 1912م، عبر المحيط الأطلسي حاملةً ما يقارب 2200 راكب من المسافرين وطاقم السفينة، وعقب يومين فقط من إبحارها، بدأت السفينة تقترب من جبل جليدي عمره يقارب الألفي عام، ومع محاولات طاقم السفينة في تفاديه إلا أنها باءت بالفشل، لتحدث الكارثة التي هزت بريطانيا والعالم أجمع، وفي مساء يوم 14 أبريل ارتطمت السفينة بالجبل الجليدي، وفي خلال ساعتين و40 دقيقة، غرقت السفينة، ولقى حوالي 1500 شخص حتفهم وتمكن القليلون من النجاة بأرواحهم.
ولكن بعيدًا عن مأساة غرق السفينة، يبدو أنها حملت رائحة الموت قبل إبحارها، ورافقها سوء الحظ والنحس منذ تشييدها، وكما تسببت في مقتل وزهق أرواح الأبرياء في وسط البحر، كانت سببًا في موت البعض وهي على اليابسة.
وفي أثناء عملية تشييد أسطورة تيتانيك، دفع ثمانية أشخاص أرواحهم، ضريبة البناء،وفي حوض هارلاند آند وولف لبناء السفن في بلفاست، لقي ثمانية أشخاص مصرعهم أثناء عملهم في بناء السفينة الأسطورية.
وفي أبحاث أجنبية عن السفينة تيتانيك، ذكرت رسالة عن بلفاست نيوز، مقتل ثمانية من عمال هارلاند وولف أثناء بناء تيتانيك، تم التعرف على خمسة منهم، بالإضافة إلى وقوع 28 حادثة خطرة و218 حادثة بسيطة سجلت من قبل الشركة، وبلغ التعويض المدفوع عن هذه الحوادث 4849 جنيهاً إسترلينياً.
صمويل جوزيف الشهير بـ"سام"، صبي صغير بالكاد بلغ الخامسة عشر من عمره، التحق بالعمل في تشييد السفينة لكسب لقمة عيش جديدة، وظيفة الأحلام التي يشارك في بناء السفينة الأسطورية، تيتانيك، ولكن تبددت أحلام الفتى الصغير وتناثرت في الهواء، لتسقط معه من ارتفاع 23 قدمًا، ليلقى الفتى حتفه خلالها بعد إصابته بكسر بالجمجمة لم ينقذه الأطباء منها.
وتراوحت أعمار العمال المتوفين بين 15 و49 عامًا، وتشابهت حوادث إصابات العمال الآخرين في السقوط من ارتفاعات عالية، منهم واحد سقط غرقًا في الماء أثناء إبحار السفينة، وأعلن عن أسماء 5 منهم فقط، وأقيمت لوحة تذكارية لهؤلاء الرجال في ايرلندا عام 2012.
