الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مهن تراثية باتت في طي النسيان.. مبيض النحاس والسقا والدومري أبرزها.. صور

صدى البلد

منذ قديم الزمان ظل الانسان يعمل على المهن التي تلبي حاجته، ولأن الحاجة أم الاختراع تطورت الآلات والمعدات التي يستخدمها الإنسان في حياته اليومية، مع التطور الكبير ومرور الأيام، أصبحت هناك العديد من المهن المنقرضة.

وفي هذا التقرير يرصد "صدى البلد"، أهم تلك المهن التي انفرضت، وبعضها الذي اقترب من الإنقراض بشكل نهائي، نظرًا للتطور الكبير الذي نمر به.

الطرابيشي

يأتي في مقدمة تلك المهن" الطرابيشي"، فعرفت مصر الطربوش منذ الخلافة العثمانية وقدوم محمد علي باشا لولاية مصر، وكان قطعة أساسية في المناسبات الرسمية، وساعد في إضفاء وقارًا على مرتديه، ورمزًا للوجاهة الاجتماعية، بل إن البعض كان يعيب على الرجل خروجه من منزله دون وضع الطربوش فوق رأسه، واشتهر به أفراد العائلات المصرية العريقة.

واختفى الطربوش منذ ما يزيد على 60 عامًا، ولم يبق له سوى صور الذكريات، وانتشر صانعوه في مناطق محددة، مثل: "الحسين" و"الصاغة" و"حارة اليهود"، وكان يصنع من الورق المقوى والقماش الأحمر، وغالبًا ما كانت تستورد خاماته من النمسا قبل ثورة يوليو 1952، التي خاضت معارك ضارية للقضاء على ثقافة الطربوش الدالة على الملكية.

السقا:

على الرغم مما كان يمتازبه «السقا» بأهمية كبيرة في مصر منذ القرن العاشر الميلادي، إلا أن المهنة أخذت تتوارى، بعد إنشاء شركة المياه سنة 1865 أخذت، وانتهت تمامًا في وقتنا الحالي.

«السقا» هو العامل المسؤول عن توصيل المياه من الخزانات إلى المنازل والمساجد، وكان «السقا» يحمل «قِربة» مصنوعة من جلد الماعز يملأها بالماء العذب على ظهره، وفي بعض الأحيان كان يضع الماء في أوعية كبيرة وبراميل ويضعها على عربات كارو.
ولجأ «السقا» إلى طريقة ليحصل بها على أجرته عن طريق إعطاء «ماركات» وهي حصوات مشغولة أو خرز لصاحب البيت، وكل عدد حصوات مساو لعدد المرات المطالب فيها بملئ «الزير» لصاحبه، فكلما ملأ الزير أعطاه «مارك» حتى ينتهي العدد فيتلقى أجرته كاملة.

مبيض النحاس:

كانت مهنة «تبييض النحاس» مرتبطة بوجود وانتشار النحاس، وكان «مُبيِّض النحاس» يتجول في القرى ويعلن عن قدومه لتأتيه النساء بأوعيتهن «المجنزرة»، أي التي اخضرَّ لونها، ويحط رحاله في مكان فضاء لعدة أيام، ويشتغل بحماس في تبييض الأواني بقوة ليزيل عنها «الجنزار» الذي أصابها، ثم يضعها علي نار حامية ليتمكن من طليها بالقصدير وهي ساخنة، فالحرارة الشديدة تساعد علي ذوبان القصدير وانتشاره علي سطح النحاس والالتصاق الشديد به، وتساعد النشادر علي اكتمال هذه العملية بسهولة، فتصبح الطبقة بيضاء وهذا سبب تسمية المهنة «مبيض».

ولأن النحاس كان يحتاج إلي جهد كبير في تنظيفه، وسخونته الشديدة كانت تحتاج إلي قدرة هائلة علي الاحتمال، كان «مبيض النحاس» يقاوم الألم بالغناء الشجي، فيعفيه من التأوه، حتي لو كان الغناء غير مفهوم، لكنه يتوافق مع حركة جسده، ويكون فعالا في مقاومة حرارة النحاس، ولكي يحرك جسده بحرية وكأنه يؤدي «رقصة التويست» كان يقبض بيديه علي شئ ثابت كشجرة، وإذا أنجز الإناء يقفز قفزتين سريعتين ليعلن اكتمال تبييضه ليبدأ في آنية أخري، ولا يغادر القرية حتي يكون قد أعفي أهلها وخلَّص أوانيها النحاسية من مخاطر الجنزار الأخضر.

صانع القباقيب :

لعب القبقاب دورًا بارزًا في الثقافة الشعبية المصرية، وارتبط بعصر المماليك، فلقيت شجر الدر حتفها بضرب القباقيب.

وانتشرت صناعة القباقيب بكثافة في خمسينيات القرن العشرين، ثم تراجعت شيئًا فشيئًا، وصار استخدامها قاصرًا على المساجد، وتبدو الصناعة اليدوية البسيطة في طريقها للاندثار الآن.

صانع السلال:

حرفة يدوية تعتمد على مهارة صانعها في تشكيل المنتجات،يصنع صاحبها الكراسي والأقفاص والسجاد وغيرها من مستلزمات البيوت باستخدام الخوص وجريد النخيل، ويستخدم صانع السلال أدوات قليلة، مثل: مخرز، زوجي زرادية، سكين حادة، مقص، وإبرة كبيرة.

ويفضل البعض منتجات الخوص على المنتجات البلاستيكية؛ كونها مريحة وتدوم لفترات أطول، وحاليًا تواجه الحرفة بعض المخاطر فيما يتعلق بقلة الإقبال على منتجاتها، ومع ذلك فهى ما زالت قائمة في بعض المناطق الريفية.

الحكواتى:

الحكواتى هو من يحكى السيرة ودرجت العادة على أن يروي الحكواتي السير الشعبية في مكان عام يسمى "القهوة" بما اتصف به من حسن الإلقاء واستثارة المشاعر.

يسمى الحكواتي أيضا بـ"المحدث"، ومن الحكاواتيه في مصر، العناترة، وهم محدثون اشتهروا برواية سيرة عنترة بن شداد وغيرها، وتروى السيرة شفويا، وهم ينشدون الشعر، ولكنهم يقرأون النثر بالطريقة الدارجة، ولا يستعملون الرباب.

المسحراتي:

ظل المسحراتي من ضمن العادات والتقاليد التي كانت في الزمن الجميل المصاحبة لشهر رمضان الفضيل، حيث كانت مهنة قديمة عرفت في العهد الإسلامي لإيقاظ المسلمين في ليل شهر رمضان لتناول وجبة السحور، حاملا في يديه الطبلة أو المزمار للعزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر وعادة ما يكون النداء مصحوبًا ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينيَّة.

وقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام، وابن أم كلثوم يقومان بمهمّة إيقاظ النّاس للسَّحور، الأول يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، والثّاني يمتنع بعد ذلك فيمتنع النّاس عن تناول الطّعام.

أول من نادى بالتسحير عنبسة ابن اسحاق ســنة 228هـ وكان يذهب ماشيًا من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص وينادي النّاس بالسحور، وأول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر، أما أهل بعض البلاد العربيَّة كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقّون الأبواب بالنبابيت، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصة برمضان فكان المسحَّراتي صورة لا يكتمل شهر رمضان من دونها.

وكان والي مصر إسحق بن عقبة أول من طاف على ديار مصر لإيقاظ أهلها للسحور، وفي عهد الدولة الفاطميَّة كانت الجنود تتولى الأمر. وبعدها عينوا رجلا أصبح يعرف بالمسحراتي، كان يدق الأبواب بعصا يحملها قائلا «يا أهل الله قوموا تسحروا».

ومع تقدُّم الزمن وتطوُّر المجتمع تكنلوجيًا انقرضت هذه المهنة بعدما كانت مشهورة ومتداولة في بلدان الخليج العربيَّة "السعوديَّة والبحرين وقطر والكويت"، وبعض بلدان شمال إفريقيا العربيَّة مثل: "جمهورية مصر العربيَّة، وتونس، والجمهورية السودانيَّة، وليبيا، وسورية" وغيرها.

مهنة الدومري:


مهنة قديمة أصبحت نسيًا منسيًا بعد دخول الكهرباء إلى كل مرافق الحياة العامة والخاصة، وهذه الكلمة تركية الأصل وتعني "الفوانيسي" أو الرجل الذي يشعل الفوانيس في الأزقة والحارات القديمة قبل أن يتحف "أديسون" العالم باختراعه الأعجوبة "الكهرباء"، ويقلب الحياة رأسًا على عقب.

وهو مسؤول عن إشعال الفوانيس قبل دخول الليل في الحواري والطرقات، و كانت مهنة الدومري منتشرة ورائجة بشدة في القديم ولا يمكن الاستغناء عنها،وكان يقوم ممتهنها بملأ السراج زيتًا وتوضع فيه فتيلة ويشعل، وكان هذا السراج هو المصباح الوحيد لجميع الطبقات، وفي الدور الكبيرة كانت الشموع وسيلة الإنارة حيث تُجعل حزمًا تُعلق في الأماكن الرطبة وتُوضع في الشمعدان المصنوع من النحاس الأصفر واستُعملت قناديل صغيرة ذات علب معدنية مملوءة بزيت الزيتون وبوسطها خيط من القطن يضيء ويرسل في الجو نورًا ضئيلًا.