الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محافظ البحيرة.. عن فلسفة القيادة والزهد في الظهور


حتى تكون مسؤولا على قدر المنصب، لا يجب أن تغفل بعض الأدوات التي تمكنك من النجاح، خاصة إذا ما اتصلت تلك المسؤولية بمصالح وخدمات المواطنين.

ولعل آفة المناصب في مصر، هي تلك الآلة الإعلامية التي تتوجه بـ هالتها وقوتها إلى صاحب المنصب، فيغرُه الظهور وتجذبه إليها الأضواء والشاشات، حتى يقع فريسة سهلة لها ويتناسى مسؤولياته ومهامه الأساسية في سبيل ذلك.

التجربة الحاضرة أمامي تتصل بشخص فطن مسبقا بأهمية ودور كل أداة من أدواته، وعمل على توظيف كل منها بحيث تؤدي مهامها على المستوى الأمثل، بينما احتجب بفلسفة الإدارة وحنكة الشخصية العسكرية، عن الظهور في الإعلام إلا فيما ندر، تاركا تلك المهام لمن هم أجدر بها.

استند اللواء هشام آمنة محافظ البحيرة، الى سياسة خاصة في عمله، حفظت له السلامة من الوقوع في مغبات الروتين الممل، وأسهمت في فرز الكفاءات داخل ديوان عام محافظة البحيرة، وقللت من فرص التراخي والتكاسل، ففتح أكثر من 5 قنوات مباشرة للتواصل مع المواطنين، بدأت من متحدث رسمي ومكتب إعلامي وصفحات تواصل اجتماعي واجتماعات دورية مع المواطنين وجولات ميدانية وفرق جاهزة للتدخلات السريعة حال المشاكل والأزمات العارضة.

كان موقع صدى البلد الاخباري شاهدا على التجربة ومعايشا لها، من خلال قسم متفرد أنشأه لاستقبال مشكلات المواطنين والتواصل مع المسؤولين لحلها، حتى أن اللواء هشام آمنة محافظ البحيرة، قد كلف فريقا خاصا بقيادة مستشاره الإعلامي بمتابعة كل ما ينشر من خلال الموقع، والتوجيه بحل المشكلات جميعها، بل و إرسال خطابا إلى الكاتب الصحفي أحمد صبري رئيس تحرير صدى البلد، عقب عرض كل مشكلة وحلها متضمنا التفاصيل والملابسات والتأكيد على احترام دور الصحافة والإعلام في الوقوف إلى جانب المسؤولين والمساهمة في توصيل الخدمات للمواطنين.

المحافظ الذي لا يتواصل بشكل مباشر مع الإعلام، رافضا للمتاجرة أو الثرثرة، يعرف جيدا كيف يجلب إليه الإعلام للوقوف إلى جانبه، ويدرك حتما قيمة هذه الآلة الخادعة التي ما إن روضتها لصالح المواطنين، فلن تجلب من ورائها سوى المتاعب، فكان المحافظ هشام آمنة بارعا بامتياز في إدارة تلك العلاقة.

يحدثني صديقُ مقرب، يعمل رئيسا لتحرير برنامج توك شو شهير، عن المسؤولين الأبرز والأكفأ من خلال تقييماته وتقاريره المصورة، فيقول في اختصار "إن الأقل ظهورا، والأكفأ إدارة والأذكى في التعامل معنا هو محافظ البحيرة .. الرجل لا يدع لنا مجالا للحديث عن أزمة أو مشكلة في المحافظة إلا ونجدها وفي هدوء تام انتهت في أقل من 24 ساعة".

وعن تجربة، أيضا، شاهدت حلقة من برنامج هنا العاصمة للإعلامية ريهام إبراهيم، عرضت خلالها تقريرا عن ماسورة مياة ممتدة أعلى ترعة في مركز كوم حمادة، يعبر من فوقها الأهالي والطلاب من وإلى الجانب الآخر، في مشهد أقرب لـ أكروبات السيرك، ويهدد بتعريض التلاميذ للخطر.

لم يكن الرد بعيدا أو الوقوف على تلك الأزمة غائبا عن المحافظ، حتى تدخل جمال أبو الفضل متحدث المحافظة ليوضح أنه على بعد ما يقرب من 300 متر يوجد كوبري مشاة حديث، لكن الأهالي يتكاسلون عن المرور من خلاله، والمحافظ لا مانع لديه في إنشاء كوبري آخر.

تحدثت مع الإعلامية عن الأمر، فقالت إنها لم تكن تدرك حقيقة الموقف وأرعبتها تلك المشاهد، لكن موقف المحافظ يحترم واستجابته السريعة جاءت في وقتها، بينما طلبت منه وضع لافتات تحذيرية أو مصدات خرسانية لمنع العبور، وحدث ذلك في حينها.

التجربة الإدارية الناجحة - من وجهة نظري - لمحافظ البحيرة بدأت من إدراك حقيقة المنصب، والعلم المتعمق بتوزيع الأدوار، وتهيئة كل من يملك موهبة لاستخدامها في خدمة الهدف الأسمى والغاية الأكثر نبلا، وهي إرضاء المواطنين.

ربما كان الاحتجاب عن الظهور، ورفض الوقوف على منصات البطولة الزائفة، ومنح الفرص للشباب والقيادات الصغيرة لاستحداث وسائل ابتكارية لتطوير العمل، ورفض أفكار التسلق من جانب من اعتادوا على ذلك، كانت أسبابا ومدخلا للتربص بمحافظ البحيرة وتوجيه حملات هجومية مضادة دون أسباب مقنعة أو تعليلات تدعو للنقاش حولها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط