الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. يحيي عبد القادر يكتب‎.. الخنزيـــر والحلــــوف والضبـــــع!

صدى البلد

عزيزى القارئ من المؤكد أنك سوف تستلقى على قفاك من قسوة الضحك بعد أن تفرغ من مطالعة هذا المقال. تابعت مقالا صدر فى صحيفة المصرى اليوم للكاتب المخضرم عباس الطرابيلى بعنوان (رسوم العبور الكوبرى الجديد!). 

يحكى فيه الأستاذ عباس كيف أن الخديوى إسماعيل قد شيد كوبرى قصر النيل القديم فى 27 فبراير 1872 وأصدر لائحة برسوم عبور الكوبرى. ذكر منها فرض رسوم عبور على (النعام والغزال والكلاب والخنزير والحلوف والضبع!). ويسدد عن كل منها 10 فضة. 

ذكر الأستاذ عباس رسوم بمقاييس ذاك الزمان منها (القرش والبارة والفضة) بطبيعة الحال ولاحظ غياب المليم والسحتوت! لا يعلم البعض أن كوبرى قصر النيل القديم كان أول كوبرى يشيد لعبور النيل فى ذلك التاريخ والسر فى فرض الرسوم أن عبور النيل كان يتم بواسطة القوارب النيلية أو الشراعية ويتم دفع رسوم بطبيعة الحال للفلايكى (المفرد فلوكه) كما ورد فى أغنية عبد الوهاب الخالدة. 

لقد شاهدت النعام مؤخرا فى فيلم ضاحك للممثل محمد هنيدى أما الغزال فهو يعانى من البشر فى حديقة الحيوان والخنزير تراه مصورا على جدران المعابد فى مصر القديمة والضبع بطبيعة الحال أتمنى ألا ألقاه. 

فما هو الحلوف؟ لجأت للأخ الأكبر Googleالذى شرح لى أن الحلوف هو الخنزير البرى الوحشى! قاتله الله حيث عاش فى مصر فى الزمن البعيد حين حكى (هيرودوت) المؤرخ اليونانى أنه كان منبوذا فلو وقع ظله على المصرى القديم لقفز فى النهر ليغتسل بسبب تورط الخنزير فى قضايا عاطفية لا يمكن ذكرها فى هذا المقام. 

العجيب أن رسوم عبور الكلب كانت تعادل رسوم عبور حيوانات نافعة مثل الغزال الذى يمكن أن تطهيه فى الصحراء على ضى القمر أو تنظم قصيدة فى عينيه خلال النهار بالطبع وكذلك النعام الذى يبيض وفى ريشه ولحمه وجلده مآرب أخرى. 

للأسف الشديد رسوم عبور المعبر الجديد (روض الفرج) لا تشمل الحيوانات سالفة الذكر. تخيل أن القاهرة يسكنها 10 مليون كلب ضال على أقل تقدير فلو فرضت رسوم عبور عليها لجنت وزارة المالية ربحا وفيرا. فى نفس الصحيفة ورد مقال بعنوان (منح الجنسية مقابل الاستثمار) حيث يجيز القانون الحالى منح الجنسية من ذوى الإقامة. لكن على الأجنبى أن يدفع 10 آلاف دولار لوحدة مجلس الوزراء لفحص طلب التجنس إضافة إلى وديعة بسيطة تقدر ( 7 ملايين جنيه مصرى ) تؤول للدولة فى حالة الموافقة على طلب التجنس. 

نحمد الله على أننا ننتمى لشعب مصر وإلا كان علينا تدبير الملايين السبعة وحفنة دولارات. رحم الله الشاعر العبقرى أبو الطيب المتنبى الذى زار مصر منذ أكثر من ألف عام (957 ميلادية) وكان يطمع فى أن يقطعه كافور الأخشيدى والى البلاد فى ذلك الوقت إما القليوبية أو الفيوم على أن يكون (خراجها) أى ضرائبها من نصيبه مقابل حفنة من القصائد الخالدة التى لا تزال تؤرقنا حتى اليوم ومنها " أبا كل طيب لا أبا المسك وحده - وكل سحاب لا أخص الغواديا" لكن كافور (الحويط) لم يمنح المتنبى لا الجيزة ولا حتى قويسنا ونال مقابل ذلك أسوأ قصائد هجاء عرفتها البشرية. 

وهنا عزيزى القارئ لك أن تدرك كم كان المتبنى طموحا حيث كان يسعى للحصول على موارد محافظة مصرية كاملة فى العصر الأخشيدى دون أن يدفع عشرة آلاف دولار لفحص قصائده أو حتى 7 ملايين جنيه !!!