الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التجديد على منهج دار الإفتاء المصرية


قد خصَّ الله سبحانه وتعالى مصر الكنانة بالكثير من الفضائل، وقدَّر لها الدور الريادي في العالم الإسلامي، فمنها تنطلق الدعوات العظيمة التي تحيي الأمة وتنير لها الطريق وتفتح لها آفاق المستقبل، وقد كانت دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية إلى تجديد الخطاب الديني في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية وبلادنا الإسلامية تعبيرًا عن وعي كامل من القيادة السياسية المصرية بما يدور في عصرنا الحالي من أحداث متلاحقة وتغيرات متنوعة على المستوى الديني والسياسي، مما يستلزم تعاملًا خاصًّا مع هذه الأوضاع، فقضية تجديد الخطاب الديني من القضايا المهمة في هذا العصر الذي نخوض غماره وذلك بفعل المتغيرات والظروف التي تحدق بالشعوب العربية والإسلامية من كل اتجاه. ولو افترضنا أن المجتمعات الإسلامية ظلت قابعة على الخطاب الديني المعهود الذي يناسب أشكال الحياة في أزمنة خلت، وتخلت الأمة عن مبدأ التجديد في خطابها الديني فإنها دون شك ستعيش حالة من الفوضى الدينية، وخاصة أن عالمنا المتجدد يفرض حتمًا أثره وتأثيره علينا، ثم لا ننسى أن عالمية ديننا تحتم علينا ذلك وإلا سينظر لنا من الخارج بمنظار التخلف والهمجية، كما هو حاصل الآن نتيجة أفعال بعض المسلمين الذين لا يريدون أن يفقهوا معنى تجديد الخطاب الديني وأهميته.



لهذا ولغيره جاءت تلك الدعوة من السيد رئيس الجمهورية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على حرص شديد على مستقبل مصر وحاضرها لتجديد الخطاب الديني، وقد تلقفت دار الإفتاء المصرية في تجربة رائدة فريدة يحتذى بها تحت قيادة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية باهتمام كبير هذه الدعوة وقامت ببذل جهود في تحقيق تلك الرؤيا، فمن هذه الجهود ما قامت به من إجراءات لمكافحة التطرف وتيارات التشدد وجماعات الإرهاب، ومحاصرة الفكر التكفيري من خلال وضع دراسات متكاملة لتفكيك بنية الأفكار المتطرفة والرد عليها، وإصدار سلسلة تصحيح المفاهيم، وإنشاء المرصد العلمي لمتابعة أنشطة الجماعات وما يصدر عنها من فتاوى وما تعلنه من أفكار وما تردده من مقولات باطلة.



وبتوجيه من فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام بذلت الدار العديد من الجهود في سبيل تجديد الخطاب الديني منها استحداث إدارات جديدة تلبيةً لاحتياجات المجتمع، فقد أنشأت إدارة الإرشاد الأسري للحد من ظاهرة الطلاق، وأيضًا تم إنشاء وحدة الشبهات والإلحاد للإجابة عن الشبهات والأسئلة الشائكة من قِبل علماء دار الإفتاء المصرية الذين تلقوا تدريبًا خاصًّا على التعامل مع هذه القضايا، كما قامت دار الإفتاء بإنشاء وحدة للفتاوى الصوتية القصيرة المصحوبة بالرسوم المتحركة "موشن جرافيك" واستخدامها في الرد على الأفكار المتطرفة بطريقة سهلة وجذابة.



وفي سبيل تحقيق التجديد للخطاب الديني قامت الدار بإصدارات علمية، منها: مجلة دار الإفتاء المصرية التي شارك فيها كبار علماء الفقه الإسلامي. ومنها: موسوعة السياسـة الشــرعية.

وقد حرصت الدار ممثلة في مؤسستها الواعدة العالمية؛ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت رئاسة فضيلة المفتي، بتنظيم عدة مؤتمرات دولية برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، من أبرزها مؤتمر "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق".



وقد قامت الأمانة العامة بمشروعات ذات شأن، منها: إصدار المرجع العام للمؤسسات الإفتائية، وإنشاء المؤشر العالمي للفتوى الذي يهدف لمعرفة ما يدور في فلك الحقل الإفتائي العالمي وفق أهم وأحدث وسائل التحليل الاستراتيجي، وكذلك رصد ما يصدر عن الجماعات والتيارات المتطرفة من فتاوى وإصدارات للرد عليها بأسلوب علمي دقيق يسهم في تجديد الخطاب الديني.

وقد قامت الدار بإنشاء برامج تدريبية تهدف إلى إعداد القائمين على أمر الفتوى من خلال نشر قيم الإفتاء المنضبط الذي يحقق مقاصد الشرع الشريف، ويرسخ للأمن المجتمعي، ويفكك الفكر المتطرف. كذلك القيام بإعداد الوافدين من خلال التدريب المتخصص لهم الذي يكفل تسلحهم بأدوات ومعارف مقاومة فكر الإرهاب.



ولم تغفل دار الإفتاء في مسيرتها لتجديد الخطاب الديني الفضاء الإلكتروني ودوره، حيث تقوم دار الإفتاء من خلال موقعها الإلكتروني وصفحاتها على موقع الفيس بوك وتويتر وموقع اليوتيوب بأكبر الأنشطة الدعوية، من خلال نشر أفكار التجديد، وقد تجاوزت نسبة المشتركين في هذه المواقع الملايين.



وقد وضعت دار الإفتاء خطة لتنفيذ مشروعات مستقبلية؛ منها مشروع إدارة ومعايير الجودة في المؤسسات الإفتائية، ومشروع إنشاء المركز الاستراتيجي لدراسات التشدد.

وراعت دار الإفتاء المصرية في كل ذلك الجمع بين المحافظة على الثوابت وتحقيق التجديد في عرض الدين وشرائعه.



وتقوم مؤسسة دار الإفتاء بهذه الجهود كلها من خلال كوكبة من أصحاب العلم والفضيلة تحت إشراف وتوجيه فضيلة الشيخ الدكتور العالم الجليل شوقي علام مفتي الديار المصرية، الذي يقوم بضبط العمل، وتقييم أداء جميع إدارات ومراكز دار الإفتاء المصرية، والتأكد من قيامها بدورها في خدمة قضايا الوطن والمسلمين، ومعالجة ما يستجدُّ من النوازل، ومتابعة تنفيذ توجيهات السيد الرئيس في تطوير الخطاب الديني، وفي سبيل تحقيق ذلك قد قام فضيلته بعدة جولات خارجية تواصل فيها مع المسئولين عن دور وهيئات الإفتاء في العالم كله، بالإضافة إلى تواصل فضيلته مع قادة الفكر الغربي والقيادات الدينية الأخرى لتحقيق القيم البشرية المشتركة، والعمل على مدِّ جسور التعاون بين المسلمين وغيرهم من شعوب الأرض، وتعزيز السلم ونشر المفاهيم الدينية الصحيحة، ومواجهة الفكر المتطرف وإرساء السلام العالمي.



كما حمل فضيلته على عاتقه همَّ قضية التجديد وبيان أهميتها في الكثير من المؤتمرات التي قام بالمشاركة فيها عبر العالم، ومع كل هذه الأنشطة والجهود نجد فضيلته يهتم بالتواصل مع عامة المسلمين من خلال صفحاته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط