الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من أعلى وأقرب نقطة إفريقية لأوروبا.. صدى البلد يرصد حكاية تاريخ قصر القصبة بطنجة.. تراث أقيم على أنقاض الإنجليز

ساحة القصبة بطنجة
ساحة القصبة بطنجة - المغرب (تصوير - ميس رضا)

عبر قرون من الزمن يقبع قصر القصبة فى مدينة طنجة المغربية شاهدا على تراث وتاريخ المملكة المغربية، إذ يقع فى موقع جغرافى متميز متربعا على أعلى وأقرب نقطة إفريقية لأوروبا، عند التقاء البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، فالمدينة التي تقع على مضيق جبل طارق لا تبتعد كثيرًا عن بقيّة جيرانها من الدول الأوروبية مثل إسبانيا وفرنسا و تزخر بإرث تاريخي يعود لآلاف من السنين.

ولعل ما يميز طنجة وجود مناطق أثرية بها أبرزها قصر القصبة وستكون الحلقة الأولى من حكايات تراث المغرب لـ" صدى البلد".. عن هذه المنطقة التاريخية التى يعود تاريخها لقرون.


خلال جولة لموقع صدى البلد رصدت عدسة الموقع ساحة القصبة التاريخية الزاخرة  بقصص وحكايات يشهد لها التاريخ وذلك لكونه مركزا للعديد من السلاطين والولاة المغاربة في فترة حكمهم للمدينة، وكذا مقرا للقوى الغربية التي كانت تنجح في الاستيلاء عليه، وتحويله لقاعدة عسكرية وإدارية تخرج منها أغلب القرارات المصيرية، التي حولت مجرى التاريخ، وصنعت أحداثا عظيمة وفارقة.


نشأته

نشأ قصر القصبة  في عهد السلطان المغربي المولى إسماعيل العلوي، وعلى يد القائد المجاهد علي بن عبد الله الريفي ومن بعد ابنه الباشا أحمد بن علي الريفي؛ حيث انطلقت أشغال التشييد في أواخر القرن السابع عشر، وبالضبط في سنة 1686 م واستمرت الى حدود 1741م دون توقف.

 


  حقب متعاقبة

وحسب المؤرخين فإن هذا القصر التاريخي، أقيم على أنقاض قصر آخر بناه الإنجليز عند احتلالهم للمدينة قبل أن يدمروه بالمتفجرات لدى اضطرارهم للخروج منها، مضيفين أن هذا الأخير أيضا بني بدوره على أنقاض آثار تاريخية أخرى بالغة القدم، ترجع إلى الفترة الرومانية، حيث عرف هذا الجزء من طنجة استقرار هؤلاء بها وتشييدها للعديد من المعالم، والتي مازالت تحيط بعض من بقاياها بطنجة حتى اليوم.

ويضيف المؤرخون، أن أوائل المسلمين الذين دخلوا المغرب استوطنوا نفس الموقع بعد الرومان ، ثم جاء الاحتلال البرتغالي في القرن الخامس عشر قبل أن يعقبهم الإنجليز، ويؤكد المهتمون بتاريخ المدينة، أن الشيء الذي يفسر إصرار كل من آلت إليه مقاليد الحكم في طنجة على البناء في نفس الموقع، واضح وبسيط، وهو أن المكان محصن طبيعيا بارتفاعه وإشرافه على المدينة وعلى البحر والميناء في ذات الوقت، مما يسهل المبادرة في حالة الحرب والمراقبة في فترات السلم.

 


يشار إلى أن مدينة طنجة تقع على مساحة 863.3 كلم مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون و500 ألف نسمة، وهي من أبرز الوجهات السياحية في المغرب، ويوجد بها أهم مجمع صناعي للسيارات في البلد العربي، وميناء ضخم يمكنه مستقبلا من لعب دورا مهما في تغيير خارطة صادراته ووارداته.

 

ومنطقة قصبة هى أعلى ضاحية فى المدينة وهي بالأصل حصن عسكري قديم نظرا لموقعها المرتفع عن بقية أجزاء المدينة. يميزها موقع ممتاز يتيح للزوار الفرصة لرؤية بانورامية للمحيط وبقية الأنحاء المحيطة كما يمثل منصة رائعة لالتقاط الصور التذكارية.


تم تحويل القصر إلى متحف تاريخي يضم مجموعة من المعروضات الهامة التى تشير إلى تاريخ المدينة، حيث قام المؤرخ الفرنسي "ميشو بيلير" بإهداء القطع الفنية التي جمعها من مختلف أنحاء دولة المغرب لوضعها فى هذا المتحف الذي اُشتهر أساسًا بـ "متحف ميشو بيلير"، وينقسم المتحف إلى المدخل الرئيسي له والذي كان يخرج منه "باشا المدينة" عقب صلاة العصر يوميًا ليحكم بين الناس فى أمورهم، بالإضافة إلى المصطبات الحجرية التى عُرفت بـ "باب العصا" والتى كانت تستخدم فى تنفيذ الأحكام التي أمر بها القاضي من أعمال الجلد وخلافه، كما يوجد به الغرف والقاعات التى تقوم بعرض المقتنيات التاريخية من الأعمال الخزفية وأدوات المطبخ المُستخدمة حينئذ، ومن أبرز القاعات الموجودة به القبة الكبري والتى تعتبر مكان الاستقبالات الرسمية لزوار السلطان، والقبة الأخرى التى يقضي بها الحاكم أغلب أوقاته، كما توجد به بعض الغرف الأخرى التى تعرض المخطوطات التابعة للحضارة الإسلامية، إضافة إلى القاعة التى تقوم بعرض الأسلحة التى تعبر عن التنوع الوارد عن الحضارات المتعاقبة التى شهدتها المدينة فى هذا المجال.