الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق مسيرة طلعت حرب مع الاقتصاد المصرى.. كواليس إنشاء بنك مصر..وسر هجومه على قاسم أمين بسبب الحجاب

صدى البلد

فى محافظة القاهرة وتحديدًا في 365 شارع رمسيس - العباسية – القاهرة، عاش الفنان رجل الإقتصاد الراحل طلعت حرب، الذى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 25 /11 /1867 مكان الميلاد: بـ قصر الشوق في حي الجمالية بالقاهرة ، وتاريخ الوفاة 13/08/1941. 

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانين والسينمائيين وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث. 

ولد محمد طلعت حرب في 25 نوفمبر 1867 بقصر الشوق في حي الجمالية بالقاهرة، ألحقته الأسرة بالكُتاب ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم.
التحق بعد ذلك بالمدرسة الخديوية، ليتم تعليمه الثانوي فيها، ومنها إلى مدرسة الحقوق الخديوية عام 1884،وتخرج فيها في مايو 1886 بمرتبة الشرف، ثم نال مرتبة الشرف في امتحانات الترجمة في فبراير 1887، التحق مترجمًا بقلم قضايا الدائرة السنية، وبعد عام واحد ،أصبح مديرًا لإدارة المحاسبات، ثم مديرًا لمكتب تسوية المنازعات (قلم القضايا)خلفًا لـ محمد فريد. 

في 1905 ترك الدائرة السنية بعد قرار تصفيتها الذي كان له دور فيه، واستعان به بعض أصدقائه من كبار الزراع في تنظيم أملاكهم الزراعية الواسعة وإدارتها، فنجح نجاحًا كبيرًا، ومارس لحسابه بعض الأعمال التجارية بجانب عنايته التي اشتهر بها في إدارة أعماله الزراعية، في عام 1906 بدأت طلائع الأزمة الاقتصادية تظهر بوضوح، وكان أول ضحاياها الفلاحون وممتلكاتهم وهو ما ألجأه إلى إعمال فكره وتوظيف خبراته الاقتصادية للتغلب عليها. 

شارك فى ثورة 1919، وبدأت بعدها تتبلور فكرة بنك وطني للمصريين للتحرر من الاحتكار المصرفي الأجنبي، وساهم في إنشاء "شركة التعاون المالي" بهدف الإقراض المالي للمصريين، ومع انتشار دعوته ألتف حوله الكثيرون ونجحوا في تأسيس "بنك مصر" عام 1920، وتوالت العديد من المشروعات الاقتصادية الكبري داخل وخارج مصر.

سنوات طويلة حاول فيها جاهدا طلعت حرب من أجل إنشاء أول بنك مصري، حتى حقق حِلمه في 7 مايو 1920 بعد شهر من صدر مرسوم سلطاني بإنشاء البنك كشركة مساهمة مصرية، برأسمال 80 ألف جنيه، موزعة على 20 سهم، ثمن الواحد 40 جنيها، ويُسند إدارة البنك إلى مؤسسيه وهم 8 أشخاص من بينهم طلعت حرب، والآخرين هم أحمد مدحت يكن باشا، يوسف أصلان قطاوي، عبدالعظيم المصري، عبدالحميد السويفي، الدكتور فؤاد سلطان، اسكندرية مسيحه، عباس دسوقي الخطيب.

وكان 20 موظفا هم اللبنة الأولى التي قام عليها بنك مصر بالإضافة إلى مؤسسيه، الذين اشترطوا على المقبلين لشراء أسهمه أن يكونوا مصريين، وأن اللغة العربية هي لغة البنك في كل أعماله، وترأس يكن مجلس الإدارة واكتفى طلعت حرب بمنصب النائب والعضو المنتدب في كل الشركات التابعة للبنك، وعمل لـ 5 سنوات دون أن يتقاضى أجرا، قبل أن يُعدل عن قراره بناء على ضغوط من المؤسسين.

بعد عامين فقط من إنشاء بنك مصر قام طلعت حرب بإنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه ، وذلك ليدعم الفكر والأدب ويقوي المقاومة الوطنية حيث كان يؤكد على أهمية أن تكون القراءة في أيدينا وليس في يد الأجنبي، وبعد إنشاء المطبعة، توالت الشركات المصرية التي ينشئها البنك مثل شركة مصر للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب، كما قامت الشركة بشراء الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ؛ كما أنشأ البنك شركة مصر للنقل النهري ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستقدم طلعت حرب خبراء هذه الصناعة من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في الخارج.

كما أقام مصنعا لحلج القطن في بني سويف، وأنشأ البنك مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.

كما ساهم في إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما، وفي عام 1927 أنشأ شركات مصر للنقل والملاحة البحرية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت، ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيماويات، ومصر للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية لـ تنافس الشركات الأجنبية بنزايون - صيدناوي.

وسعى طلعت حرب لإنشاء شركة مصرية للطيران إلى أن صدر في 27 مايو 32 مرسوم ملكي بإنشاء شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه.

ساهمت هذه المشاريع الوطنية في إذكاء الروح الوطنية في هذه الفترة، حيث شجعت هذه المشاريع الكثيرين على فكرة الادخار لدى البنك، وزادت ودائع البنك مقارنة بكل البنوك الأجنبية العاملة في مصر، مما أنهى مقولة الاستعمار والتي كانت تردد في ذلك الوقت "المصري لا يعرف إلا الاستدانة" حيث استطاع بنك مصر تحفيز الادخار لدى كل المصريين حتى الأطفال بعد أن وزع البنك حصالات على تلاميذ المدارس الابتدائية ثم يأخذ ما فيها ويفتح للأطفال دفاتر توفير بالبنك. 

على الرغم من شهرته كاقتصادي بارع فإن طلعت حرب كان أديبا بدأ حياته بتأليف الكتب، كما اشتغل بالصحافة حينا آخر، وكانت له آثار صحفية وأدبية بارزة، ثم شغلته عن الأدب الاهتمامات الاقتصادية، وقد ظل أسلوبه متأثرا بحياته الأدبية، ويظهر ذلك واضحا في أسلوب كتابة تقارير بنك مصر، وفي أحاديثه ومقالاته ومحاضراته.

وله كتاب “تاريخ دول العرب والإسلام”، أما كتابه الثاني فقد أصدره عام 1899م، وهو بعنوان “تربية المرأة والحجاب” كتبه ردا على كتاب “تحرير المرأة” الذي أصدره قاسم أمين في السنة ذاتها. والكتاب ينتقد رأي قاسم أمين فيما يدعو إليه، حيث دافع طلعت حرب عن الحجاب وأوغل في الدفاع عنه، بادئا بمأثورات تنسب إلى السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي وإلى الحسن بن علي، وتكلم عن التربية ووجوبها، وله كتاب “فصل الخطاب في المرأة والحجاب” أصدره في عام 1901 ردا على الكتاب الثاني لقاسم أمين “المرأة الجديدة”، وركز في هذا الكتاب على أقوال الشيخ محمد عبدهعن المرأة ودورها، وعلى ردود رشيد رضا في مجلة المنار على كتاب قاسم أمين.

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.