الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبنان وإن عاد


يمر لبنان بأسوأ أزمة اقتصادية يعيشها منذ حصوله على الاستقلال عام 1943، ويكاد يكون على شفا إفلاس، كما صرح رئيس لبنان منذ فترة، مما يعنى أنه أصبح أمام خيارات كلها مُرّة، إذ أصبح عليه أن يتبع سياسة تقشفية حادة، وأن ينظر في مجالات الإسراف ويحد منها، إذا كان فعلا يريد الخروج من هذا المأزق الاقتصادي.

بالفعل، بدأ لبنان يتخذ بعضا من خطوات الإصلاح الاقتصادي، وناقش موازنة هي الأهم في تاريخ لبنان، لكنه في كل خطوة يفكر في اتخاذها يجد سيلا من الاعتراضات والتظاهرات يقف وراءها نظام طائفي تغل يده عن هذه الإصلاح، مما جعل المسئولين يعيشون فترة هي الأصعب، ويفتر حماسهم رويدا رويدا.

قبل أشهر فكرت الحكومة اللبنانية في تخفيض رواتب العسكريين المتقاعدين، فخرج هؤلاء العسكريون يقطعون الطرقات ويشعلون الإطارات احتجاجا على هذا التخفيض، مما أجبر الحكومة على إعادة النظر في هذا القرار مرة أخري استجابة لهم ولمن يقف خلفهم.

لكن الأزمة الأكبر والتي يواجهها لبنان منذ سنوات بعيدة، هي أزمة اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم، التي تنتج الفقر والمرض، وتفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، فاللاجئون الفلسطينيون يقدرون بنحو 700 ألف لاجئ، فيما المسجل منهم نحو 400 ألف، وهؤلاء يعملون في وظائف معينة، سمحت بها قوانين الدولة، ونظرا للظروف الاقتصادية وارتفاع البطالة بين الشباب اللبناني إلى نحو 40، فوفقًا لتقرير البنك الدولي يدخل 23 ألف فرد سوق العمل اللبناني سنويًا، ويحتاج الاقتصاد لاستيعابهم إلى خلق أكثر من 6 أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساسًا، وتشير التقديرات التي أصدرها البنك الدولي إلى أنّ معدل البطالة في لبنان بلغ في العام 2018 نسبة 25 % وتجاوزت النسبة 36 % في صفوف الشباب. 
 
أراد وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان وضع خطة لمكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية، فأطلق حملة لمكافحة العمالة الأجنبية "غير الشرعية" في 10 يوليو الجاري، طالت اللاجئين الفلسطينيين، وتشمل هذه الحملة إغلاق المحال التي تشغل عمالًا أجانب بشكل غير قانوني، وتنظيم محاضر ضبط بالشركات التي تشغل العمال الأجانب من دون إجازات عمل لهم، بهدف الحد من البطالة وتنظيم السوق، وحماية اليد العاملة اللبنانية من المنافسة غير المشروعة في البلاد. 

وبحسب قرار وزارة العمل اللبنانية، فإنه يحظر على أرباب العمل تشغيل غير اللبنانيين بدون حصولهم على تصريح عمل مرخص، بالإضافة أنه يسبب إغلاق المئات من المؤسسات والقطاعات التي يشغلها الفلسطينيون في لبنان.

لكن القرار تسبب في موجة غضب فلسطينية اشتعلت بمخيمات اللجوء في لبنان، وانتقلت شرارتها إلى الداخل الفلسطيني وتواصل الإضراب المستمر في معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان، الأمر الذي جدد مخاوف المستثمرين في تنفيذ مقررات سيدر التي تم الاتفاق عليها في أبريل 2018 في باريس، والتي بموجبها يتم منح لبنان نحو 12 مليار دولار من أجل حل أزمة الكهرباء ومشروعات البنية التحتية ، وبرغم تأخرها لظروف الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة، فإن ذلك يبقي معلوما، لكن المجهول والذي يؤثر أكثر في أزمة لبنان الاقتصادية هي هذه الاحتجاجات والإضرابات مما يجعل المقبلين على الاستثمار هناك يولون وجهتهم إلى بلاد أكثر أمنا وسيطرة على الأوضاع بها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط