الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: الأفلام القصيرة طوق النجاة الاجتماعى

صدى البلد

يتصدر قائمة مبادئ الفكر الإستراتيجى والحساب العقلانى تكييف الغايات مع الوسائل المتاحة، واستقرار المجتمع أسمى الغايات التى تحشد من أجلها شتى الوسائل، ولا يمكن لمجتمع أن يستقر بعيدًا عن القيم الموروثة التى يترجمها أفراد المجتمع إلى سلوك خلال تعاملاته اليومية مع شركاء المجتمع ، ومن تلك القيم المفقودة احترام الكبير ، استخدام لغة الحوار وتهميش العنف الجسدى ، الصدق ، الأمانة وغيرها من السلوكيات التى يفتقدها البعض اليوم خاصة الشباب ، والذى ينذر على المدى القريب و البعيد بخطر يهدد إستقرار المجتمع بداية من زيادة معدلات الجريمة وصولًا إلى زيادة معدلات الطلاق والانحراف الأخلاقى الذى يهدد الأسرة المصرية نواة المجتمع والدولة.

و بالنظر إلى المجتمع المصرى بعد أحداث يناير من عام 2011 م ، نجد أن علماء السياسة رسموا ملامح خريطة سياسية للعبور بالبلاد سياسيًا إلى بر الأمان وصولًا إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة الدستورية والتشريعية ، و حزى علماء الإقتصاد حزوا علماء السياسة فى رسم خريطة إقتصادية أجتذبت الأقتصاد المصرى من على حافة هاوية وصولًا إلى معدلات نمو إقتصادى شهد لها القاصى والدانى ، بينما ظل علماء الإجتماع قابعين فى مكاتبهم يتابعون الظواهر الإجتماعية التى تمخضت عن هذه الهزة الإجتماعية دون وضع أى تصور أو أطر حماية إجتماعية تجنب الوطن أثار لا يحمد عواقبها ، فى زمن توارت فيه حروب السلاح التقليدية خلف حروب فكرية يكون فيها وعى الشعب وروحه المعنوية رصيد حربى وعسكرى هام .

وبالعودة إلى الوسائل نجد أن السينما أكثرها فاعلية و أعمقها تأثير ، تاريخ صناعة السينما و إستخدامها وقت الحروب و الأزمات يؤكد تصورى هذا ، فعندما نرى وزارة الإعلام البريطانية تسعى بلهفة للحصول على خدمات صناع السينما وتوظف جهودهم بعد عام 1940م ، بعد أن كانت الحكومة تتجاهلهم وأنشأت وحدة أفلام التاج للإستحواذ على الدعاية الفيلمية بعد أن أصبح إرتياد السينما عادة إجتماعية أساسية بعد أن أرتفع عدد رواد السينما من 19 مليون شخص عام 1936م إلى 30 مليون عام 1945م ، وكانت هذه السنوات هى عصر بريطانيا الذهبى للسينما ،حيث تم إنتاج 80 فيلم طويل ، وأكثر من 2000 فيلم قصير سنويًا و بإشراف لم يجلوا من إسهامات "تشرشل" رئيس الوزراء نفسه ، وعلى الجانب الأخر كان الجنرال"جورج مارشال" رئيس أركان الجيش الأمريكى يشرف هو الآخر على صناعة مجموعة أفلام قصيرة وتسجيلية والمعروفة بأسم "لماذا نحارب ؟ " يتم عرضها على المواطن الأمريكى العسكرى و المدنى .

ومن هذه الإطلالة العابرة على تاريخ السينما وقت الحروب نجد أن الأفلام القصيرة لعبت دور هام فى تماسك الجبهة الداخلية ومواجهة الطابور الخامس الذى ظهر فى فيلم "رئيس الوردية ذاهب إلى فرنسا" وهو فيلم يدور حول إستعادة آلة ما فى أثناء سقوط فرنسا 1940، حيث أظهر الفيلم عناصر الطابور الخامس وهم ينشرون الفوضى فى البلاد ، وجأت أحداث الفيلم تدعيمًا لحديث رئيس الوزراء عن الطابور الخامس الذى وصفه نصًا بــ "الورم الخبيث فى وسطنا" ليؤكد أن فرنسا لم تسقط بسبب قوة الألمان العسكرية بل لضعف و تفكك الجبهة الداخلية الفرنسية بسبب أسهامات الطابور الخامس ، وما أكثر هؤلاء بيننا اليوم يحاولون زعزعة ثقة المواطن فى ذاته و فى مؤسساته الوطنية لنشر الإحباط وصناعة مناخ تشاؤمى مصبوغ بنبؤة سوداء للمستقبل تمنح العزاء للمتكاسلين عن المشاركة و تحول بين المواطن وبين الإعتراف بالإنجازات والانتقال من مرحلة الاعتراف إلى المشاركة الفعالة لتحيا مصر .