من يزور الساحل الشمالي قبل حلول فصل الصيف و بعد نهايته ، بدءا من العجمي و مراقيا ، و مرورا بالحمام و العلمين، و إنتهاء بمرسى مطروح و السلوم ، سيصاب بالفاجعة عندما يدرك أن هذا الساحل الشمالي ، الممتد بطول 600 كيلو متر، و الذي حباه الله بأجمل سواحل العالم ، و مناخ معتدل صيفا وشتاء ، و ثروات طبيعية هائلة ، يتحول إلى مدن للأشباح بعد إنتهاء موسم الصيف الذي لا يزيد فعليا على شهرين فقط في العام ، يبدأ مع نهاية المدارس و الجامعات في نهايات يونيو ، و ينتهي أيضا مع دخول المدارس في بدايات سبتمبر .
وبوصفي من محبي طبيعة الساحل الشمالي ، فقد شعرت بدهشة كبيرة بعد أن تبين لي خلال أسبوعين أمضيتهما في قرية مارينا العلمين الجميلة التي تم فيها إستثمار عشرات المليارات ، أن معظم سكانها ، خاصة سكان الفلل ، و القصور الفاخرة ، المقامة على شاطيء البحر ، و البحيرات الصناعية ، و التي يتجاوز قيمة أقل قصر فيها الــ 10 ملايين جنيه، و قد خلت حتى من مصطافيها بعد أن إنتقل معظم هؤلاء المصطافين الميسورين إلى قرى ساحلية أخرى ، في هاسيندا، و مراسي، و تلال ، و كاسكادا بعدما جذبت هذه القرى الجديدة الأثرياء، و الفنانين ، و لاعبي كرة القدم، و كثيرا من الشخصيات العامة ، هربا من تراجع المستوى الإجتماعي لمرتادي قرية مارينا . و يتوقع لو ظلت الأمور على ما هي عليه الآن ، أن يهرب سكان هذه القرى الجديدة ، إلى قرى أحدث ، وأكثر تطورا ، عندما يتراجع مستواها الإجتماعي ، على غرار ما حدث لمارينا.
أما قمة المأساة فتتجسد في غياب السائحين الأجانب ، عن كل هذه القرى ، ذات الشواطئ الساحرة برمالها البيضاء الناعمة و مياهها اللازوردية التي نادرا ما تتوافر في دول ساحلية أخرى.
وإذا كان هذا الوضع الشاذ قد مر مرور الكرام على المسئولين طوال أكثر من 40 عاما ، منذ أن بدأ المصطافون يفرون من الاسكندرية إلى الساحل الشمالي ، بعد أن إكتظت الإسكندرية بسكانها و النازحين إليها من الدلتا و الصعيد، وإنتشار العشوائيات في ربوعها ، فهل كان من الممكن أن يمر هذا الوضع الشاذ مرور الكرام على الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يدرك جيدا أن مشكلة مصر الأساسية ، تتركز في التكدس السكاني ، و التدمير المتواصل للرقعة الزراعية المحدودة في وادي النيل و الدلتا ؟ . بالقطع لا و لذلك كان قرار الرئيس السيسي بتحويل الساحل الشمالي بإستثماراته المهدرة ، إلى مناطق جذب للمصريين و السائحين ، ليس فقط خلال أشهر الصيف ، و لكن طوال العام .
وهنا كان قرار الرئيس السيسي بالبدء في إنشاء مدينة العلمين الجديدة ، لكي تكون قاطرة التنمية لكل الساحل الشمالي، ليتحول من كومباوندات بمئات المليارات خالية من سكانها عشرة أشهر في السنة ، إلى مناطق جذب سياحي ، و تجاري ، و مالي ، و صناعي ، و زراعي ، وثقافي ، و تكنولوجي.
ووقع إختيار ، الرئيس السيسي، على منطقة عبقرية ، لإقامة مدينة العلمين الجديدة ، لتكون مدينة من مدن الجيل الرابع ، فهي تقع في محيط المنطقة التي تحتضن مقابر ضحايا الحرب العالمية الثانية من كلا الطرفين المتحاربين : "دول التحالف" ، و" دول المحور " .
ويعني هذا الإختيار، إستغلال تمتع العلمين بسمعة عالمية، لجذب السائحين من دول التحالف، و المحور ، و معظمها من الدول التي يعشق مواطنوها السفر، و الترحال ، و سياحة الشواطئ .فقوات الحلفاء في معارك العلمين كانت تضم العديد من الدول الغنية على رأسها بريطانيا ، و فرنسا، و أستراليا ، و الهند ، و ماليزيا، و جنوب إفريقيا، و نيوزيلندا، و اليونان، فيما كانت تضم قوات المحور ألمانيا ، و إيطاليا . ووقع الإختيار على بناء الأبراج العالية ، بإطلالتها الرائعة ، على ساحل مدينة العلمين، أمام متحف العلمين العسكري، الذي يخلد معارك العلمين الشرسة ، و الذي يضم مجموعة من الأسلحة ، و المدرعات، و المجسمات، التي تعبر عن معارك العلمين، و القوات التي إشتركت فيها ، فضلا عن خرائط تاريخية عن سير هذه المعارك.
ومن أجل الإستغلال الأمثل لهذه الوجهة السياحية ، فقد بدأ تنفيذ البنية التحتية الفندقية لتضم 25 ألف غرفة فندقية . و قد حرص القائمون على المدينة ، أن تستضيف هذه الفنادق ، السائحين العرب و الأجانب، طوال أشهر السنة ، و ليس أشهر الصيف فقط من خلال تزويدها بمناطق ترفيهية ، و ملاه عالمية، ومركز للمؤتمرات ، و مراكز ثقافية ، و دار للأوبرا ، و مسرح ، و دور عرض سينمائي، و مولات تجارية ، و منتزة دولي ، فضلا عن مدارس، و 3 جامعات . و من المقرر أن تبدأ الدراسة في أولى هذه الجامعات في 2020 ، فيما ستحتضن الأبراج الشاهقة مدينة المال و الأعمال في العلمين الجديدة.
و لكن هل ستكتفي مدينة العلمين الجديدة بالجانب السياحي، و الخدمي ، و التعليمي ، و المالي ، و تهمل الجانب الصناعي ؟ بالقطع لا، فلا تقدم لدولة و لا ثراء لمدنها إلا بالصناعة، فولاية بافاريا الألمانية، لم تزدهر و تحصل على شهرتها العالمية، إلا لأنها تؤوي معظم مصانع السيارات الألمانية مرسيدس، و بي ام دبليو، و أودي . كما يعود نهوض أمريكا صناعيا، بفضل مدينة ديترويت، مركز صناعة السيارات في الولايات المتحدة . و لذلك تمهد حاليا شركة المقاولون العرب، طريقا بطول 40 كيلو مترا ، موازيا للطريق الساحلي الحالي، "الإسكندرية مطروح " ، من بداية مدينة العلمين ليخدم المنطقة الصناعية ، و الزراعية التي ستقام بمدينة العلمين الجديدة إلى عمق يصل لنحو 60 كيلو مترا داخل الصحراء. و حرص القائمون على مدينة العلمين الجديدة ، أن يكون الطريق في نفس الوقت طريقا دوليا ، من خمس حارات في كل إتجاه ، ليخفف عبء الإزدحام عن الطريق الساحلي" الإسكندرية مطروح" لتفادي الخطأ الذي إرتكب في الاسكندرية ، التي إعتمدت على الكورنيش، كمحور مروري رئيسي للمدينة ، ما أدى لإختناقات مرورية يعاني منها بشدة أهالي الأسكندرية خاصة طوال أشهر الصيف.
ومن منطلق أن مدينة العلمين الجديدة، ستعتمد بشكل كبير في تنميتها على الصناعة ، فقد تم تخصيص مساحة، 4 ملايين متر مربع، للمنطقة الصناعية التي تم إفتتاح مرحلتها الأولى، في يونيو الماضي . ويجري حاليا إستكمال بقية المنطقة ، بتزويدها بالبنية التحتية اللازمة، و يباع المتر بها حاليا بسعر منافس للغاية .و تشهد حاليا هذه المنطقة الصناعية إقبالا كبيرا خاصة من الصين ، و من أبناء الإسكندرية على وجه الخصوص ، بعد أن أصبحت المنطقة الصناعية بالأسكندرية في العامرية مكتظة بالسكان و المصانع، و لم تعد بنيتها التحتية قادرة على تحمل المزيد.
فالعلمين الجديدة ، صممت لتكون مدينة سكنية، و تجارية ، و سياحية ، و خدمية ، و ثقافية، و صناعية، و زراعية ، حيث تتوافر الأراضي في الصحراء الشاسعة في الظهير الصحراوي للمدينة، في وقت إكتظت به الأسكندرية بسكانها ، و لم يعد أمام السكان لتوفير مورد الرزق سوى فتح محلات الشاورمة و المقاهي.
وإذا كانت الصناعة هي عنوان التنمية في العلمين الجديدة ، فإن الزراعة تحظى هي الأخرى بإهتمام مماثل في إستراتيجية النهوض بتنمية الساحل الشمالي ، على أساس أن كثيرا من الصناعات الغذائية تقوم على الزراعة . و تعد الصوب الزراعية ، التي إفتتح الرئيس، عبد الفتاح السيسي ، مؤخرا 1300 صوبة منها ، على مساحة 10 آلاف فدان، في مدينة الحمام ، على بعد 30 كيلو مترا من مدينة العلمين الجديدة، بمثابة الثورة الزراعية الجديدة في الساحل الشمالي، نظرا للإرتفاع الكبير في معدلات إنتاجيتها بالقياس بإنتاجية الزراعات على الأراضي المكشوفة .
ووقع إختيار ، الرئيس السيسي، على منطقة عبقرية ، لإقامة مدينة العلمين الجديدة ، لتكون مدينة من مدن الجيل الرابع ، فهي تقع في محيط المنطقة التي تحتضن مقابر ضحايا الحرب العالمية الثانية من كلا الطرفين المتحاربين : "دول التحالف" ، و" دول المحور " .
ويعني هذا الإختيار، إستغلال تمتع العلمين بسمعة عالمية، لجذب السائحين من دول التحالف، و المحور ، و معظمها من الدول التي يعشق مواطنوها السفر، و الترحال ، و سياحة الشواطئ .فقوات الحلفاء في معارك العلمين كانت تضم العديد من الدول الغنية على رأسها بريطانيا ، و فرنسا، و أستراليا ، و الهند ، و ماليزيا، و جنوب إفريقيا، و نيوزيلندا، و اليونان، فيما كانت تضم قوات المحور ألمانيا ، و إيطاليا . ووقع الإختيار على بناء الأبراج العالية ، بإطلالتها الرائعة ، على ساحل مدينة العلمين، أمام متحف العلمين العسكري، الذي يخلد معارك العلمين الشرسة ، و الذي يضم مجموعة من الأسلحة ، و المدرعات، و المجسمات، التي تعبر عن معارك العلمين، و القوات التي إشتركت فيها ، فضلا عن خرائط تاريخية عن سير هذه المعارك.
ومن أجل الإستغلال الأمثل لهذه الوجهة السياحية ، فقد بدأ تنفيذ البنية التحتية الفندقية لتضم 25 ألف غرفة فندقية . و قد حرص القائمون على المدينة ، أن تستضيف هذه الفنادق ، السائحين العرب و الأجانب، طوال أشهر السنة ، و ليس أشهر الصيف فقط من خلال تزويدها بمناطق ترفيهية ، و ملاه عالمية، ومركز للمؤتمرات ، و مراكز ثقافية ، و دار للأوبرا ، و مسرح ، و دور عرض سينمائي، و مولات تجارية ، و منتزة دولي ، فضلا عن مدارس، و 3 جامعات . و من المقرر أن تبدأ الدراسة في أولى هذه الجامعات في 2020 ، فيما ستحتضن الأبراج الشاهقة مدينة المال و الأعمال في العلمين الجديدة.
و لكن هل ستكتفي مدينة العلمين الجديدة بالجانب السياحي، و الخدمي ، و التعليمي ، و المالي ، و تهمل الجانب الصناعي ؟ بالقطع لا، فلا تقدم لدولة و لا ثراء لمدنها إلا بالصناعة، فولاية بافاريا الألمانية، لم تزدهر و تحصل على شهرتها العالمية، إلا لأنها تؤوي معظم مصانع السيارات الألمانية مرسيدس، و بي ام دبليو، و أودي . كما يعود نهوض أمريكا صناعيا، بفضل مدينة ديترويت، مركز صناعة السيارات في الولايات المتحدة . و لذلك تمهد حاليا شركة المقاولون العرب، طريقا بطول 40 كيلو مترا ، موازيا للطريق الساحلي الحالي، "الإسكندرية مطروح " ، من بداية مدينة العلمين ليخدم المنطقة الصناعية ، و الزراعية التي ستقام بمدينة العلمين الجديدة إلى عمق يصل لنحو 60 كيلو مترا داخل الصحراء. و حرص القائمون على مدينة العلمين الجديدة ، أن يكون الطريق في نفس الوقت طريقا دوليا ، من خمس حارات في كل إتجاه ، ليخفف عبء الإزدحام عن الطريق الساحلي" الإسكندرية مطروح" لتفادي الخطأ الذي إرتكب في الاسكندرية ، التي إعتمدت على الكورنيش، كمحور مروري رئيسي للمدينة ، ما أدى لإختناقات مرورية يعاني منها بشدة أهالي الأسكندرية خاصة طوال أشهر الصيف.
ومن منطلق أن مدينة العلمين الجديدة، ستعتمد بشكل كبير في تنميتها على الصناعة ، فقد تم تخصيص مساحة، 4 ملايين متر مربع، للمنطقة الصناعية التي تم إفتتاح مرحلتها الأولى، في يونيو الماضي . ويجري حاليا إستكمال بقية المنطقة ، بتزويدها بالبنية التحتية اللازمة، و يباع المتر بها حاليا بسعر منافس للغاية .و تشهد حاليا هذه المنطقة الصناعية إقبالا كبيرا خاصة من الصين ، و من أبناء الإسكندرية على وجه الخصوص ، بعد أن أصبحت المنطقة الصناعية بالأسكندرية في العامرية مكتظة بالسكان و المصانع، و لم تعد بنيتها التحتية قادرة على تحمل المزيد.
فالعلمين الجديدة ، صممت لتكون مدينة سكنية، و تجارية ، و سياحية ، و خدمية ، و ثقافية، و صناعية، و زراعية ، حيث تتوافر الأراضي في الصحراء الشاسعة في الظهير الصحراوي للمدينة، في وقت إكتظت به الأسكندرية بسكانها ، و لم يعد أمام السكان لتوفير مورد الرزق سوى فتح محلات الشاورمة و المقاهي.
وإذا كانت الصناعة هي عنوان التنمية في العلمين الجديدة ، فإن الزراعة تحظى هي الأخرى بإهتمام مماثل في إستراتيجية النهوض بتنمية الساحل الشمالي ، على أساس أن كثيرا من الصناعات الغذائية تقوم على الزراعة . و تعد الصوب الزراعية ، التي إفتتح الرئيس، عبد الفتاح السيسي ، مؤخرا 1300 صوبة منها ، على مساحة 10 آلاف فدان، في مدينة الحمام ، على بعد 30 كيلو مترا من مدينة العلمين الجديدة، بمثابة الثورة الزراعية الجديدة في الساحل الشمالي، نظرا للإرتفاع الكبير في معدلات إنتاجيتها بالقياس بإنتاجية الزراعات على الأراضي المكشوفة .
كما تساهم الصوب الزراعية في توفير المياه بنسبة تقترب من 70 في المئة ، حيث تعتمد على الري بالتنقيط ، إضافة إلى إنعدام شبه تام لهدر المياه بفعل التبخر نظرا لما توفره الصوب من حماية للزراعات من إرتفاع درجات الحرارة.
وإذا كان ميناء الاسكندرية هو قاطرة تنمية مدينة الاسكندرية التاريخية ، فهل ستفتقر مدينة العلمين الجديدة لميناء يتم من خلاله مرور صادرات وواردات المدينة و المدن الأخرى للساحل الشمالي ؟ بالقطع لا ، فالأعمال تجرى حاليا لتحديث و توسيع قدرة ميناء الحمرا بالعلمين ، و هو ميناء مخصص لتصدير البترول المصري، المستخرج من حقول البترول في الصحراء الغربية . كما تمتلك العلمين مطارا دوليا يبعد نحو 12 كيلو مترا عن مدينة الضبعة.
ولكن هل ستقع مصر في نفس الخطأ السابق عندما أقامت مدنا جديدة في الشيخ زايد ، و أكتوبر ، و التجمع الخامس ، و العامرية، و غيرها من دون أن تربطها بخطوط سكك حديدية لنقل الركاب و البضائع ؟ بالقطع لا ، فقد تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بتسليح مصر بأول قطار فائق السرعة، تستخدم قضبانه لنقل الركاب، و البضائع. و سوف ينطلق هذا القطار من العين السخنة حيث المنطقة الصناعية و السياحية هناك، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة مركز الحكومة، و المال ، و الأعمال، على أن يتوقف القطار في محطة المتحف الكبير بالهرم، و منه إلى الأسكندرية، و العلمين الجديدة .
وستصل سرعة هذا القطار ما بين 250 إلى 300 كيلو متر في الساعة ، و سوف تستخدم قضبانه في نقل البضائع، لكن بقطارات أقل سرعة . و يعني ذلك أنه سيصبح من السهل على السائحين الذين يصلون للعلمين عن طريق ميناء الحمرا أو مطار العلمين الدولي أن يقضوا وقتا طيبا في الإستمتاع بشواطئ العلمين الجديدة و زيارة متحف و مقابر ضحايا الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتوجهوا بعد ذلك لزيارة الإهرامات ، و المتحف الكبير في الهرم ، على متن القطار فائق السرعة في أقل من ساعة واحدة من الزمن . كما يعني تسليح مصر بهذا القطار فائق السرعة، تسهيل إنتقال أصحاب المصانع من الاسكندرية إلى العلمين الجديدة، في نصف ساعة، فضلا عن ربط العاصمة الإدارية الجديدة بالعلمين الجديدة في ساعة و نصف فقط . و من المقرر أن يبدأ تنفيذ مشروع القطار السريع في 2020 على أن ينتهي خلال 30 شهرا .
وهنا سيبادر البعض بالتساؤل، لماذا يتم إنفاق كل هذه الأموال في مشروعات معظمها في الصحراء ، ألم يكن من الأفضل توزيعها على الفقراء ، و الإبقاء على الدعم ؟ . تقديري أنه لا يوجد أفضل من التجربتين الصينية و الهندية للرد على هذا التفكير الخاطئ ، فعلى الرغم من أن الهند و الصين هما أكثر دولتين يعانيان من أعداد كبيرة من الفقراء ، إلا أنهما يحققان مع ذلك طفرة إقتصادية هائلة ، بفضل المشروعات المتعددة التي يقيمونها . فلم يطلب أحد في هاتين الدولتين تأجيل مشروعات البنية التحتية و غيرها من المشروعات العملاقة التي تتكلف مئات المليارات في المجالات السياحية، و الترفيهية، و الخدمية ،و الصناعية، و التكنولوجية ، لمنح موارد تمويلها للفقراء لكونهم يؤمنون بالعقيدة الدينية الصينية الهندية الشهيرة " علمني الصيد ولا تعطيني سمكة" أي وفر لي فرصة عمل لكي لا أظل عالة على غيري" .
أما أخطر الأمور ، أن القاهرة و الاسكندرية إكتظتا بسكانيهما ، و ذلك بفعل الهجرة الكثيفة إليهما من الريف ، بسبب إحتكارهما لمعظم موارد الرزق . فقد أثبتت الإحصائيات أن أكثر من 60 في المائة من سكان القاهرة و الإسكندرية من أصول ريفية ، و هذا يعني أن المدن هي التي توفر فرص عمل للمصريين .
وإذا كان ميناء الاسكندرية هو قاطرة تنمية مدينة الاسكندرية التاريخية ، فهل ستفتقر مدينة العلمين الجديدة لميناء يتم من خلاله مرور صادرات وواردات المدينة و المدن الأخرى للساحل الشمالي ؟ بالقطع لا ، فالأعمال تجرى حاليا لتحديث و توسيع قدرة ميناء الحمرا بالعلمين ، و هو ميناء مخصص لتصدير البترول المصري، المستخرج من حقول البترول في الصحراء الغربية . كما تمتلك العلمين مطارا دوليا يبعد نحو 12 كيلو مترا عن مدينة الضبعة.
ولكن هل ستقع مصر في نفس الخطأ السابق عندما أقامت مدنا جديدة في الشيخ زايد ، و أكتوبر ، و التجمع الخامس ، و العامرية، و غيرها من دون أن تربطها بخطوط سكك حديدية لنقل الركاب و البضائع ؟ بالقطع لا ، فقد تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بتسليح مصر بأول قطار فائق السرعة، تستخدم قضبانه لنقل الركاب، و البضائع. و سوف ينطلق هذا القطار من العين السخنة حيث المنطقة الصناعية و السياحية هناك، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة مركز الحكومة، و المال ، و الأعمال، على أن يتوقف القطار في محطة المتحف الكبير بالهرم، و منه إلى الأسكندرية، و العلمين الجديدة .
وستصل سرعة هذا القطار ما بين 250 إلى 300 كيلو متر في الساعة ، و سوف تستخدم قضبانه في نقل البضائع، لكن بقطارات أقل سرعة . و يعني ذلك أنه سيصبح من السهل على السائحين الذين يصلون للعلمين عن طريق ميناء الحمرا أو مطار العلمين الدولي أن يقضوا وقتا طيبا في الإستمتاع بشواطئ العلمين الجديدة و زيارة متحف و مقابر ضحايا الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتوجهوا بعد ذلك لزيارة الإهرامات ، و المتحف الكبير في الهرم ، على متن القطار فائق السرعة في أقل من ساعة واحدة من الزمن . كما يعني تسليح مصر بهذا القطار فائق السرعة، تسهيل إنتقال أصحاب المصانع من الاسكندرية إلى العلمين الجديدة، في نصف ساعة، فضلا عن ربط العاصمة الإدارية الجديدة بالعلمين الجديدة في ساعة و نصف فقط . و من المقرر أن يبدأ تنفيذ مشروع القطار السريع في 2020 على أن ينتهي خلال 30 شهرا .
وهنا سيبادر البعض بالتساؤل، لماذا يتم إنفاق كل هذه الأموال في مشروعات معظمها في الصحراء ، ألم يكن من الأفضل توزيعها على الفقراء ، و الإبقاء على الدعم ؟ . تقديري أنه لا يوجد أفضل من التجربتين الصينية و الهندية للرد على هذا التفكير الخاطئ ، فعلى الرغم من أن الهند و الصين هما أكثر دولتين يعانيان من أعداد كبيرة من الفقراء ، إلا أنهما يحققان مع ذلك طفرة إقتصادية هائلة ، بفضل المشروعات المتعددة التي يقيمونها . فلم يطلب أحد في هاتين الدولتين تأجيل مشروعات البنية التحتية و غيرها من المشروعات العملاقة التي تتكلف مئات المليارات في المجالات السياحية، و الترفيهية، و الخدمية ،و الصناعية، و التكنولوجية ، لمنح موارد تمويلها للفقراء لكونهم يؤمنون بالعقيدة الدينية الصينية الهندية الشهيرة " علمني الصيد ولا تعطيني سمكة" أي وفر لي فرصة عمل لكي لا أظل عالة على غيري" .
أما أخطر الأمور ، أن القاهرة و الاسكندرية إكتظتا بسكانيهما ، و ذلك بفعل الهجرة الكثيفة إليهما من الريف ، بسبب إحتكارهما لمعظم موارد الرزق . فقد أثبتت الإحصائيات أن أكثر من 60 في المائة من سكان القاهرة و الإسكندرية من أصول ريفية ، و هذا يعني أن المدن هي التي توفر فرص عمل للمصريين .
كما أدى تزايد الكثافة السكانية في القاهرة و الاسكندرية و مدن الوجه البحري على وجه الخصوص إلى تدمير الأراضي الزراعية الخصبة . و كشفت صورتان أخذتا بالأقمار الصناعية للدلتا، الأولى سنة 1972 ، و الثانية سنة 20017 ، عن أن ما يقرب من 50 في المئة من الأراضي الزراعية في دلتا النيل قد تم تدميرها بفعل الإعتداء السكاني ، خلال الــ 45 عاما التي فصلت بين الصورتين.
ويرى الخبراء أنه لو لم تكن مصر قد تأخرت عن بناء عاصمة جديدة بديلة للقاهرة و أخرى بديلة للاسكندرية في الصحراء من نصف قرن مضى ، ما تفاقمت ظاهرة العشوائيات بكل ما تحمله من كوارث في مجالات الجريمة ، و زنا المحارم، و التطرف ، وتجارة المخدرات ، و الإدمان ، و أطفال الشوارع .
كما أدت الكثافات السكانية المتمركزة في 4 في المائة فقط من مساحة مصر إلى تغيير سلوك العديد من المصريين لتتحول نسبة غير قليلة من الشعب المصري من السلوك المسالم إلى الميل للعنف بل و للقتل و، الإرهاب، في إطار ما يعرف "بثقافة الإزدحام" .
وأخيرا، لن تساهم مدينة العلمين الجديدة، في تحويل الساحل الشمالي، إلى منطقة تنمية مستدامة طوال العام، لإستيعاب الزيادة السكانية الهائلة ، التي تقترب من 3 ملايين مواطن كل عام، في دولة تزيد عن 100 مليون نسمة ، يضاف إليهم 20 مليون أجنبي ما بين مقيم و لاجئ ، بل ساهمت ، مثلها مثل المشروعات القومية الكبرى الأخرى ، في توفير مئات الآلاف من فرص العمل، في قطاع البناء و المقاولات ، الذي تقوم عليه أهم الصناعات المصرية من حديد ، و أسمنت، و سيراميك، و رخام، و أدوات صحية، و أثاث ، و أدوات كهربائية و أجهزة إلكترونية وكهربائية.
وأخيرا، لن تساهم مدينة العلمين الجديدة، في تحويل الساحل الشمالي، إلى منطقة تنمية مستدامة طوال العام، لإستيعاب الزيادة السكانية الهائلة ، التي تقترب من 3 ملايين مواطن كل عام، في دولة تزيد عن 100 مليون نسمة ، يضاف إليهم 20 مليون أجنبي ما بين مقيم و لاجئ ، بل ساهمت ، مثلها مثل المشروعات القومية الكبرى الأخرى ، في توفير مئات الآلاف من فرص العمل، في قطاع البناء و المقاولات ، الذي تقوم عليه أهم الصناعات المصرية من حديد ، و أسمنت، و سيراميك، و رخام، و أدوات صحية، و أثاث ، و أدوات كهربائية و أجهزة إلكترونية وكهربائية.