الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في خطبة الجمعة.. أحمد عمر هاشم يوجه رسالة لـ العالم: اهجروا المعاصي والحروب والفتن وعليكم بالسلام.. والله أراد النهوض بالأزهر ليكون حامي حمى الدين والدعوة

احمد عمر هاشم
احمد عمر هاشم

أحمد عمر هاشم:
الله أراد النهوض بالأزهر ليكون حامي حمى الدين والدعوة
الهجرة النبوية فرقت بين الحق والباطل وغيرت مجريات الحياة
الرسول شاهد الهجرة النبوية في المنام قبل موعدها
النبي محمد علمنا كيف تقام الأمم الراقية بـ 3 أُسس
علينا ترك المعاصي والرذائل والإقبال على الطاعات


ألقى الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، متحدثًا فيها عن كيفية استقبال العام الهجري الجديد، وأهم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية.

وفي بداية الخطبة، أشاد الدكتور أحمد عمر هاشم، بمواقف الأزهر الشريف عبر التاريخ منذ تأسيسه من أكثر من ألف عام، قائلًا: «إن الأزهر حامي حمى الدين والدعوة إلى الله تعالى».

وقال «هاشم» خلال خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، «يا معشر المسلمين من هنا من قلب أمتنا النابض من كنانة الله في الأرض الأزهر الشريف، حامي حمى الدين والدعوة إلى الله، ونحن مع عامنا الهجري الجديد نستقبله بالبُشر والترحاب والتقوى إلى الله تعالى، فالأزهر يمثل إرادة إلهية جاء بعد القرون الثلاثة الأولى التي هي خير القرون.

وأضاف: أنه مرت حقبة وكادت الهجمة العدوانية والتتارية الشرسة أن تطيح بتراث الأمة، فشاء الله تعالى أن ينهض الأزهر الشريف وأن يبزغ في سماء أرض الكنانة باعثًا نوره في أرجاء الدنيا حاميًا أشرف تراث في الوجود يضم في أروقته المباركة المسلمين من كل الأرض ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، ويرسل الأزهر بعلمائه إلى أرجاء المعمورة لينشروا دين الله تعالى في كل الأرض بالحكمة والموعظة الحسنة.

خير القرون عبر الزمان


ونوه بأن القرون الثلاثة الأولى هي خير القرون، منوهًا بأن الأزهر الشريف جاء بعد هذه القرون الثلاثة لينشر دين الله تعالى في جميع أرجاء الأرض، مؤكدًا أن أفضل قرن هو الذي جاء في الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم-.

واستشهد «هاشم» خلال خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، بما روى البخاري (2652)، ومسلم (2533) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ».

حامي تراث الأمة

ورأى أن الأزهر يحمي أشرف تراث في الوجود ويضم في أروقته المباركة المسلمين من كل الأرض ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، ويرسل الأزهر بعلمائه إلى أرجاء المعمورة لينشروا دين الله تعالى في كل الأرض بالحكمة والموعظة الحسنة.

قصيدة في حب الأزهر


وألقى عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، بعض الأبيات الشعرية عن حب مصر والأزهر الشريف، لاقت تفاعلًا كبير من المصلين بالجامع الأزهر.

وتلا «هاشم» الأبيات قائلًا: «يا مصر نادى المخلصون وكبروا لم تَجلى في سَماكِ الأزهرُ.. من ألف عام بل يزيد ومجده في قمة التاريخ لا يتقهقر.. صان التراث وصان دين محمد وبهديه يَنبُوعه يتفجر.. يا مصر فيك حاضرةٌ دينيةُ ومددت كفك للذين تحضروا.

وتابع: «يا مصر فيك النيل عذب سائغ لكن أزهرنا الشريف الكوثرٌ.. نادى وكم نادى وقال لقومه الدين يسر للحياة فيسروا .. نادى وكم نادى وقال لقومه لا عنف لا إرهاب لا تتحجروا .. نادى وكم نادى وقال لقومه إن تنصروا رب البرية تنصروا».

الهجرة النبوية


ذكر الدكتور أحمد عمر هاشم، أن الهجرة النبوية فرقت بين الحق والباطل وغيرت مجريات الحياة، ولم تكن إلا بإرادة ربانية، فرب العزة أرادها وعلم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في بالهجرة في مقتبل الدعوة.

وكشف عن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم أنه سيهاجر قبل أن تفرض عليه الهجرة النبوية، لأن الأنبياء -عليهم السلام- من قبله هاجروا، منوهًا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما أمر الله تعالى بالهجرة النبوية ألقى نظراته الحانية بدموع رجراجة إلى مسقط رأسه مكة وقال صلى الله عليه وسلم - مخاطبًا مكة حين وداعها، في يوم فتح مكة: «مَا أَطْيَبَكِ من بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إليَّ! وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ؛ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ».

بشرى من الله


وأكد أن الله تعالى بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعودة مرة أخرى إلى مكة وأنه سيفتحها، مستشهدًا بقول الله تعالى: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ» (سورة القصص: 85).

الرسول يشاهد الهجرة في المنام


أفاد الدكتور أحمد عمر هاشم، بأن الرسول -صلى الله عليه- شاهد الهجرة النبوية في رؤيا منامية قبل أن يفرضها الله عليه وعلى المسلمين.

وواصل: إن الله تعالى جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرى الهجرة من قبل أن تتم في رؤيا منامية، وأخبره بالدعاء الذي سيقوله عند دخول المدينة، كما ورد في قول الله تعالى: «وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا» (سورة الإسراء: 80).

واستدل على الرؤيا المنامية للهجرة النبوية، بما روي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي [أي ظني] إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ ..» رواه البخاري (3352) ومسلم (4217).

وثيقة المدينة


ولفت العالم الأزهري، إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حينما هاجر من مكة إلى المدينة المنورة أسس وثيقة المدينة وهي أول دستور مدني متكامل في التاريخ أرسى قواعد المواطنة وثبت أركان العدل بين مكونات المجتمع وطوائفه، ونظم العلاقات بينهم لكي يسود التسامح والمحبة ويدخل الناس في السلم كافة.

وأردف: أنه لما دخل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة المنورة عَلّم الجميع كيف تقام الأمم وكيف ترتقي فأسس ثلاثة مبادئ لقيام الدولة الإسلامية الحديثة.

وتابع: المبدأ الأول وَثق الصلة بالله تعالى، فبنى المسجد وقام بنفسه في حمل الطوب وهذا يدل على أهمية المسجد وعظته في الإسلام، وفضل الصلاة في المسجد النبوي كبير حيث الصلاة الواحدة بألف صلاة فيما سواه.

وواصل: المبدأ الثاني توثيق صلة المسلمين بعضهم فآخى بين المهاجرين والأنصار مؤاخاة أصبحوا بها يأثرون على أنفسهم لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، مضيفً: المبدأ الثالث وثق الصلة مع غير المسلمين من المشركين واليهود ليبرم أول وثيقة عرفتها البشرية لحقوق الإنسان في هجرته، والمدينة كانت اسمها يثرب فأصبح اسمها طيبة الطيبة.

نبذ العنف وترك الحروب

دعا الدكتور أحمد عمر هاشم، العالم أجمع إلى نبذ العنف وترك الحروب والعداوات والفتن، قائلًا: «يا أيها المسلمون انبذوا الخلافات والفرقة والعداوات والفتن ما ظهر منها وما بطن، فالهجرة علمتنا أن نكون على قلب رجل واحد وعلمتنا الإيثار -حُبّ الآخرين وإرادة الخير لهم وتفضيلهم على النَّفْس-

وشدد على أن الهجرة النبوية تظل دروسها وقيمها ومبادئها تنادي المتحاربين: كفوا عن حروبكم عودوا إلى رشدكم ادخلوا في السلم كافة، أيها العالم كله ماذا يَضيرك لو عشنا في سلام وأمان، وبدلًا أن تبدد ملايين الدولارات والأموال في التسابق على أسلحة الدمار الشامل، تصرف على البطون الجائع اهجروا المعاصي والحروب وعليكم بالسلام.

وأبان بأن الهجرة تكون في هذا الزمان بامتثال أمر الله تعالى، واجتناب نهيه، مؤكدًا أنه على الإنسان يهجر المعاصي والسيئات، ويهجر مجالسَ اللهو والمنكرات، ويقبل على الله تعالى بالحب والخضوع له سبحانه وتعالى؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «…وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ» أخرجه البخاري.

وأكد أن الهجرة المطلوب من المسلم في هذه الأيام هي هجرة القلوب والأبدان إلى الله تعالى، لأن الهجرة انتهت بعد فتح مكة المكرمة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية»، منبهًا على ضرورة الهجرة من المعاصي إلى الطاعات وتوجد من الرذائل إلى الفضائل».