في وسط هذا العالم المتقلب الذي تزداد فيه التحديات وتتسارع فيه وتيرة الحياة بشكل يجعل الانسان يشعر بالغربة وسط الزحام، يبحث كل فرد عن ملاذ آمن، عن شيء يتمسك به وسط العواصف، عن سفينة نجاة تنقذه من الغرق في بحر الهموم والضياع. ولكن ما هي هذه السفينة؟ وكيف يمكن الوصول اليها؟
سفينة النجاة ليست مجرد فكرة حالمة او خيال مثالي، بل هي واقع يمكن ان يصنعه الانسان لنفسه اذا امتلك الارادة والوعي واليقين. هذه السفينة قد تكون ايمانا صادقا بالله، او علاقة حقيقية بالذات، او هدفا واضحا يسعى اليه الانسان بكل طاقته. وقد تكون ايضا محبة صادقة او صديق وفي او حتى لحظة صدق يعيشها الانسان مع نفسه.
في أوقات الشدة والانكسار، يظن البعض ان الحل في الهروب او الاستسلام، ولكن الواقع ان النجاة لا تأتي بالهروب بل بالمواجهة، ولا تتحقق بالضعف بل بالقوة والصبر. من يملك الشجاعة ان يواجه ضعفه، ويعترف بخطئه، ويسعى الى تصحيح مساره، هو وحده القادر على ان يجد طريق النجاة.
كثير من الناس يعتقدون ان المال او الشهرة او المناصب هي سفن النجاة، لكنهم لا يلبثون ان يكتشفوا انها كانت مجرد قوارب مثقوبة اغرتهم بالبريق لكنها غرقت بهم عند اول موجة قوية. وحده القلب النقي، والعقل الواعي، والنية الصافية، هم الادوات الحقيقية لبناء سفينة قوية تستطيع الابحار وسط اصعب الظروف.
قد تكون سفينة النجاة كلمة طيبة من شخص محب، او دعاء من قلب صادق، او عمل خير يفعله الانسان في الخفاء دون انتظار مقابل. المهم ان يدرك كل انسان ان النجاة لا تمنح مجانا، بل تصنع بصبر وعزيمة وايمان عميق بان لكل ضيق مخرجا، ولكل ليل فجرا قادما.
في النهاية، الحياة بحر واسع، مليء بالامواج والعواصف، ولكن من يمتلك سفينة نجاة حقيقية، يستطيع ان يواصل الرحلة، وان يصل الى شاطئ الامان مهما طال الطريق.