الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد عبد العزيز قشوع يكتب: تأملات فى عالم الرؤى والأحلام

أحمد عبد العزيز قشوع
أحمد عبد العزيز قشوع

" علم الاحلام " هو عالم بحد ذاته، تبدأ حكايته في المنام، ويشغل بال الكثير من الأنام، بحثا عن إكمال هذه الحكاية والذي يعتبر الجزء الأهم منها، لما يتضمنه من تفسير وفك رموز بعض الأحلام الغامضة ..

وبالرغم من أن عالم الاحلام يعتبر من الأمور الغيبية ، وواقع ليس له أثر على أرض الواقع، إلا أنه قد يصبح العكس تماما، ويصبح حاضر أمام أعين الرائي، في حال تحقق الحلم ، وخير مثال على ذلك رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام.

ومابين اضغاث أحلام، وكوابيس ، وحديث نفس ، وأوهام ، وبشرى ، وتحذير ، تختلف معاني كلا منها عن الأخرى، يخطئ الكثير في تفسيرها ويكون اجتهادهم في غير محله، وغالبا ما يكون تفسيرهم لحلم ما ، ناتج عن رغباتهم الشخصية وامنياتهم وآرائهم البعيدة كليا عن التفسير الصواب، وذلك لعدم تمكنهم من هذا العلم ..

افسر الرؤى منذ أكثر من 20 سنة، حيث كانت لدي اهتمامات في هذا العلم منذ 24 عامًا فكنت أبحث وأقرأ في هذا العلم، وأول ما قرأت تفسير القرآن الكريم من خلال ما سطره المفسرون البارزون في هذا المجال ولم اعتمدت على مرجع واحد بل أخذت عهد أن أنظر في الكتب وأقلبها، وكنت أركز كثيرًا على آيات الرؤيا في سورة يوسف خاصة وفي سورة الفتح والأنفال وبعد ذلك مراجعة الأحاديث النبوية الشريفة التي تصح في هذا الباب مما كون لدي ثقافة جيدة بفضل الله وكان والرجوع لمن لهم الخبرة في ذلك الأثر كبير أيضا.

أما عن اكتشاف القدرة، فلا أزال أتذكر تلك الرؤيا التي قصتها علي والدتي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته ، - فقد رأت في منامها أن تابوتًا قادمًا نحوها فأولت لها الرؤيا بأن شيئًا ثمينًا فقدته منذ زمن سيعود لها، وما هي إلا عدة أيام وتخبرني رحمها الله بأنها وجدت ذهبًا كان ضائعًا منها منذ سنوات، وكان السر في فك رموز تلك الرؤيا ومن أقواها التابوت، والتابوت ذكر في القرآن الكريم مرتين، منها قوله تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ), وفي قوله تعالى: (بقية مما ترك آل داود) يعني شيئا قديما والتابوت كان ثمينًا وعظيمًا عند بني إسرائيل.

والتفسير علم شامل يهتم بجميع أمور حياة الإنسان وليس بجانب واحد فقط فهي أما خير تدلنا عليه وإما شيء تحذرنا الرؤيا منه عموما، الى جانب كونهم متمكنين من العلم الشرعي أيضا.

ولكل علم قواعد وضوابط وأساسيات، وطالما أننا نتكلم عن أمور في الشريعة الإسلامية ، فلا شك أن مرجع ذلك كله هو القرآن والسنة النبوية بالدرجة الأولى.

وإذا تكلمنا عن استخراج الفوائد من النصوص الشرعية (القرآن والسنة وما صح من آثار) فهذا يدخلنا في موضوع آخر وهو الاستنباط.

والاستنباط بحد ذاته هو علم منفصل كليا، وله ضوابطه وعلمائه وأساتذته ورأيي المتواضع أن الاستنباط هو جوهرة العلوم فلا يصل له إلا من محصَّ جيدًا في دراسة العلوم الشرعية، والناس درجات في هذا وفي كلٍ خير.، أذكر عدة أمثلة يسيرة في استنباط القواعد من كتاب الله العزيز.

نجد في سورة يوسف عليه السلام في قوله تعالى: ( يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك )....

انظر هنا، النصيحة فيها تحذير، وهذا شيء واضح، ولكن هنا نقطة جديرة بالذكر بل تعتبر هي الأمر الجديد المستنبط، فمع أن يعقوب -عليه السلام- حذر يوسف -عليه السلام- من قص الرؤيا على إخوته، لكنه لم يشوه صورة إخوته أمامه فاكتفى بالتحذير فقط، فلم يتهمهم و لم ينقص من قدرهم ولم يسبهم.

وفي هذا توجيه للمعبر بأن يكون حذر أن يكون التعبير كله مفيد فلا يتعرض لأحد بسب أو فضيحة عياذًا بالله.
ومنها فائدة مستنبطة واضحة وهي عدم قص الرؤيا على أي أحد.

فخرجنا من آية واحدة بفائدتين، بالطبع هناك فوائد أخرى ولكن هذا مثال يسير أحببت أن أبينه.

وإذا رأى الإنسان حلم وكان هذا الحلم مزعج فإنه يعكر عليه صفو يومية كله ويجعله غير مطمئن ويفكر فيه بل ويقلق أحيانًا.

هذا إن لم يمتدد هذا القلق لعدة أيام ولعله يزيد، ولذلك حذرنا الشارع الحكيم من هذه الأحلام ومن أمور كثيرة تخصها فلا تقص إلا على عالم بها وعليه الأخذ بالخطوات الصحيحة المذكورة في السنة النبوية، مثل النفث والاستعاذة بالله مما رأى.

فإذا كانت الأحلام تزعج وتخيف الإنسان فلا شك أنها تدخل عليه السعادة أيضا إذا كانت جميلة ومعناها يبشر ويفرح .

والأحلام والرؤى تجذب الكثير ومن كافة الطبقات والمراتب ومن كلا الجنسين ، لكن الاهتمام بها يزيد قليلا عند النساء لعل لأن شعورها أقوى من شعور الرجل فهو أقرب للشفافية وخصوصا أن كنت أمًا ويكون أصدق أن اقترن ذلك بصلاح، ولعل حب الاطلاع على الأمور فالنساء يهتمون بهذا أكثر من الرجال.

ولعل لعددهم سبب في ذلك أيضا، فهمن أكثر بكثير من الرجال ولذلك تجد اتصالاتهم أكثر على مستوى البرامج التلفزيونية عموما، سوءا كان ذلك للتفسير أو للفتاوى أو الاستشارات ، والظاهرة تعتبر أمر صحي طبيعي جدا .

ولكى أستطيع تفسير حلم بقاعدة مستنبطة من رؤيا يوسف -عليه السلام فالأمر يحتاج تركيز واستقراء في مصادر التشريع الأساسية في المقام الأول، أنا أقول في المقام الأول بمعنى أن هناك مصادر أخرى يستفاد منها ولكن تأتي بالدرجة الثانية، مما يعني أنها إذا استعملت في القياس سوف يكون القياس من الدرجة الثانية.

إذا ركزنا في رؤيا يوسف -عليه السلام- سنجد أن جميع رموزها مرتبطة مع بعضها، نذكر الآية التي جاءت فيها رؤيا يوسف -عليه السلام- حتى يكون الشرح أوضح:(إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)
لاحظ ... كوكبًا ... الشمس .. القمر ... فهي ثلاثة رموز، ولكن بينها نقاط ترابط .... نبحث فيها، سنجد عدة روابط منها:
أولًا: جميعها في السماء.
ثانيًا: جميعها أجرام سماوية. ( كواكب ) بالمصطلح اللغوي.
وهناك أمور أخرى لكن دعني أعلق على ما سبق كمثال سريع، والمقصود من المثال السابق: أن الرؤيا يجب أن يكون بين رموزها علاقة وترابط وإلا لا تكون رؤيا.
فأول ما على المعبر أن ينظر فيه: هو ترابط رموز الرؤيا ترابط منسق وواضح، وهنا تأتي الخبرة كيف نستطيع أن نجد العلاقة بين الرموز، بل ونربطها بمعنًى واحد أو أكثر، ويكون هذا هو الأهم، لأننا سوف نستفيد منه في تعبير الرؤيا بعد ذلك.
جميلة هذه الوقفات، لكني أظن أن هذا يحتاج إلى جلسات لا وقفات، فالأمر يجمع بين المتعة وبين حب تعلم هذا العلم الجميل ، فالشعور عند سماع أو قراءة هذا الكلام يمزج بين الكثير.
والرؤى تفيد في شتى مجالات الحياة، على سبيل المثال رؤيا ملك مصر لما رأى رؤيا حيرته، وبعد مشاورات عرضت رؤياه على يوسف -عليه السلام- ولما أولها يوسف كان في تأويله إنقاذ لحياة الكثير من الناس بل لبلدة بأكملها، والعجيب أن الأمر كان فيه تخطيط لأربعة عشرة سنة، وكان ذلك خاص بكيفية الزراعة وتخزينها في المستودعات.

ومن يشكك فى تفسير الاحلام غالبا يكون لديه حجة خاصة أو ملحوظة هو رآها ... و يحتاج إلى حوار مع السائل أو مع من لا يرى بقص الرؤيا على معبر حتى نتعرف على حجتة ومجادلته في ذلك، لعل لديه وجهة نظر معينة يحتاج أن نسمعها منه.لكن عمومًا لم أجد دليل شرعي واحد يمنع الرائي من قص الرؤيا على المعبر.

بل أن التحدث بالرؤيا هو الأصل والطبيعي أيضًا، ويتضح هذا من حديث صحيح يقول فيه عليه الصلاة والسلام: (إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها ((وليحدث بها)) ) ... الحديث لاحظ لفظ الحديث وليحدث بها، أي يحدث بها من هو أهل لتعبير الرؤى.فهذا نص واضح الدلالة وبين بل وصحيح.