الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غادة حمادة‎ تكتب: الثورة اللقيطة والبحث عن أب

صدى البلد

كان هناك قرار قد اتخذ بليل.. لا أعرف بالتحديد من اتخذه ولكنه حدث بالفعل.. وهو ان تقوم السوشيال ميديا بإشعال انتفاضة وثورة علي الشرطة المصرية وممارساتها العنيفة التي تم الترويج لها سابقا ببراعة .. وذلك في يوم عيد الشرطة في ٢٥ يناير ٢٠١١... قام بها مجموعة من الشباب المدرب الممول خارجيا تحت إشراف الدول التي تسعي لاسقاط انظمة الشرق الاوسط.

فماذا كان واقع الشارع المصري؟؟؟

كان كالقارورة المغلقة علي حافة الانفجار تحت ضغط حرارة الظلم وانتشار الفساد والمحسوبية وسيطرة رجال الأعمال والسعي لتوريث الحكم.. فاستقطبت حملات السوشيال ميديا الممولة شبابا صدقهم.. شبابا عاني من التهميش وضياع الأمل.. شبابا يريد التعبير عن غضبه وإن كانوا لم يعلموا نواياهم الحقيقية ولا خلفياتهم ولا أهداف من يقف وراءهم... خرجوا الي الشوارع للثورة علي الشرطة..

وأحجم الاسلامجية... اخوان وسلفيون.. عن المشاركة بحجة عدم مشروعية الخروج علي الحاكم... وأعلنوها صراحة "لن نشارك"... ووقفوا بعيدا يراقبون تطور الأحداث لاختيار اي جهة ستنتصر لينحازوا إليها.

ولكن ردة الفعل الدولية علي قبول تلك الثورة أثارت شهية الاسلامجية للإنضمام إليها والركوب عليها والوقوف كتفا بكتف مع شباب في عرفهم واعتقادهم انهم مجموعة من الليبراليين والعالمانجية واليسارجية المنحلين... وتطور صوت الشارع من الثورة علي الشرطة الي الشعب يريد اسقاط النظام..

وذلك بالطبع بعد ظهور الطرف الثالث الذي علمنا اليوم من هو بالتحديد.. الذي اقتحم السجون وهاجم اقسام الشرطة ورمي المولوتوف وأحرق المنشآت واطلق القناصة علي الشباب ودهس المتظاهرين.. 

وتم اطلاق الإشاعة التي انتشرت كالنار في الهشيم ومن وراءها قناة الجزيرة بأن حبيب العادلي ورجال نظام مبارك وراء كل تلك الممارسات والفوضي لإرباك الشارع وبقاء نظامهم... فازداد الشارع اشتعالا... وخرج اوباما الذي يبدو ان سياسته من الاساس كانت وراء حملة شباب السوشيال ميديا الممول... ليطالب مبارك بالتنحي الآن.. 

ولم يجد جيش مصر... الحصن المنيع والسند الدائم... مفرا إلا الانحياز لمطالب الشعب وثورته في الشارع والاستجابة لدعوته بتنحي مبارك... فتم إعلان التنحي وتنصيب المجلس العسكري مؤقتا لتحمل شؤون البلاد... وظن الجميع ان الثورة قد انتصرت... ولكن في الواقع انها لم تنتصر لعدم ظهور اب شرعي لها..

وظهر المنتفعون... كل يريد لعب دور الأب الشرعي... البرادعي بغطرسته وغروره ونرجسيته وتاريخه الاسود في حرب العراق... شباب السوشيال ميديا المدرب والممول وعلي رأسهم وائل غنيم المصاب بمرض عشق الانتباه كما قال عن نفسه... ابو الفتوح الارهابي المتلون وهو يلبس عباءة الحمل الوديع الاسلامجي الوسطي الديمقراطي... حمدين صباحي باسطوانته الاشتراكية السطحية التي عفي عليها الزمان منذ الستينات.

ولم يلحظ أحد بلطاي وهو يقف بعيدا... جماعة الإخوان المسلمين ومن خلفهم السلفيون ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض بعد ثمانين عاما من الإنتظار والعمل في الظلام... وقدم أقطاي الملف كاملا... قدم ملف الخيانة والعمالة لتنفيذ المخططات الاستعمارية في مقابل الوصول للحكم.. وقدموا لأسيادهم فروض الولاء والتبعية كعادتهم وموافقتهم علي كافة المخططات المرسومة ليكونوا هم الأب الشرعي لثورة ولدت بدون أب..

وتم تدليس الأدلة وتحليلات الـ DNA لإثبات ابوة الإخوان المسلمين لثورة لم يكونوا صانعيها.. ويجنون ثمار معاناة شعب لم يجد فعلا من يحنو عليه... شعب يريد التغيير... فاختار جزءا ليس باليسير من المصوتين الاخوان المسلمين لأبوة ثورتهم تحت مسمي انهم "ناس بتوع ربنا"... فإن لم يكونوا الأب الشرعي لثورتهم فسيكونون ابا صالحا بالتبني لما ادعوه عقودا بتقواهم وصلاحهم واهليتهم للحكم بالعدل... ولكن تساقطت ورقة التوت سريعا... وفي اقل من عام تم اثبات فساد الأدلة ونفي الأبوة وخرج من ثنايا هذا الظلام الاب الشرعي لهذه الثورة.

الشعب... المواطن المصري الاصيل بجميع طوائفه هو الاب الشرعي لثورة التغيير... الشعب الذي خرج في ٣٠ يونيو ليعلن رفضه للاب المزيف ويقدم اوراق ثبوت ابوته واهليته واستعاد الولاية في ان يأخذ بناصية الامور واختيار من يقود التغيير... اعلن الشعب انه اصبح ناضجا قد أثقلته التجربة وأنضجته المعاناة واصبح المسئول الشرعي عن اختيار قائده للتحرك للأمام وإصلاح ما أفسده المنتفعون والمخربون والارهابيون... ووقف الجيش خلف اختياره كالعادة كالبنيان المرصوص ليساند مطالبه... واختار المواطن المصري من يتحمل عبء المسئولية بكامل إرادته... اختار السيسي ليكون رئيسا شرعيا للمرحلة القادمة.

ولكن ظلت طيور الظلام لا تعترف بتلك الخطوة.. فاستمرت تعمل باجتهاد وبدون كلل او ملل ومن ورائها قنوات الشر وكل الابواق الاعلامية المناوئة لاستقرار مصر ونجاتها من مؤامرة السقوط والتقسيم... وتجمع كل هؤلاء مع مدعي الأبوة السابقين من انصار الاخوان لأولاد مبارك لنشطاء يناير لطالبي الزعامة... تجمعوا سويا في بوتقة واحدة لاثبات عدم ابوة الشعب لثورته وقصوره في الاختيار الصحيح وفرض الولاية عليه لعدم مقدرته علي تقرير مصيره.

قاموا ببث السموم ونشر الشائعات لإسقاط حق هذا الشعب في الاختيار والاستمرار والاستقرار... ظلوا باستمرار في تدليس أدلة للفشل وإدعاءات الفساد ومؤشرات السقوط لهز ثقة الشعب في اختياره ويقينه في المستقبل... فسلطوا ببراعة الاضواء علي اجراءات الاصلاح الاقتصادي ونتائجها المؤلمة علي المواطن البسيط كقرينة للفشل علي شعب ظل سنين يعاني من شح الموارد وضآلة الدخل وافتقار العدل وانحسار الصبر..

وقدموا كل فترة بديلا لأب جديد... واحدا تلو الآخر... فيتجمع خلفه بعض ممن يعانون من قسوة الاصلاح الاقتصادي والمتضررين من محاربة الفساد والموتورين من زوال حكم الإخوان وعديمي العقل والمنطق والرؤية الي جانب اصحاب الاجندات المرسومة خارجيا لاستكمال مسلسل سقوط المنطقة التي تحميها مصر كالسد المنيع...

فلا تتعجبوا لو تجمع كل هؤلاء وراء أي اسم... حتي وإن كان بلا تاريخ بلا علم بلا ثقافة بلا خبرة بلا وطنية بلا شرف... حتي وإن كان موتورا او خائنا او مريضا نفسيا او تافها ساعيا للزعامة... لينصبوه قائدا وأبا شرعيا ورئيسا لثورة ولدت سابقا بدون أب معلوم...

ولكنهم لم يدركوا انها ثورة قد فطمت ونضجت وشقت طريقها... ثورة قدمت وسائلها المتاحة للنجاح والعمل بكل حزم وجدية لتبني وطنا خلفه رئيس شرعي اختاروه بمحض إرادتهم ليقود سفينة الوطن لبر الامان... شعب قوي اصبح ناضجا لا تؤثر فيه الشائعات والمؤامرات وهيستيريا المخنثين.

لدي يقين من الله سبحانه وتعالي بأنه لن تنجح جميع طيور الظلام مجتمعين لإعادة هذا الشعب الي متاهة وتخبط ما بعد يناير ٢٠١١ في البحث عن زعيم لينضووا تحت لوائه... لن تنجح جميع المخططات والتدابير التي تحاك بأيدي قذرة لا يهمها الا ان تجني ثمار وثمن خيانتها من دم واستقرار وتقدم هذا الشعب الذي تحمل صابرا مرفوع الرأس كل الألم والمعاناة وحارب بشراسة كل مؤامرات طيور الظلام.