الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر أفقدت أردوغان توازنه.. معهد واشنطن: الرئيس التركي مرعوب من مصير حكم الإخوان.. ثورة 30 يونيو وضعت كلمة النهاية لأطماع أنقرة التوسعية في المنطقة.. والعنف لغة وحيدة مع المعارضة التركية

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

أردوغان سارع لبناء نفوذ في مصر عقب عزل مبارك
الإخوان مارسوا إقصاءً فجًا للقوى السياسية خلال فترة حكمهم في مصر
30 يونيو حولت تركيا من لاعب إقليمي إلى دولة غارقة في مشكلاتها الداخلية
أردوغان اعتمد القمع أداة وحيدة مع المعارضة التركية خوفًا من مصير مرسي


نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى تقريرًا سلط الضوء فيه على أثر الثورة في مصر ضد حكم جماعة الإخوان في 30 يونيو 2013 على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظامه، وكشف حجم الرعب الذي انتاب أردوغان من احتمال ملاقاة مصير مشابه داخل تركيا.

وبحسب المعهد، فخلال بداية الانتفاضات العربية، بدا أن حظوظ أنقرة تزداد بالفعل في أرجاء هذه المنطقة ذات الأغلبية العربية. وبعد تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، سارع أردوغان (رئيس الوزراء آنذاك) لبناء نفوذ في القاهرة، ثم في عواصم إقليمية أخرى.

وفي ذلك الوقت، وضع كل رهاناته على محمد مرسي، إسلامي سياسي زميل عضو بجماعة الإخوان، وكان مرشحًا للرئاسة في مصر. ولاحقًا، اكتسب أردوغان نفوذًا كبيرًا في القاهرة بعد وصول مرسي إلى كرسي السلطة في مصر في يونيو 2012. غير أنه عقب عزل مرسي في صيف عام 2013، خسر أردوغان بين عشية وضحاها مكاسبه التي حققها في مصر بصورة كاملة تقريبًا.

وفي الوقت الذي بدأت فيه قبضة مرسي على السلطة بالانزلاق، تراجعت طموحات أردوغان بإقامة شراكة استراتيجية مع مصر. فبعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة، تحرك مرسي على عجل للاستيلاء على السلطة، ومنح نفسه سيطرة قضائية فوق أي محكمة مصرية ومارس ضغوطًا لإقرار دستور جديد صاغه بشكل رئيسي إسلامويون، من خلال استبعاد جماعات أخرى في مصر.

إن السرعة التي تمكّن فيها مرسي من فرض نفسه كحاكم مصر الوحيد في أقل من عام جعلت تراكم السلطة التدريجي الذي يطبقه أردوغان في تركيا منذ عام 2003 يبدو متواضعًا بالمقارنة.

ومن الغريب أن أحداث "الربيع العربي" - وبالتحديد عزل مرسي من خلال اندلاع حركة احتجاج شعبية - كان لها صدى قوي في السياسة الداخلية التركية وذلك من خلال توجيه تفكير أردوغان باتجاه المعارضة.

وفي مايو 2013، سرعان ما أصبحت الانتفاضة الشعبية في إسطنبول - عُرفت باسم "حركة حديقة جيزي" - والتي تظاهرت ضدّ إقدام حكومة أردوغان على تدمير منتزه تاريخي، مصدرًا للتعبئة الجماهيرية ضد الزعيم التركي.

وكان الخوف لا يزال يعتري أردوغان من أن بتم عزله هو أيضًا، على الرغم من أنه كان قد حيّد "القوات المسلحة" التركية. ويعود سبب ذلك إلى عيش أردوغان في خوف دائم من إمكانية عودة الجيش التركي - الذي كان قويًا ذات مرة - إلى الحياة السياسية.

وبدا أن أسوأ كوابيسه أصبح حقيقة - تمامًا كما تصوّره - في صيف عام 2013، بينما كان مرسي يخسر نفوذه من خلال حركة الاحتجاجات الشعبية. وخشيَ أردوغان من أن ما حدث لمرسي كان على وشك أن يحدث له أيضًا، وبالتالي قمع بعنف التجمعات المناصرة لـ "حديقة جيزي".

وقد أدّى العنف الذي اتسمت به عمليات القمع إلى تسميم السياسة التركية، مما تسبّب بحدوث صدع بين نصفيْ البلاد: النصف الأول الذي يجلّ الزعيم التركي ويعتقد أنه لا يخطئ، والثاني الذي يبغضه ويعتقد أنه غير قادر على القيام بأي شيء صائب. وأدت الأزمة التي أعقبت ذلك إلى حدوث توترات محلية عميقة، استنزفت طاقة تركيا وقوّضت قدرة أنقرة على بسط نفوذها السياسي بالكامل في الشرق الأوسط.

وهكذا، في عام 2013، تحوّلت تركيا من كونها دولة رائدة محتملة في المنطقة إلى دولة غارقة في مشاكلها الداخلية الخاصة. وفي الوقت نفسه، فإن نهاية مرسي وغيره من القادة والحركات المرتبطين بجماعة الإخوان في الشرق الأوسط والمدعومين من أردوغان قد تركت أنقرة شبه محرومة من أي حلفاء أو أصدقاء في المنطقة.

وأعاد أردوغان وقيادة حزبه، «حزب العدالة والتنمية»، حسابات سياساتهما الداخلية والخارجية بعناية منذ عام 2013 من أجل التعامل مع القضايا الملحة في تركيا والخارج. وترك انعكاس احتجاجات "حديقة جيزي" وعزل مرسي في مصر أثرًا دائمًا على قيادة أردوغان في تركيا.

فقد واصل الزعيم التركي قمع الاحتجاجات والمعارضة في بلاده بعد عام 2013 وحتى يومنا هذا. وعلى صعيد السياسة الخارجية، وقف أردوغان في وجه دول الخليج، محاولًا التأثير على نتائج الانتفاضات العربية من خلال دعمه الحصري لجماعة الإخوان.