الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يحيى ياسين يكتب: تجنيد وتفنيد ‎

صدى البلد

ما إن وعيت يا ولدى على وجه البسيطة وأنت تُقيّم بعدة أوراق كلما ازددت عاما تزيد من قيمتك، حتى إذا انتهيت وأفنيت ثلث عمرك الافتراضي في التعليم استوجب عليك تلبية نداء الوطن في حمايته وحرسه.

لا عليك من تيه العيش عقب تخرجك، ولا يضيرك ضيق الأفق من حولك من ضيق الرزق وسوء المنقلب وتزاحم الدنيا على ظهرك بعد أن أصبحت بالعيش مسؤولا تريد أن تكون رجلا ذا أسرة ينفق كنظرائه.

قليلا يستوجب عليك الترجل من مصلحة إلى أخرى في مشهد عبثي بامتياز يمثل أسوأ أنواع البيروقراطية الحكومية، ما إن استلمت شهادة تخرجك إلا وقد ذقت المرار مرات عدة فإذ بك تستخرجها ثم توثقها حتى يمن عليك موظفو الكلية بمنحك إياها ويا حبذا لو أنجزت كل ذلك في يوم واحد! كأنك فزت بما لم يفز به أقرانك.

ليس ذلك فحسب، إنما تستخرج شهادة لميلادك بعد أن تقضي يوما في طابور السجل المدني، ثم تتجه يمينا أن ترى صحيفتك الجنائية لعلها لن تكون نظيفة، ولا بأس بقليل من الأدمغة المكلفة، قرابة المليون من خريجي الجامعات ومثلهم من المعاهد المتوسطة والدبلومات يصطفون تحت أشعة الشمس فمنهم من التجأ لركن يستظل من الحر وآخر بائس وجميعهم يتلفتون في وجوه بعضهم لا ترى سوى البؤس والقهر.

مرحا لو انتهيت من هذه الورقة كي تتجه للأخرى، وويحك ثم ويحك إن كان بإحدى أوراقك خطأ مقصود أو غير مقصود ستكبد نفسك عناء الدائرة من البداية كأن لم تفعل شيئا، لا أدري لماذا لا زلنا ندور في دائرة البيروقراطية وقد تحوسبت كل الجهات الحكومية في القرن الحادي والعشرين!

أليس من الأجدر أن يخاطب مكاتب التجنيد كل الجهات لإرسال أوراق المجندين الجدد ثم يدفع كل واحد منهم كُلفة الأوراق توفيرا عليهم وعلينا!

قصصت ما مررت به على أحد أصدقائي الإنجليز فدُهش مني قائلا "لماذا لم ترسل لهم إيميل" !
فقطعت جهيزة قول كل خطيب.