الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العنف ضد المرأة .. أسبابه وأشكاله وعلاجه

العنف ضد المرأة ..
العنف ضد المرأة .. أسبابه وأشكاله وعلاجه

العنف ضد المرأة .. قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن التقرير الصادر عن الأمم المتحدة ، يؤكد أن ما يقرب من ثلث النساء والفتيات يتعرضن في حياتهن للعنف البدني أو الجنسي.

أشكال العنف ضد المرأة
وأضاف المرصد في تقرير له، أن نصف النساء اللاتي قُتلن حول العالم قد قتلن على أيدي أسرهن أو شركائهن، وأن العنف المرتكب ضدهن هو أحد الأسباب الشائعة للوفاة والعجز مقارنة بمن يتوفون بسبب السرطان والأمراض المعدية وحوادث الطرق، أو حتى خلال عمليات الوضع.

استشاري علاقات أسرية عن العنف ضد المرأة: " يتم اغتصاب فتاة كل 7 دقائق في فرنسا"

وتشير التقديرات إلى أن 35% من النساء في جميع أنحاء العالم قد تعرضن لصورة من صور العنف في مرحلة ما من حياتهن، بينما تظهر بعض الدراسات أن ما يقرب من 70% من النساء قد تعرضن للعنف البدني أو الجنسي خلال حياتهن.

كما تمثل النساء البالغات ما يقرب من نصف ضحايا الاتجار بالبشر - حوالي 49% - على مستوى العالم، وتمثل النساء والفتيات مجتمعة 72%.

وتشير كذلك إلى أن ما يقرب من 650 مليون امرأة وفتاة حول العالم قد تزوجن قبل سن 18 عامًا، وذلك رغم الانخفاض في المعدل العالمي لزواج الأطفال، حيث شهدت منطقة جنوب آسيا انخفاضًا ملحوظًا خلال العقد الماضي، ومع ذلك، فإن ما يقرب من 12 مليون فتاة تقل أعمارهن عن 18 عامًا يتزوجن كل عام في أفريقيا، وغالبًا ما يؤدي هذا الزواج إلى الحمل المبكر والعزلة الاجتماعية، والانقطاع عن الدراسة، ويحد من فرص الفتاة ويزيد من خطر تعرضها للعنف المنزلي.

أسباب العنف ضد المرأة
"العنف الجنسي ضد النساء والفتيات يستمد جذوره من هيمنة الذكور التي دامت قرونًا من الزمن، ويجب ألا يغيب عن أذهاننا أن أوجه عدم المساواة بين الجنسين التي تغذي ثقافة الاغتصاب هي في الأساس مسألة اختلال في موازين القوة"... جملة وردت على لسان "أنطونيو غوتيريس"، الأمين العام للأمم المتحدة بشكل واضح وصريح، وتُعَبِّر كليًا عن الواقع والسبب الرئيس فيما تعانيه المرأة عبر العالم.

وقال المرصد إن الثقافة الذكورية المنتشرة في عدد من المجتمعات - لا سيما الشرقية منها - والتي ترى في المرأة العنصر الأضعف إنسانيًّا، والكائن الذي خلق فقط لتلبية احتياجات الرجل وتحمل تقلباته وطباعه، كانت بمثابة البيئة الخصبة لتنامي هذه الظاهرة. كذلك التحيز الواضح للرجل على حساب المرأة والتفرقة في المعاملة بينهما منذ النشأة الأسرية، والتي يقوم فيها رب وربة الأسرة بالتفريق في المعاملة بين أبنائهما من الذكور والإناث، وما تولده هذه التفرقة من إحساس الابن بالتفوق المبني على النوع وما يترتب على هذا الإحساس من تعامل بفوقية مع شقيقته في البداية، ثم زميلته فزوجته فابنته.

وذكر أن هناك سببا آخر أشارت إليه بعض التقارير ويعود أيضًا إلى طبيعة البيئة التي نشأ فيها الرجل، حيث أشارت هذه التقارير إلى أن الرجال الذين يمارسون العنف ضد المرأة أغلبهم قد شاهد خلال طفولته والده وهو يعنف والدته ويمارس ضدها العنف بصوره المختلفة. هذه السطوة بمثابة الأداة التعجيزية وحجر العثرة الذي يقف في طريق المرأة والفتاة في حال ما حاولت الإبلاغ عما تتعرض له من عنف وتعنيف. وفي هذا الصدد أشارت بعض التقارير إلى أن أقل من 40% من النساء اللاتي يتعرضن للعنف يطلبن المساعدة. ويعود هذا كما ذكرنا إلى السطوة الذكورية وإلى أن الجاني في بعض الحالات يكون فردًا من أفراد الأسرة، أو حتى بسبب خوفها من العار والفضيحة وذلك في حال تعرضها للتحرش أو الاغتصاب. وأن القليلات منهن تلجأن إلى المؤسسات الرسمية مثل الشرطة.

وتتعرض المرأة كذلك للعنف بسبب بعض الإجراءات الإدارية والقانونية والتي تساعد في تنامي حجم الظاهرة ضدها، ففي باكستان على سبيل المثال تعتبر الناشطات الباكستانيات في مجال حقوق المرأة أن مراكز الشرطة النسائية التي يتم إنشاؤها لتكون معنية بمتابعة مثل هذه الحالات يتم إنشاؤها في المدن في حين أن أغلب حالات العنف تحدث في القرى والمناطق الريفية. هذا إلى جانب سطوة العديد من الجماعات الإسلامية والعرقية المتشددة، للدرجة التي تمكنها من الوقوف أمام أي محاولة حكومية لإصلاح الوضع، فعندما حاول البعض تمرير مشروع قانون لتجريم "العنف الأسري" ضد المرأة، عارضته الجماعات الدينية المتشددة والعلماء والسياسيين المنتمين لها؛ بسبب أنه "يخالف الشريعة الإسلامية"؛ حسب زعمهم.

علاج العنف ضد المرأة
إلى جانب إصدار 144 دولة لقوانين تجرم العنف المنزلي، وامتلاك 154 دولة لقوانين خاصة بالتحرش، تسعى العديد من الدول إلى تحجيم هذه الظاهرة والحد من حدوثها؛ لما لها من تأثير مباشر على سلامة الأسرة، وبالتالي الصحة النفسية للمجتمعات ككل، ولعل باكستان واحدة من تلك الدول التي تكافح من أجل تحقيق هذا الهدف. فمؤخرا، وعلى الصعيد القضائي أعلن كبير قضاة باكستان - مؤخرًا - إنشاء 1000 محكمة للتعامل مع قضايا العنف ضد المرأة.

وعلى الصعيد البرلماني وفي نهاية عام 2018 تم تقديم مشروع قانون - في إقليم خيبر بختون خواه - يقضي بتجريم الزوجة التي تتورط في اتهام زوجها بتهم باطلة مثل تهمة التورط في العنف الأسري، بالغرامة التي قد تصل إلى 30 ألف روبية، ومعاقبة الزوج بدفع غرامة تصل إلى 50 ألف روبية، والحبس لمدة ثلاثة أشهر، في حال تورطه بالفعل في مثل هذه الجرائم.

كما وافقت اللجنة الدائمة لمجلس الشيوخ في عام 2017 على مشروع قانون يسعى إلى رفع سن الزواج القانوني للنساء من 16 إلى 18 عامًا بأغلبية الأصوات.

موقف الإسلام من العنف
وأكد المرصد، أن الإسلام عزز من قيمة الرحمة ومن أهمية نشرها بين عباده، وأرسل رسوله بالهدى وليكون رحمة للعالمين. ونخص بالذكر هنا المرأة الأم والابنة والزوجة. والأخيرة قال فيها عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}... وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}. كما أمر خير خلق الله صلى الله عليه وسلم بحسن معاشرتها، مبيِّنًا أنَّ الخيرية الحقيقية للإنسان في حُسن المعاشرة، وطيب المعامَلةِ؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي». كما أوصى صلى الله عليه وسلم‏ بالنساء بشكل عام، ووصفهم بالقوارير، وأوصى بحسن معاملتهم وذلك خلال خطبة الوداع.

وقال إن العنف ضد المرأة بكافة صوره مخالف للشريعة الإسلامية ولنصوصها الصريحة، ولابد من تضافر كافة الجهود من أجل انتزاع هذه الثقافة البعيدة كل البعد عن روح الدين وروح الإنسانية؛ حتى نضمن تأسيس مجتمعات سليمة نفسيًّا وخلقيًّا وروحانيًّا.