الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. يسرا نصرالله تكتب.. زواج على ورق

صدى البلد


لم يكن انتشار حالات الطلاق في الوطن العربي بالمثير للاهتمام على قدر ظاهرة أخرى تنتشر بين الأزواج كالنار في الهشيم؛ ألا وهي الطلاق الصامت!.
يتحدث أحدهم عنها قائلًا: أنا ومراتي منفصلين وعايشين مع بعض تحت سقف واحد زي الأخوات.

وأخرى تقول: أنا وجوزى مبقاش في حياة بينا ومش قادرين نتطلق علشان خاطر الأولاد..
ثم تستطرد قائلة:
أحنا حياتنا بقت مستحيلة مع بعض بس مينفعش نتطلق عشان بنتنا وسمعتها لحد ما تتجوز.
وما أكثر هذه العبارات وغيرها مما يقال تعريفًا لمبدأ الطلاق الصامت.
إذن فالطلاق الصامت هو بلوى تصيب العلاقات الزوجية يشعر فيها الزوجان بغياب المشاعر وعدم القدرة على التكيف وعدم قبول الآخر، على الرغم من بقائهما سويًا تحت سقف واحد وعقد واحد، يربطهما الخوف من المجتمع والافتقار إلى الخيال الكافي لابتكار مسارات جديدة.
علاقة زوجية انتهت صلاحيتها يعيش كل طرف فيها بمعزل عن الآخر.. فلا تواصل ولا ترابط ولا رحمة ولا مودة.. لكنها مستمرة على الرغم من ذلك.. خوفًا من كلام الناس!
هو أخطر إذن من الطلاق الفعلي، فاللحمة الفاسدة لم يتخلص منها بل بقت في مكانها تفوح رائحتها الكريهة لتؤذي أطرفًا أخرى لا علاقة لها بفساد اللحم.

فينتج عنه الكثير من الآثار السيئة والمدمرة لنفسية الزوج والزوجة فضلًا عن الأبناء... يدرك الطفل مع الوقت أنه يحيى في مسرحية درامية يتم عرضها وتكرار أحداثها يوميا دون ملل ودون أن ينزل الستار في النهاية.
يتكيف الزوجان مع الوقت ويبقى الطفل ليعاني في عالم مسرحي غير حقيقي وفي بيت لا يضمن له الهروب الآمن من واقع الحياة القاسي خارج المنزل..
ثم يتحملون بعد ذلك تنفيس مشاعر أهلهم السلبية عليهم...
والنتيجة هي أطفال يعانون من الانحرافات السلوكية والأخلاقية والنفسية.
وآباء يلجئون إلى الخيانة الزوجية تعويضًا عما افتقدوه في بيوتهم من اهتمام وحب ومودة.
للطلاق العاطفي أسباب عديدة.. منها ضغوط الحياة المادية والاقتصادية التي يتعرض لها الزوجان، وصعوبات الحياة المتلاحقة.. فينشغل كلاهما بتوفير احتياجات ومستلزمات البيت والأولاد المادية... فلا قيمة حينئذ لأي احتياج عاطفي يطلبه الطفل.
ويأتي بعد ذلك غياب التواصل وعدم الاعتراف بالسلبيات والنقاش في المشكلات للتوصل إلى حلول ... فنجد كل طرف منهما يرى صواب رأيه فقط وفساد رأي الآخر.. ويبدأ في كيل الاتهامات وتحميل المشاكل كلها لطرف واحد.
ثم تأتي الأنانية في العواطف... وهذه أحدى أكبر وأهم أسباب الطلاق العاطفي الصامت فتجد أحدهما يبحث فقط عما يرضيه دون تقدير لمشاعر ونفسية الطرف الآخر
دون مراعاه مشاعر ورغبات الآخر و علي الرغم من أن أهم أسباب السعادة الزوجية هو التفاهم نجدهم يتشاجرون على تفاهات التبلد والإهمال و الأنانية.. تفاهات
خلقها سوء التواصل وعدم مراعاة الآخر.
ويترتب على ذلك محاولات التقليل من شريك الحياة أمام الغرباء، ومحاولة كل شخص الاستهزاء من الآخر أمام الناس واعطاء الفرصة لهم للتدخل في شؤونهم الزوجية، فتجد المرأة تستمع لأي شخص، أم أوصديقة أوقريبة لا تدرك عن حياتها شيئا، وكذلك الرجل.. يدخل أهله وأصدقائه فيزداد الأمر سوءا بعد استماعهم لنصائح غريبة عن مشاكلهم وواقعهم تزيد الأمر تعقيدًا.


واذا فشلوا في ذلك يمكنهم
ويفضل الا يكون الام او الاخت لأن المرأة بطبيعتها كائن رقيق حساس ينحاز لمشاعره وعواطفه خصوصا اذا كانت المشكلة تخص الابن أو الابنة فلا يكون التحكيم منصفا وعادلا وغير حياديا خوفا من الانحياز لأحد الأطراف دون الآخر
وهناك طرق لعلاج ذلك منها اللجوء إلي مرشد نفسي أو خبير علاقات زوجية أو شخص حكيم محايد ذو عقل راجح من المقربين، والاستماع وتنفيذ ما يقول.
تأتي بعد ذلك أهمية زيادة الصراحة والوضوح والتواصل المستمر بين الزوجين وخلق لغة حوار وتفاهم مشتركة،
وذلك لمحاولة فهم حقوق الآخر وواجباته ومخاوفه وأفكاره ومشاعره... ففهم هذه التفاصيل يساعد على خلق حالة من الترابط الشعوي الكافي لحل أية مشكلة تواجههم مع الوقت ... عبر التوصل إلي حلول ترضي جميع الأطراف وتراعي احتياجات كل طرف من الأطراف دون أنانية.
وفي النهاية تتضح أهمية التغير المستمر وكسر الروتين ومشاركة الطرف الآخر هواياته واهتماماته واستعمال الكلمات الجميلة والتعبير عن الحب بالكلام والهدايا والمدح الدائم... فذلك كاف للوصول لحياة سعيدة ترضي جميع الأطراف.