الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"كش ملك" طارق شوقي


أبى وزير التربية والتعليم "طارق شوقي" أن يكون بيدق -جندي- شطرنج أو قطعة دومينو يُحركه لاعبون من عينة أولياء الأمور أو المعلمين أو الطلاب علي رُقْعَة التربية والتعليم، وبات مُقررا منذ أول يوم من تخطي "عَتَبة" الوزارة أن يكون اللاعب الوحيد الذي يقول "كش ملك" للجميع. 

فدخل ديوان عام الوزارة حاملا "أسفارا" مكتوبا علي غلافها بالبنط العريض "هذا كتابيه" يحمل بين دفتيه منظوره ورؤيته التي يُؤمن بها ائتمنته القيادة السياسية عليها، بمناهج جديدة رفعت شعار "افهم مش احفظ" تطبق علي مرحلة رياض الأطفال والأول والثاني الابتدائي، وأدخل التكنولوجيا في المذاكرة والتحصيل والامتحانات وبدأها من المرحلة الثانوية،وتدريجيا سينقرض النظام القديم.

ومازال "شوقي" يرى في تطويره المسمى بـ"2.0" خلاصا من الدروس الخصوصية والسناتر والكتب الخارجية "الآفة" التي تمكنت من جسد الأسر المصرية، فخربت الجيوب العمرانة، وجعلت المدارس "ملهي صباحي" للعب والتنزه ومقابلة رسمية للحبيبة والحبايب، وفيها عدد من الطلاب يخرجون لا يعرفون الألف من "كوز" الذرة! أو لا يجيدون الكتابة ولا القراءة! وآخرون يمارسون مُنكر التحرش بالمعلمين والمعلمات [إذا] فلا تربية ولا تعليم.


فوصلنا إلى أن أصبحت المدارس مناطق بائسة يندلع فيها الحرب الباردة بين بعض المعلمين من أجل الفوز ب"البرايفت ليسون- ورفع شعار "السنتر كامل العدد"، وباتت أسوارها مستعمرة للتسرب من التعليم، وباتت فصولها خاوية من البشر، وبات أثاثها لا يجلس عليه أحد، وبات المعلم من دخله الزهيد "يزوغ" من المدرسة ليلتحق بعمل أخر يسد جوع أبنائه ويساعده علي كساء أهل بيته. 


لكن المشروع الذي يراه الوزير متكامل الأركان، أخرون يرون أنه رَكَبَ عجلة السرعة ولم يلتفت إلى المقولة الشهيرة "في العجلة الندامة وفي التأني السلامة" وننصح الوزير دائما بأن ذبذبات الحس السياسي والتربوي له تفرض عليه النظر بعين الاعتبار إلى كل الآراء والمقترحات.


لكن عمليا بدء المشروع ينضج، وباتت الأسر المصرية تجني ثمار نجاج منظومة الربط الإلكتروني أو المعروفة إعلاميا "بالإمتحانات الالكترونية" التي فيها التابلت "وسيلة" ونظام التقييم الجديد الذي يعتمد علي قياس الفهم وليس الحفظ "هدف".


فمنذ انطلاق موسم الإمتحانات الإلكترونية لطلاب الصف الثاني الثانوي هذا العام، حقق "مشروع شوقي" نجاحا كبيرا باختبار أكثر من نصف مليون طالب حول الجمهورية من خلال الجهاز اللوحي "التابلت" رغم تربص البعض وانتظار البعض الأخر من سماع ضجيج أصوات الطلاب وأولياء الأمور إلا أن عدم سقوط المنصة أخرس ألسنتهم وكمم أفواههم. 


مجمل الصورة وأبعاد المشهد تؤكد أن مشروع الامتحانات الإلكترونية لـ"شوقي" أصابته حركات التحرر والإستقلال من السقوط و[لكن] يبقى أن نسمع منه "كش ملك" لرواتب المعلمين الزهيدة، ومشكلات المسمى الوظيفي، وتكدسات الطلاب في الفصول، والعجز الصارخ في هيئة التدريس، وننتظر منه الدور الصعب الذي يقفل لعبة الدروس الخصوصية، والسناتر، والكتب الخارجية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط