الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفريضة الغائبة..لجان المصالحات بسوهاج تفشل غالبا في تسوية النزاعات الخاصة بالميراث.. والمرأة ترفض الذهاب للمحكمة لعدم التشهير بأشقائها.. دراسة بحثية: 95% من النساء محرومات من الميراث

سبدة
سبدة

  • 95.5 من النساء في سوهاج وقنا محرومات من الميراث
  • داعية بالأزهر الشريف: الإسلام أنصف المرأة وبعض المسلمين يظلمونها
  • حرمان المرأة من الميراث فى الصعيد عادة تتوارثها الأجيال
  • أخ يقتل شقيقه الأصغر بمساعد أبنائه لمطالبته بالميراث باخميم

تعتبر قضية الميراث من القضايا الشائكة في مجتمع الصعيد، ويعتبر تطبيقها ضربا من الخيال، وغالبية الأسر في محافظة سوهاج، لا تورث النساء، ويمنح الاشقاء لشقيقاتهم ما يعرف "بالروضة" هو منح المرأة مبلغ من المال يحدده الأشقاء نظير التنازل عن ميراثها.

وترفض غالبية الأسر في سوهاج منح النساء حقها الشرعي الذي أقره المولى عز وجل، ويعتبرون أن انتقال الأرض التي تركها والدهم الي اشخاص اخرين بمثابة عار يلاحقهم، ونادرا ما تمنح عائلات النساء في حقها من الميراث.

وأحيانا نجد الخلافات تنشأ بين الأشقاء بسبب رغبة احد الاشقاء في الاستيلاء علي الميراث لنفسه وحرمان باقي أشقائه الذكور، وتتسبب تلك الوقائع في قطع روابط الدم بين الأشقاء ويصل الأمر الي وقوع جرائم قتل بسبب المواريث.

آخر جرائم الميراث في محافظة سوهاج سجلتها محاضر الشرطة منذ يومين عندما انهي نجار مسلح بمساعدة نجليه حياة شقيقه الأصغر داخل شقته بدائرة مركز أخميم بسوهاج، بعد تعديهم عليه بالضرب، بسبب مطالبة المجني عليه بحقه الشرعي في الميراث.

95.5 من النساء في سوهاج وقنا محرومات من الميراث

الدكتورة سلوى محمد المهدى، مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة قنا أعدت دراسة بحثية شملت محافظتي سوهاج تتعلق بالميراث وحرمان المرأة من حقها الشرعي، وكشفت الدراسة أن نسبة 95.5% من النساء فى كلتا المحافظتين "محرومات من الميراث"، بسبب الثقافة السائدة بأن الميراث سينتقل إلى أشخاص أغراب عن العائلة.

واعتبرت الدراسة، التى جاءت بعنوان: "ميراث المرأة فى الصعيد بين الواقع والمأمول"، أن المرأة فى المجتمع الصعيدى تعانى الظلم والقهر، بسبب ما تتعرض له من ممارسات العنف الاقتصادى، والتى تتمثل فى حرمانها من الميراث.

وأشارت الباحثة أنها أثناء دراستها لظاهرة حرمان المرأة من الميراث، اكتشفت أن هناك عددًا من القضاة ورجال الدين أكلوا حقوق شقيقاتهم، ورفضوا إعطائهن نصيبهن فى الميراث، وأوضحت أنه عندما تحدثت لإحدى السيدات، وحثتها على رفع قضية للحصول على ميراثها، أخبرتها السيدة بأن شقيقها قاضٍ، فلمن تكون الشكوى، وهو المخول بإعطاء حقوق الناس، ولا يعطى شقيقته حقها.
وأشارت الدراسة التي شملت محافظتى سوهاج وقنا، والتي ترتفع بهما نسب المرأة المعيلة وتعتبر من أعلى المعدلات على مستوى الجمهورية، حيث تصل نسبة "المرأة المعيلة" فى سوهاج إلى 24%، بينما تصل فى قنا إلى 22%، كما لفتت إلى أن هناك دراسة أخرى عن «التعداد الزراعى فى مصر لعام 2000»، أظهرت أن النساء لا يمتلكن إلا نسبة ضئيلة من الأراضى، مقارنة بالرجال، حيث تبلغ نسبة النساء المتملكات 7.5% من إجمالى النساء، وتبلغ جملة ممتلكاتهن 432 ألف فدان، بنسبة 5.1% من إجمالى الأراضى الزراعية، بينما يبلغ إجمالى ما يمتلكه الرجال نحو 8.4 مليون فدان.

وشملت الدراسة عينة عشوائية لـ 200 امرأة عاملات وغير عاملات، حاصلات على مؤهلات، ممن لهن ميراث، وتبين أن 92% منهن لديهن أبناء، وأظهرت الدراسة أن الأب هو "المورث الأول"، بنسبة 67%، بينما حصلت 20% على ميراثهن من الزوج، كما كشفت الدراسة أن 4.5% فقط من النساء اللائى شملتهن الدراسة، أخذن ميراثهن دون المطالبة به، وأن 59.5% تم حرمانهن من الميراث، بينهن 57% طالبن بميراثهن، مقابل 43% لم يطالبن به. 

وأثبتت الدراسة أن نسبة تُقدر بنحو 38% لديهن يقين بأنه من المستحيل حصولهن على ميراثهن، فى حين أن 29% اعتبرن أن تقاليد العائلة تمنعهن من المطالبة بميراثهن، و23% لم يطالبن بالميراث أساسًا حتى لا يخسرن أهلهن، و10% جاءت إجاباتهن مختلفة، حيث أجابت 3 سيدات بأن مطالبتهن للميراث ترتبط بـ"العيب"، وأن «الناس حتقول علينا إن أهلنا ماعرفوش يربونا، وفتحنا عنينا فيهم، وتجرأنا لنطالب بالميراث»، بينما أجابت 5 بأنهن اكتشفن أن والدهن كتب أملاكه لأبنائه الذكور فى حياته، حتى لا يقتسم معهم البنات بعد وفاته.

وأثبتت الدراسة وجود فروق بين المستويات التعليمية المختلفة فى المطالبة بالميراث؛ فكلما زادت درجة تعليم المرأة حرصت على المطالبة بميراثها بل وتصر على الحصول عليه كاملًا وترفض "الرضوة"، وهى فتات من الميراث يعطى للمرأة إذا ما طالبت بميراثها كترضية لها، ولابد أن توقع على مستندات رسمية بعدها بأنها حصلت على ميراثها كاملًا.

داعية بالأزهر الشريف: الإسلام أنصف المرأة وبعض المسلمين يظلمونها

قال الشيخ عمر مصطفى يونس، وكيل وزارة الأزهر بجنوب سيناء، واحد الدعاة من أبناء محافظة سوهاج، أن الإسلام أنصف المرأة، وأعطى لها حقوقها، إلا أن بعض المسلمين يصرون على إجحافها حقها، بالمخالفة لتعاليم الدين، إما عمدًا، أو جهلًا بالتشريع.
وأوضح يونس أن قائلًا إن: المال من متطلبات الحياة، التى لا غنى عنها، فقد حرص الله على بيان قسمته بين الورثة، مع الوضع فى الاعتبار حقوق وواجبات الفرد فى المجتمع من الجنسين، حتى لا تقوم النزاعات بين البشر، ويرتضى كل وارث بنصيبه، ما دام منزّلًا من عند الخالق عز وجل". 

وأضاف أن ما جاء فى النصوص القرآنية من فروق بين الرجل والمرأة فى الميراث، لم يأت جزافًا، لكن طبقًا للواجبات المنوطة بكل منهما فى المجتمع، لافتًا إلى أن «لميراث نظام اقتصادى أقره الإسلام على أسس عادلة واضحة الأحكام، للحفاظ على المجتمعات، إذ يعتبر الإرث أحد أهم مصادر تملّك الأموال، التى تدور حولها معاملات الناس فيما بينهم، وجدد تأكيده على أن الإسلام كرّم المرأة وأعلى من شأنها، لكن بعض المسلمين هم من أهانوها، واستولوا على حقوقها الشرعية، بحجب الإرث عنها.

وأكد يونس، أن ما نراه فى هذه الأيام من ظلم للمرأة فى الإرث، ومخالفة شرع الله، من الأمور التى يجب أن نتوقف عندها جميعًا، وخاصةً علماء الدين من الأزهر والأوقاف، ودعا إلى ضرورة تنظيم حملات توعية فى المساجد، ودواوين العائلات، كما على الإعلام تسليط الضوء على تلك الظاهرة التى لا يقرها الإسلام، وإنما هى من عادات الجاهلية.

حرمان المرأة من الميراث فى الصعيد عادة تتوارثها الأجيال

قال شريف أبو رحاب، عضو لجنة المصالحات بمركز العسيرات، إن لجان المصالحات يمكنها بكل سهولة، التوسط فى حل الخصومات الثأرية والخلافات بين العائلات، ولكن العقبة الكبرى التى يصعب حلها، هو كيفية إقناع الأشقاء بمنح شقيقاتهم حقهن الشرعي في الميراث، مؤكدًا أن هناك رفضًا تامًا فى قطاع عريض من مجتمع الصعيد، لمبدأ توريث البنات.

واعتبر عضو لجنة المصالحات أن نسبة كبيرة ممن يرفضون توريث النساء، تكون ثقافتهم متدنية، ولم يحصلوا على قسط وافر من التعليم، لافتًا إلى أن هناك أيضًا فئة من بعض المتعلمين، الذين تشغلهم الدنيا، يرفضون منح شقيقاتهم نصيبهن من الميراث، ويكتفون بمنحهن مبلغًا ماليًا على سبيل الترضية.