الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم صلاة الجمعة خارج المسجد وقت إغلاقه

حكم صلاة الجمعة خارج
حكم صلاة الجمعة خارج المسجد وقت إغلاقه

قال مجمع البحوث الإسلامية إن المقصد العام من تشريع الأحكام الشرعية هو تحقيق مصالح الناس في العاجل والآجل معا (الموافقات للشاطبي 2/9)، وقال الطاهر بن عاشور "مقصد الشريعة من التشريع، حفظ نظام العالم، وضبطُ تصرّف الناس فيه، على وجه يعصم من التفاسد والتهالك، وذلك إنما يكون بتحصيل المصالح واجتناب المفاسد على حسب ما يتحقق به معنى المصلحة والمفسدة"[مقاصد الشريعة الإسلامية:3/230] .

وأوضح مجمع البحوث عبر الفيسبوك أنه إذا كان حضور الجمع والجماعات من شعائر الإسلام الظاهرة، فإن تحقيق مصالح الناس ودفع المفاسد عنهم: أساس إرسال الرسل وتشريع الأحكام التي أرسلوا بها مما يعني أنها مقدمة على تلك الشعائر، فبرغم كون الجمعة فرضا من الفروض وصلاة الجماعة سنة مؤكدة على القول الراجح إلا أنه هناك أعذارا تمنع من حضورهما دفعا للضرر الناشيء عن التجمع عن قرب في مكان واحد، ومن هذه الأعذار: المرض، فقد روى مسلم بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ».

وأضاف: روى البخاري من حديث أبي هريرة قوله صلى الله عليه و سلم:" وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ" و روى الشيخان من حديث أبي هريرة قوله صلى الله عليه و سلم: «لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ»  وذكر الشافعي المرض كأحد أسباب التخلف عن الجمعة فقال: " وَالْعُذْرُ: الْمَرَضُ الَّذِي لا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى شُهُودِ الْجُمُعَةِ إلا بِأَنْ يَزِيدَ فِي مَرَضِهِ ، أَوْ يَبْلُغَ بِهِ مَشَقَّةً غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ" (الأم ج1ص 217) فإذا ما قرر ولي الأمر خطورة تجمع الناس في مكان واحد سواء كان ذلك المساجد أوغيرها، و أن هذا التجمع يزيد من انتشار الفيروس ، فمنعهم من هذا التجمع، و كان ذلك بناء على توصيات أهل العلم في هذا الشأن، فإنه يجب على الجميع الالتزام بهذا الحظر و عدم التجمع حتى و لو كان ذلك لصلاة الجمعة و الجماعات، فهذا تعطيل أو تعليق مؤقت و ليس فرضًا لأمر دائم ، و هو مبني على توصيات أهل الشأن والذكر امتثالا لقوله تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"[النحل:43].

ولا يحل لأحد مخالفة هذا القرار سواء كان ذلك بحضور عدد قليل إلى داخل المسجد وإغلاقه عليهم ثم يصلون الجمعة أو الجماعات، أو الصلاة أمام المسجد، أو الصلاة في الساحات أو على أسطح البنايات، وذلك لما سبق من أحاديث نبوية، و للقواعد الفقهية التالية:

- الضرر يزال.
- لا ضرر ولا ضرار.
- تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة.
- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
- إذا تعارض مفسدتان رُوعي أعظمُهما ضررًا بارتكاب أخفهما.

وأكمل: قال المرداوي:" من الْقَوَاعِد: إِذا دَار الْأَمر بَين دَرْء مفْسدَة وجلب مصلحَة، كَانَ دَرْء الْمفْسدَة أولى من جلب الْمصلحَة، قَالَه الْعلمَاء، وَإِذا دَار الْأَمر أَيْضا بَين دَرْء إِحْدَى المفسدتين، وَكَانَت إِحْدَاهمَا أَكثر فَسَادًا من الْأُخْرَى، فدرء الْعليا مِنْهُمَا أولى من دَرْء غَيرهَا، وَهَذَا وَاضح يقبله كل عَاقل، وَاتفقَ عَلَيْهِ أولو الْعلم." التحبير شرح التحرير 8/3851. و انظر: الأشباه و النظائر لابن نجيم و السيوطي في مواضع مختلفة ، و قد اشترط الحنفية شروطًا لصحة صلاة الجمعة يمكن الاستفادة منها في هذا الشأن:

فاشترطوا الإذن العام: جاء في نور الإيضاح وشرحه مراقي الفلاح ما نصه: و"الخامس من شروط صحة الجمعة "الإذن العام" كذا في الكنز؛ لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فلزم إقامتها على سبيل الاشتهار والعموم حتى غلق الإمام باب قصره أو المحل الذي يصلي فيه بأصحابه لم يجز".

وعلق الطحطاوي على ذلك بقوله: " قوله: "لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين" أي وقد شرعت بخصوصيات لا تجوز بدونها والإذن العام والأداء على سبيل الشهرة من تلك الخصوصيات، ويكفي لذلك فتح أبواب الجامع للواردين كذا في الكافي. قوله: "حتى لو غلق الإمام الخ" وكذا لو اجتمع الناس في الجامع وأغلقوا الأبواب وجمعوا لم يجز".نور الإيضاح و شرحه مراقي الفلاح و حاشية الطحطاوي ص 510-511 ،  وعلى ذلك: فإذا أصدرت السلطات المختصة قرارًا بالإغلاق المؤقت للمساجد فلا تجوز مخالفة هذا القرار درءًا للمفاسد المترتبة على مخالفته.