فى عام 2009 حدثت أزمة كبرى بين نقابة الاطباء بقيادة النقيب الاسبق الدكتور حمدى السيد رحمه الله والدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى الاسبق , كانت الأزمة بسبب زيادة عدد الاطباء , وطلب النقابة تقليل عدد الطلاب بكليات الطب , وتم اللجوء الى محكمة القضاء الادارى لالزام المجلس الاعلى للجامعات بتقليل عدد طلاب كليات الطب الجدد فى مصر , حدث ذلك فى الماضى القريب .
مرت الايام سريعًا ووصلنا الى عام 2020 وأزمة جائحة الكورونا , وتسابقت الدول على جذب الاطباء اليها من شتى بقاع الارض , وصارت شارة الطبيب البشرى كافية لتفتح له أبواب قنصليات وسفارات الدول الكبرى , استثناءات بلا حدود من أجل إنقاذ أرواح البشر فى كل مكان , وبخاصة فى دول كبرى كانت تعتقد أنها تعيش رفاهية صحية .
أما فى مصر , فقد كان الوضع صعبًا على الاطباء من قبل جائحة كورونا , بسبب الاغراءات المادية والعلمية فى الخارج , مما جعل عدد الاطباء المهاجرين يقارب المائة الف طبيب مصرى حسب بعض التقديرات , وجاء اليوم الذى نبحث فيه عن حل لزيادة عدد الاطباء لسد العجز فى وضع ما قبل وما بعد جائحة فيروس الكورونا الجديد .
وتم طرح مقترح يدور حول إمكانية الاستفادة من الصيادلة فى مصر بجذبهم نحو دراسة الطب البشرى مرة أخرى, وهو ما فتح الباب نحو معارضة لمجرد المعارضة ومعارضة لعدم وضوح الرؤية حول هذا المقترح المعروض على الساحة , وهو ما دعانى الى فتح هذا الملف بهدوء وبعيدًا عن المزايدات أو المكايدات التى باتت سمة مميزة للبعض فى مصر خلال الآونة الاخيرة , فهل المقترح جديد على مصر , وهل يمكننا تنفيذه بسهولة دون أى تأثير على مستوى التعليم الطبى أو صحة المرضى ؟.
الاجابة هى نعم يمكننا تنفيذ ذلك , لقد كان ذلك موجودًا بصورة واضحة قبل عام 2009 , فقد كان مسموحًا للاطباء البيطريين التقدم لكليات الطب البشرى ودراسته والحصول على شهادة بكالوريوس الطب والجراحة فى أى وقت , وكان يتم حذف المواد المشتركة التى سبق للطالب الجديد دراستها فى كلية الطب البيطرى , ولكن مع زيادة عدد الاطباء البشريين فى ذلك الوقت تم غلق هذا الباب , فغلق الباب كان بسبب زيادة عدد الاطباء البشريين فى ذلك الوقت ولم يكن لأى سبب آخر .
إذن فالموضوع ليس جديدًا على مصر , ولا على أى دولة فى العالم , فيمكن لأى خريج بالقسم العلمى التقدم لأى جامعة خارج مصر ودراسة ما يريد سواء طب أو صيدلة أو طب بيطرى , مهما كان المجموع الذى حصل عليه فى الثانوية العامة , بل يمكن لأى طالب فى أى كلية طبية ان يتوقف عن الدراسة ويتقدم لكلية طبية أخرى ويدرس مجال طبى آخر , ولكن كيف نعيد تطبيقه بصورة عملية فى مصر ونستفيد من كل خريجى المهن الطبية .
الحل بسيط جدًا , يتم إعادة فتح الباب لكل خريجى المهن الطبية لدراسة الطب البشرى منذ البداية , مع حذف المواد المشتركة التى يتم دراستها فى كل الكليات الطبية فى السنوات الثلاث الاولى , ثم يدرس الطالب الجديد ما تبقى من مواد الثلاث سنوات الاولى فى الطب البشرى فى سنة واحدة أو ترم واحد حسبب عددها , ثم يلتحق من ينجح منهم بالسنة الرابعة مع باقى طلاب الطب البشرى .
وبذلك سيكون لدينا خريجو طب بشرى لديهم خبرات متعددة بالصحة العامة , يمكن الاستفادة منهم فى مواجهة الاوبئة وبخاصة الامراض المشتركة , لأنه سيكون لديهم دراية كاملة بهذه النوعية من الاوبئة والامراض أكثر من غيرهم , وسيكون لديهم دراية ووعى أكثر بالادوية واستخداماتها فى مثل هذه الحالات , فاذا كانت مراكز الابحاث الطبية فى العالم تضم بين جنباتها العلماء من الطب البشرى والبيطرى والصيدلة جنبًا الى جنب , فإن إ؟عادة فتح أبواب كليات المهن الطبية أمام كل خريجى المهن الطبية سيكون اثراءً للحياة الطبية فى مصر , وسيكون لدينا زيادة فى المعلومات الطبية وليس العكس .
كما سبق وان قلت , الموضوع سهل وبسيط وسبق تطبيقه فى مصر , واليوم نحن بحاجة اليه بشرط ان يتم تطبيقه بصورة صحيحة , فليجتمع عمداء كليات الطب البشرى والطب البيطرى والاسنان والصيدلة ويتفقوا على آلية تنفيذ واضحة ومحددة , ثم يتم صياغة قانون موحد يتم الموافقة عليه من البرلمان , يتبعه لائحة تنفيذية تناسب خريج كل كلية طبية يرغب فى دراسة فرع أخر من فروع الطب أو الصيدلة , مع وضع ضواط ممارسة مهنة واحدة ومحددة فيما بعد للخريج مزدوج التعليم الطبى , وبذلك نستفيد من كل قدرات وإمكانيات شباب مصر فى وقت مصر فيه بحاجة الى جهود كل ابنائها .