الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فضل ليلة القدر

فضل ليلة القدر
فضل ليلة القدر

ليلة القدر لها فضل عظيم ووردت فيها أحاديث نبوية ، منها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». صحيح البخاري (2014).

احتف  شهر رمضان المبارك بفضائل عديدة ومناقب كثيرة، من أجلها وأعظمها أن جعل الله تعالى فيه ليلة هي خير ليالي العمر، ألا وهي ليلة القدر، ففي هذه الليلة من شهر رمضان المبارك أنزل القرآن كاملًا من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا مرة واحدة، كما قال ربنا: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ثم نزل مفرّقًا على النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة. 
سبب التسمية
والنزول له معان متعددة، فهو وإن كان يعني الانتقال والحركة من مكان إلى مكان فإنه أيضا له  مَعْنَاهُ فِي غير الْحَرَكَة أَكثر مِنْهُ، كما يُقَال: نزل فلَان من معالي الْأُمُور ومكارمها إِلَى سفاسفها، وَيُقَال: نزل فلَان عَن رَأْيه، وَأنزل فلَان فلَانا عَن دَرَجَته ورتبته، وَقَالَ الله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ}. والقدر بمعنى: الشرف العظيم أو التقدير، وله معان أخرى، فقيل من الضيق؛ ذلك أن الأرض تضيق من نزول الملائكة في هذه الليلة .. وقيل: لأن مقادير أعمال العباد تقدر فيها، وقيل: لأن من أحيا ليلها وصام نهارها صار ذا قدر عند الله، ويحتمل أنها سميت بذلك ملاحظة لهذه الأمور كلها.

وفي هذا الحديث النبوي إشارة عظيمة لفضل ليلة القدر، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ثواب قيامها معادلًا لثواب من صام رمضان كله مؤمنا بفضله ومحتسبا أجره عند ربه، فمعنى قوله: إيمانًا: أي: مؤمنا بالله ومصدقا بأنه تقرب إليه (واحتسابا)، أي: محتسبا بما فعله عند الله أجرا لم يقصد به غيره. وقال القاري: أَيْ طَلَبًا لِلثَّوَابِ مِنْهُ - تَعَالَى - أَوْ إِخْلَاصًا أَيْ بَاعِثُهُ عَلَى الصَّوْمِ مَا ذُكِرَ، لَا الْخَوْفُ مِنَ النَّاسِ، وَلَا الِاسْتِحْيَاءُ مِنْهُمْ، وَلَا قَصْدُ السُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَى احْتِسَابًا اعْتِدَادُهُ بِالصَّبْرِ عَلَى الْمَأْمُورِيَّةِ مِنَ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ، وَعَنِ النَّهْيِ عَنْهُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهِ، طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِهِ، غَيْرَ كَارِهَةٍ لَهُ، وَلَا مُسْتَثْقِلَةٍ لِصِيَامِهِ، وَلَا مُسْتَطِيلَةٍ لِأَيَّامِهِ. وأسلوب الشرط هنا قد جاء ليثير انتباه القارئ، ويحرك عواطفه ومشاعره، فتستقر معاني الحديث وقيمه الخلقية، في أعماق النفس إيمانًا وتصديقًا وإخلاصًا، ابتغاء مرضاة الله عز وجل.

ما يستفاد من الحديث:
1-اختصاص شهر رمضان الكريم بنزول القرآن. 
2-معادلة قيام ليلة القدر بصيام رمضان في الثواب. 
3-الأعمال من الإيمان. 
4-فضل ليلة القدر. 
5-الحث على اغتنام العشر الأواخر من رمضان.
 
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». صحيح البخاري (2015)، صحيح مسلم (1165).

المعنى الإجمالي للحديث:
شرع الله سبحانه للمسلمين الراغبين في تحصيل الثواب ونيل الدرجات أن يجتهدوا في إدراك ليلة القدر، وما ذلك إلا لفضلها وشرفها، فإنها ما سميت كذلك إلا لعلو قدرها، وهي منقبة لم تحظ بها ليلة من الليالي غيرها، قال عز وجل: {ليلة القدر خير من ألف شهر} أي من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ لأن الشيء لا يكون خيرا من نفسه، ومن عدة أمثاله معه.

وأنزل الله تعالى في فضلها سورة كاملة تسمى باسمها: سورة القدر، في كل آية منها منقبة من مناقبها، من هنا اجتهد الصحابة في طلبها، وانتقلت رغبتهم في الطلب إلى أن تملكت هذه الرغبة من قلوبهم وعقولهم وكل مشاعرهم، فرأى رجال منهم ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان، ولما أصبحوا أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما رأوا، والنبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أنه إذا صلَّى الغداة يلتفت إلى أصحابه ويقول: من رأى منكم رؤيا البارحة؟، فيحدثه كل إنسان بما رأى، إن كان خيرًا قصه عليه وأوله له النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخروه قال لهم: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». وهذا يعني أن قلوب هؤلاء الرجال لم تخطئ الصواب، وأن الوحي قد نزل موافقًا لهم، فهي منقبة لهؤلاء، وبسبب ذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن طلب تحريها والاجتهاد في ذلك.

ويجب على كل مسلم أن يغتنم العشر الأواخر في طلب ليلة القدر، وأن يبذل من نفسه وماله لله تعالى  فيها قدر المستطاع؛ ليهنأ بشرف تحصيلها، فإن في إخفاء وقتها تحديدا حكمة عظيمة لينشط الناس في الطاعة، ويصدقوا في الطلب، فإن الناس لو علمت يقينا بوقتها لما نشطت إلا في وقتها، وبالتالي يحدث التكاسل والتراخي وربما ترك الصلاة بالكلية في غير هذا الوقت، فكان من المصلحة أن يخفى علينا محل هذه الليلة من بين الليالي؛ حتى يكون محل الاجتهاد واسعًا مدة عشر ليال على الصحيح.

ما يستفاد من الحديث:
1- الحث على طلب ليلة القدر.
2- أرجى أوقات ليلة القدر.
3- احتساب الأجر عند الله تعالى من علامات القبول.
4- بلاغة الأسلوب النبوي في الحديث الشريف.
5-عظيم فضل الله تعالى الواسع وإنعامه السابغ.