قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هئية كبار العلماء بالأزهر، إن الحب شعور إنساني عظيم، يدل على الحياة، كما يدل على الإنسانية، وهو أحد مشتقات الرحمة وآثارها، فالرحيم هو الذي يحب، ومن أحب دل على أنه رحيم.
وأضاف « جمعة» في من منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن الحب عطاء، والحب كرم، والحب حالة فريدة؛ ولذا قالوا: من أحب لا يكره، وإذا فُقد الحب دل ذلك على فقد الرحمة، وإذا فُقدت الرحمة فلا تسأل بعد ذلك عن مدى الفساد في الأرض، ومدى الظلم المنتشر ومدى التدهور المستمر.
وأوضح عضو هئية كبار العلماء أن الحب في الإسلام تعدى كونه شعورًا وأحاسيس إلى كونه فريضة وواجبًا، وتعدى الحب بمعناه الفردي بين الرجل والمرأة إلى معناه الشامل الذي يجعله مقياسًا للحياة، وأساسًا للسلوك، ومفتاحًا للأخلاق، فالحب للحياة بأشيائها وأحداثها وأشخاصها ومبادئها أمر مقرر في القرآن الكريم، ولكن بعد تحويله إلى طاقة فاعلة للخير والحق والقوة والتعمير.
وتابع المفتي السابق: لنبدأ بما يحبه الله، وما لا يحبه، وهي مجموعة من الآيات التي ترسم دستور الحب الحقيقي غير المزيف؛ حيث يختلط الحب حينئذ بالشهوة والرغبة ويختلط حينئذ بالمصلحة الخاصة المشبوهة في حين أن الحب الحقيقي شفاف دائم، قد يشتمل على الشهوة دون فساد، وقد يشتمل على المصلحة دون أنانية، وقد يشتمل على الغاية دون خيانة، إنه حب اشتقنا إليه.
وواصل الدكتور على جمعة أن القرآن يقرر حب الأشياء ولا يجعلها دليلا على الخير دائما، يقول الله -تعالى-: «وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» [البقرة:216]، ويقول -سبحانه-: «إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص:56]، ويقول في حب المبادئ: «وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» [النور:22].
ولفت عضو هيئة كبار العلماء:فما يحب الله؟ قال الله- تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يحب التَّوَّابِينَ وَيحب المُتَطَهِّرِينَ) [ البقرة:222]، وقال -سبحانه-: (بلى من أوفى واتقى فَإِنَّ اللَّهَ يحب المُتَّقِينَ) [آل عمران:76]، (وأحسنوا إِنَّ اللَّهَ يحب المُحْسِنِينَ) [ البقرة:195]، (وما ضعفوا وما استكانوا وَاللَّهُ يحب الصَّابِرِينَ) [آل عمران:146]، (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) [ المائدة:42]، (فإذا عزمت فتوكل على الله إِنَّ اللَّهَ يحب المُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران:159]، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاًّ كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) [الصف:4].
ونوه المفتي السابق أن هذه ثمان صفات أخبر القرآن الكريم بأن الله يحبها في عباده، فهو يحب من عبده إذا أخطأ أن يرجع عن خطئه، حتى لو تكرر الخطأ أو الخطيئة، فهو يقبل التوبة من عبادة ويعفو عن كثير، ويقول رسول الله ﷺ: (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، [رواه أحمد والترمذي].
وأكد أن التوبة فلسفة كبيرة في عدم اليأس وفي وجوب أن نجدد حياتنا وننظر إلى المستقبل، وأن لا نستثقل حمل الماضي، وإن كان ولابد أن نتعلم منه دروسًا لمستقبلنا، لكن لا نقف عنده في إحباط ويأس، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، التوبة فيها رقابة ذاتية تعلمنا التصحيح وتعلمنا التوخي والحذر في قابل الأيام، وهي من الصفات المحبوبة فلنجلعها ركنًا من أركان الحب.
شاهد أيضًا: علامات حب الله للعبد.. دار الإفتاء تحدد أمرين