الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هوامش على دفتر الصراع في ليبيا


تتسارع التطورات في ليبيا على نحو مثير، وتكاد الأزمة المتأججة وحالة عدم الاستقرار منذ 9 سنوات في ليبيا أن تدفع لحرب إقليمية كبرى، بعدما دخلت أطراف إقليمية على خط الأزمة، ليس فقط بطريق المساندة السياسية أو حتى العسكرية بإرسال بعض الأسلحة والمعدات، كما المعتاد في مثل هذه الصراعات، ولكن بالانخراط المباشر في الحرب والعمل على توجيهها لصالحها، بعض النظر عن حرمة الأرض الليبية وحرمة جبرانها.

لا جديد في القول، أن أردوغان عندما دفع بنحو 16 ألف مرتزق سوري إلى ليبيا منهم ما لا يقل وفق إحصاءات المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن 2500 من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من أصل تونسي، كان يخطط للعبة أكبر منه وأكبر مما هو متصور بالفعل. 

الجديد أنه لم يفكر أبدا، أنه عندما يقوم بكل هذه "التحشيدات العسكرية" حول مدينة سرت، استعدادًا لهجوم وشيك عليها، تشارك فيه وتحت إمرة جنرالاته آلاف من الميليشيات الإرهابية والاخوانية وآلاف من المرتزقة، أنه يلعب أكبر من حجمه، ويدفع بالقضية ليس فقط لتحقيق أطماع اقتصادية ونهب النفط والغاز في شرق المتوسط، وهذا ليس له فيه أي حق، ولكنه يزرع كيان غريب من المتطرفين بين تونس ومصر، ويهدد الأمن القومي المصري بالخصوص، عندما يصر على اجتياح شرق ليبيا وفق تهديداته حتى اللحظة.

القضية كبرت وأردوغان يلعب لعبة سافرة، تهدد أوروبا وتهدد مصر، وتدفع في اتجاه صراع مدوي، لأنه لن يصمت أحد على تجاوزاته وتحقيق الحلم العثماني الغابر على حساب الدول العربية والمنطقة برمتها. ومع مجىء رموز القبائل الليبية إلى مصر ولقائهم الرئيس السيسي واستنجادهم بمصر للوقوف أمام المحتل التركي، تصبح القضية الآن على عاتق الجيش المصري، الذي إن تدخل عسكريا فسيحسم المعركة بسرعة لصالحه كما قال الرئيس السيسي.

لكن هناك عدة اعتبارات لا بد من التوقف أمامها:-

في مقدمتها الموقف الأمريكي، الذي يبدو مساندا لأردوغان في ليبيا، صحيح أنه ما يزال موقفا ضبابيا ويسير في العلن داعما لحكومة الوفاق، بقيادة فايز السراج ويعتبرها شرعية، لكنه غير حاسم في الوقوف أمام أطماع أردوغان وتحركاته.

تبدو الإدارة الأمريكية، سعيدة بوجود أردوغان والقضية بالنسبة لها، التصدي لوجود روسي يقلقها، رغم نفي روسيا رسميا وجود أي قوات لها في ليبيا وللتذرع بذلك. وأيضا لتصفية حسابات مع قوى أوروبية، على خلاف مع الإدارة الأمريكية في بعض المواقف مثل فرنسا وفق مذكرات جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق.

واشنطن تتخفى وراء أردوغان، وتلعب به كـ"مخلب قط" ولا تجاهر بالرفض التام لوجوده في ليبيا، ولو أظهرت له العين الحمراء ما تجاوز في وجوده وقام بإرسال الآلاف من عناصره وجنوده.

الاعتبار الثاني، أنه ما لم تتحرك القوى الكبرى وفي مقدمتها واشنطن، بدلا من الصمت والتخفي لإيقاف أردوغان عند حده فإنها جميعها ستخلق سوريا جديدة، وقد يطول أمد الصراع سنوات قادمة ودراماتيكية.

العقلاء اليوم، وفق بعض التسريبات، يتحركون لنزع فتيل المعركة وإيقاف أردوغان ولو نجحت هذه المساعي فستوقف حربا هائلة لا يعلم مداها إلا الله.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط