إذا كانت مصر قد استقلت عن بريطانيا وتحررت من سيطرتها عليها عام 1952، فإن مصر للطيران كانت أول من قام بالاستقلال من تبعية الإنجليز، قبل ثورة يوليو بأحد عشر عاما، بتحررها علي يد محمد رشدي طبوزاده، رئيس الشركة آنذاك من عام 1941 حتى أخر عام 1947، وخريج الدفعة الأولى التي درست الميكانيكافي مدرسة الهندسة الملكية بالجيزة.
حينها اجتمع "طبوزاده" مع بنك مصر، وأقنعهم بأن الفرصة سانحة تماما لكي تصبح مصر للطيران شركة مصرية 100%، وأن يكون لها اسم واحد فقط باللغة العربية دون الاسم الذي يحتوى على اسم "اير وورك" وبالفعل اشتروا حصة شركة ايروورك البريطانية في مصر للطيران وأصبح رأس المال لأول مرة يملكه المصريون، وطلب من المهندسين والفنيين المصريين في مصلحة الطيران المدني أن يحلوا محل البريطانيين وبالفعل أثبتوا كفاءة عالية، وحينها أصبحت مصر للطيران الوحيدة في الشرق الأوسط شركة مصرية 100% وانتهى عصر الأجانب في الشركة.
تمصير مصر للطيران وتحريرها من السيطرة الانجليزية خلال تلك الفترة، يشبه إلى حد كبير ما حدث بعد ذلك بسنوات عند تأميم قناة السويس من الفرنسيين، وشمل قرار التمصير أن تتبع الشركة سلاح الجو الملكي المصري مع بقاءها مدنية وكان ذلك يعني أن جزء من أسطولها سيتم وقف استخدامه لاستيلاء الحكومة عليه لاستخدامه في الأغراض الحربية حيث كان أسطول مصر للطيران حين بدأت الحرب يضم 27 طائرة وحاول البريطانيون أن يضعوا الشركة في مأزق وبدأو فعلا في إخلاء مطار ألماظة وحظائر الطائرات التي كانوا يشغلونها ومثلما حدث في قناة السويس، قام العاملون البريطانيون في الشركة بتقديم استقالات جماعية لاضعاف موقف مصر للطيران، إلا أن الطيارين والمهندسين والفيين المصريين لم يمنحوهم هذه الفرصة فأثبتوا.
في تلك الفترة عام 1944 حققت مصر للطيران أرباحا جعلتها لا تستغني عن الإعانات فقط بل استطاعت أن ترد بعض التعويضات والاعانات التي قدمتها الحكومة لها من قبل، وأقامت مبنى جديد في مطار ألماظة يضم معظم أقسامها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية بدأت القوات البريطانية تخطط للخروج من وادي النيل والدلتا إلى منطقة قناة السويس كما بدأت القوات الأمريكية تخطط هي الأخرى لترك مطار "باين فيلد" بعد أن انتهي الغرض منه بالنسبة لها، وبدأ الطيران المدني مرحلة جديدة تميزت بانتقال كافة المطارات ومنشآت الطيران ومسئوليات إلى الجانب المصري.
وتوالت نجاحات الشركة حتى عام 1946، وأصبح أسطولها يضم 18 طائرة " 3 بيتش كرافت ، 5 طائرات أفرو 19 ، 4 طائرات دي هافيلاند 86 ، 4 طائرات دي هافيلاند 89، طائرة من طراز دي هافيلاند 84 وأخرى هافيلاند 90"، إلا أن الأجانب في مصر لم يتركوا الشركة تهنأ بما حققته من من مكاسب فبدأت محاولات بريطانيا وحلفائها في مصر والمنطقة لتقليل مكاسب الشركة نتيجة استثمارها بالعمل منفرد في الشرق الأوسط، وأنشأوا شركة إقليمية أخرى تنافس مصر للطيران وتم تزويدها بأعداد كبيرة من الطائرات التي خرجت سليمة من الحرب، كانت بين تلك الشركات شركة "سعيدة للطيران" التي صدر مرسوم تأسيسها عام 1949 وعرفت باسم الخطوط المصرية للطيران الدولي، ولكنها سرعان ما تعثرت رغم الدعم الكبير الذي وجه إليها إلا أنه تم تصفيتها بعد ثلاث سنوات من تشغيلها نهائيا عام 1953.
وشهدت مصر للطيران بعد قيام ثورة يوليو حركة زيارات واسعة من ملوك ورؤساء ومشاركات لفرق فنية ورياضية في مسابقات عالمية، وزاد أسطولها الجوي بضم ثلاث طائرات فايكاونت البريطانية الصنع ذات المحركات الأربع والمقاعد الأثنين والخمسين، ومن أهم الرحلات التي قامت بها الشركة عام 1952 هي نقل الفريق المصري لأول مرة في الدورة الأولمبية إلى هلسنكي بفلندا وقاد الطائرة طاقم مصري بالكامل.
على الجانب الأخر، تسلمت السلطات المصرية مطار "باين فيلد" بعد إجلاء القوات الأمريكية عنه عام 1946، لادارته واستخدامه تم تغيير اسمه إلى مطار فاروق، وتم تغيير اسمه ثانية بعد ثورة 1925 إلى مطار القاهرة الدولي.