الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. خالد عبدالعال أحمد: التهليل والتكبير والتحميد في العشر الأوائل

صدى البلد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه ...
وبعد ..
فإن الله تعالى فاضل بين الزمان ففضل واختار الأشهر الحرم الثلاثة السرد والواحد الفرد، فالثلاثة السرد هى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والواحد الفرد هو شهر رجب الذي بين جمادى وشعبان. واختار الله من الأيام ثلاث عشرات؛ العشر الأول من ذى الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، والعشر الأول من المحرم، فالعشر الأواخر من  رمضان فيها ليلة القدر، والعشر الأول من المحرم فيها يوم عاشوراء ويوم تاسوعاء، والعشر الأول من ذى الحجة فيها يوم عرفة، وهو يوم كمال الدين، وفيه أنزل  الله عز وجل ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.﴾[المائدة:3].فهو يوم التمام والكمال، فهذه الأيام فيها نفحات وبركات لم تتوفر فى غيرها، وقد أقسم الله تعالى بها للدلالة على عظم شأنها عنده تعالى فقال:﴿وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ . وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾، وهى العشر التى تمم الله بها الأربعين كما جاء فى قوله تعالى:﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾.


وتتنوع أعمال الطاعة والخير فى هذه الأيام المباركة، ويحرص كثير من الناس على الصيام والصدقة وقراءة القرآن الكريم وغيرها من أعمال البر والخير، ولكنهم قد يتساهلون فيقصرون فى  التهليل والتكبير والتحميد مع ورود النص فى ذلك، قال الله تعالى عن هذه الأيام المباركة:﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ﴾، وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم -: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب اليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).[مسند الامام أحمد حديث رقم 5446]، وكان ابن عمر وأبو هريرة– رضي الله عنهما – يخرجان إلى السوق فى أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.[البيهقى 3 |279]، وقال أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود: (لو أن رجلا جلس على ظهر الطريق ومعه خرقة فيها دنانير لا يمر إنسان إلا أعطاه دينارا، وآخر إلى جانبه يكبر الله تعالى لكان صاحب التكبير أعظم أجرا) [حلية الأولياء 4 \204].


والمقصود بالتهليل قول "لا إله إلا الله"، وهو أول أركان  الإسلام وعنوان التوحيد،  والمقصود بالتكبير قول العبد:"الله أكبر"، وهو إقرار بأن لله تعالى أعظم من كل شيء، وأنه  المستحق للعبادة دون غيره، والتحميد وهو أن يقول العبد:"الحمد لله" بلسانه وقلبه، والمؤمن يحمد الله تعالى أن بلغه هذه الأيام واستشعر قيمتها ووفقه الله فيها، فتعرض لنفحاته، فاستثمار هذه الأيام فى الطاعات من أجل النعم التى تستحق الشكر، وكم من أناس أحياء لكنهم لم يستشعروا قيمة هذه الأيام  فهم والأموات سواء.


وقد حث رسول الله –صلى الله عليه وسلم– أمته على التهليل والتكبير والتحميد لأن فى ذلك النجاة ورفع الدرجات، فقال عليه الصلاة والسلام:(لأن أقول "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" أحب إلي مما طلعت عليه الشمس) [أخرجه مسلم]،يعني أحب من الدنيا وما فيها، وقال عليه الصلاة والسلام:(أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت) [أخرجه مسلم].


وهذه الأذكار مكفرات للذنوب، فقد جاء من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما على الأرض أحد يقول لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله،إلا كفرت عنه ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) [سنن الترمذي].


وليس أحد  أفضل عند الله من مؤمن طال عمره في الإسلام فأكثر من التسبيح والتكبير والتهليل، فقد روى الإمام أحمد فى مسنده من حديث عبدالله بن شداد: أن نفرا من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي- صلى الله عليه وسلم –فأسلموا. قال: فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - من يكفينيهم؟ قال طلحة: أنا. قال فكانوا عند طلحة. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فخرج فيه أحدهم فاستشهد، قال:ثم بعث بعثا آخر فخرج فيه آخر فاستشهد. قال: ثم مات الثالث على فراشه. قال طلحة فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استشهد أخيرا يليه ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم. قال: فدخلني من ذلك. قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما أنكرت من ذلك؟ ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر فى الإسلام لتسبيحه وتكبيره وتهليله).
جعلنا الله وإياكم من أهل التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد.