قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

السويداء في قلب العاصفة| صراع داخلي وتدخل إسرائيلي يغيّر معادلات سوريا.. وخبراء يعلقون

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهدت محافظة السويداء، الأحد الماضي، اشتباكات مسلحة دامية بين مجموعات درزية وأخرى من البدو، أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى. تدخلت القوات الحكومية السورية في محاولة لوقف التدهور الأمني، وسط مخاوف من اتساع رقعة النزاع إلى مناطق أخرى.

لكن ما أثار الانتباه أكثر، كان توقيت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع قرب دمشق وجنوب سوريا، حيث أعلنت إسرائيل صراحة أنها "تحمي مصالح الدروز"، في إشارة فُهمت على نطاق واسع على أنها محاولة لاستغلال التوتر الطائفي لصالح أجندة سياسية وعسكرية أوسع.


استراتيجية قديمة بأدوات جديدة

يرى اللواء سمير فرج أن الدعم الإسرائيلي للدروز ليس وليد اللحظة، بل يمتد لسنوات طويلة، ويتّخذ أشكالًا متعددة تهدف في جوهرها إلى إضعاف المؤسسة العسكرية السورية. هذا الدعم لا يأتي بدافع إنساني أو ديني، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تستخدمها إسرائيل لخلق ثغرات داخل النسيج السوري، وفتح جبهات داخلية تنهك الجيش السوري وتقلل من قدرته على المواجهة.

الجنوب السوري في قلب الصراع

ما يحدث اليوم في محافظة السويداء، بحسب فرج، لا يمكن فصله عن مشروع إقليمي تقوده إسرائيل وتدعمه قوى دولية أخرى. هذا المشروع يهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة، ليس فقط سياسيًا، بل جغرافيًا واقتصاديًا، من خلال ممرات للطاقة وخطوط للتجارة تتقاطع مع مصالح كبرى في الشرق الأوسط. الجنوب السوري يبدو في هذا السياق حلقة مهمة يتم العمل على توجيهها بما يخدم تلك الأجندات.

الاعتداءات الإسرائيلية.. أدوات فرض السيطرة

يشدد اللواء فرج على أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، سواء في سوريا أو لبنان، ليست مجرد عمليات عسكرية، بل خطوات مدروسة تهدف لفرض الهيمنة على المنطقة مستغلة حالة الضعف السياسي في بعض الدول العربية، والدعم الأمريكي المستمر لها. ورغم هذا الدعم، يؤكد فرج أن الشعب اللبناني لن يسمح بأي محاولة للهيمنة أو الابتلاع، مشيرًا إلى صلابة اللبنانيين وقدرتهم التاريخية على التصدي للمؤامرات والمخاطر، رغم ما عانوه من احتلالات وحروب.

تحركات إسرائيلية تتجاوز الحدود


يرى اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن دعم إسرائيل للدروز ليس مستحدثًا، بل يعود لسنوات، غير أنه أصبح أكثر علانية منذ اندلاع الأزمة السورية. فمع تراجع سيطرة الدولة السورية على بعض المناطق الجنوبية، كثفت إسرائيل من اتصالاتها غير الرسمية مع زعامات درزية، محاولة كسب ولائهم أو على الأقل تحييدهم.

هذه التحركات، كما يراها السيد، لا تنبع من تضامن طائفي، بل من رغبة استراتيجية في خلق منطقة عازلة على حدود الجولان ودرعا، تكون إدارتها بيد قوى محلية غير معادية لتل أبيب.

مشروع “ممر داوود”.. حلم إسرائيل القديم الجديد

من المفاهيم التي بدأت تظهر في التحليلات الأمنية الإسرائيلية، ما يُعرف بـ"ممر داوود"، وهو بحسب السيد، شريط نفوذ جغرافي سياسي تسعى إسرائيل لتأمينه من الجولان إلى البادية السورية، ويمتد حتى حدود العراق. هذا الممر، إذا تحقق، سيمنح إسرائيل عمقًا استراتيجيًا لمراقبة التحركات الإيرانية، كما يشكّل حاجزًا بينها وبين النفوذ الشيعي المتصاعد.

وفي هذا السياق، تُعد السويداء ومحيطها محطة أساسية في خريطة هذا الممر، إذ تسعى إسرائيل لكسب ثقة الدروز هناك من خلال دعم لوجستي غير معلن، وخطاب إعلامي يُظهرها كحليف موثوق مقارنة بالنظام السوري أو النفوذ الإيراني.

 

بحسب اللواء السيد، لا تسعى إسرائيل لتحالف مباشر أو دائم مع الدروز، بل إلى احتوائهم واستثمار وجودهم كعامل توازن محلي. فهي تستخدم النموذج الدرزي داخل أراضيها كأداة دعائية لإظهار قدرتها على دمج الأقليات. لكن الواقع أكثر تعقيدًا؛ فالتوترات داخل المجتمع الدرزي في إسرائيل تصاعدت في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد قانون "الدولة القومية"، الذي همّش دور الأقليات، وبينها الدروز.

 

اتفاق تهدئة.. لكن الجمر ما زال تحت الرماد

في تطور أخير، أعلنت السلطات السورية مساء الأربعاء التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الدرزية في السويداء، بعد تدخلات محلية ومفاوضات مع وجهاء المنطقة. إلا أن هذا الاتفاق، وفق مراقبين، قد لا يصمد طويلًا إذا لم يتم تطويق التدخلات الخارجية، وإعادة ضبط المشهد الأمني في الجنوب.

 صراع المصالح.. والدروز في مرمى النيران

ما يحدث في السويداء ليس نزاعًا محليًا فقط، بل هو مرآة لصراع إقليمي معقّد. فالدروز يجدون أنفسهم بين مطرقة التوترات الداخلية وسندان الاستقطاب الإقليمي، حيث تحاول قوى كبرى، كإسرائيل، استثمار هذا الوضع لصالح مشاريعها التوسعية.

في ظل هذا المشهد، تبقى وحدة الصف الداخلي، وعودة الدولة بمؤسساتها إلى تلك المناطق، الضمانة الحقيقية لحماية المدنيين، ومنع أي محاولة لتحويل سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية.