الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فصل لربك وانحر .. علي جمعة يوصي بتدبر أسباب نزولها

 فصلي لربك وانحر
فصلي لربك وانحر .. علي جمعة يوصي بتدبر أسباب نزولها

قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه يقول تعالى : «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (3﴾ » من سورة  الكوثر، منوهًا بأنه لو لم نقيد أنفسنا في تدبر هذه السورة بأسباب النزول، فإن هذه السورة ستكون بيننا وبين الذين يبغضون الدين إلى يوم الدين. 

 اقرأ أيضًا.. 
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن الذين يبغضوننا من أجل أننا نصلي لربنا، وننحر له سبحانه، ونطعم الفقراء والمساكين، فإن بيننا وبينهم الشنآن أن ندعوهم بأنهم هم الأقطع من الخير والأقطع عن الحق، مشيرًا إلى أن كلام ربنا إرشاد للبشر إلى جادة الصواب والصراط المستقيم، فلا تحزن أيها المسلم بما يقولون ويسبون به الإسلام وأهله من أنه دين لا رحمة فيه، وأنه دين إرهاب.

وأضاف أن المشركين من قبل آذوا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وأرادوا إدخال الحزن على قلبه بكلامهم، فأرشدهم ربنا سبحانه وتعالى بأن عدوه هو الأبتر المقطوع ممحوق البركة، وعندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يذبح أضحيته وقد أوتي بكبشين أقرنين أملحين فقال : «إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك عن محمد وأمته باسم الله والله أكبر ثم ذبح» [رواه أبو داود في سننه].

وتابع: فقبل ذبح الأضحية يقدم التوجه لله وحده والتوحيد له والإقرار بملة إبراهيم عليه السلام، ويؤكد أن الأعمال كلها لا تنصرف إلا لله، فيذبح الأضحية تقربا إلى الله سبحانه وتعالى، بكلام يوضح إذن الله لنا في ذبح هذا الحيوان للانتفاع به بالأكل والإطعام والإهداء، مؤكدًا أنه لا ينبغي أن يعترض على الله، فليس من وظيفة العقول الاعتراض على الخالق وإنما محاولة فهم حكم الخالق.

 وأشار إلى أنه إذاعجزنا عن فهم بعض الحكم لقصور في عقلنا، ويؤمنون بأن ذلك كله من الله فيسلمون له، وذلك شأن أصحاب العقول السليمة، يقول تعالى : «وَالرَّاسِخُونَ فِى العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ» الآية 7 من سورة آل عمران، ويطلب العلم والفهم من الله شأن الملائكة الكرام حيث قالوا : «قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ» الآية 32 من سورة البقرة.

 واستطرد: واعلم أن هذا الذي يقوله لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو لضبط النفس والوصول بها إلى الميزان الذي أنزله الله مع أنبيائه ودل الله الخلق عليه، قال تعالى : «اللَّهُ الَّذِى أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ» الآية 17 من سورة من الشورى، لم يقل الله الذي أنزل على أنبيائه أي إلى أنبيائه، بل قال الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان، وكأنهما نزلا بالحق لكل البشر فلا يختصا بنبي ولا ولي إنما، وهما يمثلان الحكمة وهي القدرة على السير في طريق قويم بين الإفراط والتفريط.

واستشهد بما قال تعالى : «يُؤْتِى الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ» الآية 269 من سورة البقرة ،  فالكتاب للنظر والميزان للعمل، وفقد الميزان يذكرنا بقول بعض السفهاء بأنه يريد أن يكون الحج في كل أيام أشهر الحج، فرأيناهم يهرفون بما لا يعرفون،  فلا يصح أن يطلق الإنسان عقله الكاسد، وجهله السائد لتفسير القرآن الكريم فيخرج لنا بكلام عجيب غريب، يضحك ويبكي.

ونبه إلى أن الفصل بين حرية البحث العلمي للوصول إلى صحيح المعرفة، وبين تقييد الاستعمال للوصول للمحافظة على الثوابت العلمية وعمارة الكون، فإنه أمر قد اختلط على كثير من الناس مع وضوحه وتأكده؛ لذا قد وجب علينا التنبيه.

تفسير إنا أعطيناك الكوثر
وأفاد مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا ما كان سببًا يوصلنا إلى الأسوة الحسنة باتباعه صلى الله عليه وسلم.

ولفت إلى أنه قال الله تعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا»، منوهًا بأن فكل سبب يوصلنا برسول الله -صلى اله عليه وسلم- من طاعته وإقامة سنته في أنفسنا وشرعه في حياتنا فهو موصول يوم القيامة؛ وكل نسب موصول بنبي الله صلي الله عليه وآله وسلم ونسبه آية من آيات إثبات الدين، وليست هي كل الآيات فالآيات كثيرة.

وتابع: ولكن نسب رسول الله -صلى اله عليه وسلم- قد صدَّق القرآن: «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» فكثر نسله وقد أرانا الله أنه كان قادرًا علي إهلاكهم حتي لا يبقي أحد، فمات الذكور من أبناءه في حياته؛ وماتت السيدة أم كلثوم والسيدة رقية والسيدة زينب في حياته ولم تبقي إلا السيدة فاطمة ؛ولم تنجب السيدة أم كلثوم والسيدة رقية ؛وأنجبت السيدة زينب بنتًا ماتت من غير أن تنجب، والسيدة فاطمة أنجبت الحسن والحسين ومحسَّن ؛فمات المحسَّن في حياته ولم يبقي إلا الحسن والحسين ،الحسن مات كل أبنائه وقد تزوج كثيرا وكانت القبائل تطلب النسب الشريف منه ،كل أبنائه ماتوا إلا زيد الأبلج والحسن المثني ،ومات كل أبناء الحسين إلا علي زين العابدين.

وأضاف أن ذلك ليرينا الله أنه كان قادرًا أن يفني الثلاثة، ومن الثلاثة جاء النسل الشريف وبقي إلى يومنا هذا شرقًا وغربا يدلّون علي أن نسب النبي -صلى اله عليه وسلم- محفوظ ؛ وعلي أنه عالي المقام؛ وعلي أنه ثابتٌ حسًا أن هناك من كان يسمي بمحمد بن عبدالله آمن به من آمن وكفر به من كفر ، تأييد رباني لا بيد سيدنا محمد -صلى اله عليه وسلم- ولا بيد غيره أن يبقي نسله فيعطي له فعلًا الكوثر لأنهم قد تكاثروا كثيرا ؛ وكذلك إذا ما رجعت مرة ثانية في آخر الآيات «إِنَّ شَانِئَكَ» مبغضك كارهك «هُوَ الْأَبْتَرُ» الذي لا نسل له ولا نعرف من هذا الأبتر ذهب ذكره.

واستطرد: لكن هنا «وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ» فرفع الله ذكره علي المنابر وفي الأذان يطوف الأرض كل يوم، وأعلى ذكره حتى تسمَّي الناس كثيرًا بمحمد وأحمد ومصطفي وأسمائه -صلى اله عليه وسلم- فكان ذلك أكثر عدد في الأرض، على كل حال "كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببي ونسبي" صلي الله عليه وآله وسلم وذلك لأن ذلك متصل بالدين، وعلي أهل البيت الكرام أن يراعوا مقامهم الذي أقامهم الله فيه.