الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفرق بين الفقراء والمساكين .. لا يعرفه الكثيرون

الفرق بين الفقراء
الفرق بين الفقراء والمساكين .. لا يعرفه الكثيرون

الفرق بين الفقراء والمساكين سؤال يبحث له كثيرون عن إجابة، ولعل أبرز ما يقال في الرد على هذا السؤال أن الفقراء من مستحقي الزكاة المذكورين في قوله - تعالى-:  «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها..»، و كذا المساكين، وهم الفقراء الذين لا يوجد عندهم مال كافٍ، أما الفقير يكون أشد حاجة من المسكين، ويعد ‏كل مسكين فقير، ولكن ليس كل فقير مسكين، ولا يوجد فرق بينهما من حيث الحاجة، واستحقاق الزكاة، وإنما يتمثل الفرق في أيهما أشد حاجة بسبب شدة فقره، وأيضًا يكون الفرق في أن الفقير يكون في الظاهر متعفف ولا يسأل الناس شيئًا، خاصة إذا كان هذا الشيء له، أما المسكين فهو يسأل الناس، ويطوف، ويتبعهم على الرغم من وجود ما يكفيه، ولهذا السبب قدم الله - تعالى- كما ذكر في الآية الكريمة المذكورة أعلاه الفقراء على المساكين، لأنهم أسوأ حالًا، وأحوج الناس.


الفرق بين الفقراء والمساكين: 

اختلف العلماء في معنى  تعريف كل من الفقير والمسكين، وأقوالهم على النحو التالي: 

-الفقير يكون أحسن وأفضل حالًا من المسكين، وقالوا بعكس ذلك، وهو أن المسكين يكون أحسن و أفضل حالًا من الفقير. 
 ‏
- أنه ليس هنالك أي فرق بينهما من حيث المعنى، حتى وإن اختلفا في الاسم.

- وإلى هذه الأقوال يشير القرطبي في تفسيره:" اختلف علماء اللغة وأهل الفقه في الفرق بين الفقير والمسكين على تسعة أقوال، فذهب يعقوب ويونس بن حبيب إلى أن الفقير أحسن حالًا من المسكين، قالوا: الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويقيمه، والمسكين الذي لا شيء له، وقال آخرون بالعكس، فجعلوا المسكين أحسن حالًا من الفقير. 
 ‏
- واحتجوا بقوله تعالى:" أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ". فأخبر أنّ لهم سفينةً من سفن البحر، وربما ساوت جملة من المال، و عضدوه بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تعوذ من الفقر. 
 ‏
- فلو كان المسكين أسوأ حالًا من الفقير لتناقض الخبران، إذ يستحيل أن يتعوذ من الفقر ثم يسأل ما هو أسوأ حالًا منه، وقد استجاب الله دعاءه وقبضه وله مال مما أفاء الله عليه، ولكن لم يكن معه تمام الكفاية، ولذلك رهن درعه.
 ‏
- وذهب إلى هذا الأصمعي وغيره، وحكاه الطحاوي عن الكوفيين، وهو أحد قولي الشافعي وأكثر أصحابه.
 ‏
- و للشافعي قول آخر: أن الفقير والمسكين سواء، لا فرق بينهما في المعنى وإن افترقا في الاسم، وهو القول الثّالث. وإلى هذا ذهب ابن القاسم وسائر أصحاب مالك، وبه قال أبو يوسف ".

- وصفة الفقر والغنى تكون مختلفةً باختلاف البلدان، ومن زمان إلى غيره، فكفاية الفقير التي تمنعه الزّكاة تكون بحسب عرف بلده ونفقته ونفقة عياله.

ما الفرق بين الفقراء والمساكين وحكم إخراج الزكاة لهم؟ 

-  أهل المنزل الواحد في حال كانوا فقراء أو مساكين فإنه ليس هنالك أي حرج في أن تدفع إليهم الزكاة كلهم، وليس هناك أي عبرة بوجود الأب إذا كان فقيرًا، لأن وجوده وهو فقير يكون كعدمه، وبالتالي تدفع الزكاة إليه، أو إلى زوجته، أو إلى أولاده، أو إليهم جميعًا سواءً، ولا يوجد أيّ حرج في ذلك كله. 

-وإن لهم أن يدفع لهم من الزكاة ما يرفع عنهم اسم الفاقة والفقر، أما في حال دفع للأب ما يصير به غنيًّا، فإنه من غير الجائز أن تدفع الزّكاة إلى أولاده، ولا حتى إلى زوجته في هذه الحالة، وذلك لوجوب نفقتهم على الأب، وهذا بخلاف الزّوجة إن كانت غنيّةً أصلًا، أو دفع لها من الزّكاة ما يمكن أن تستغني به، فإنه لا يمنع ذلك من أن يتمّ دفع الزّكاة لزوجها حيث كان فقيرًا. 

-وفي حال كان الشخص الذي يريد دفع الزكاة إلى أهل في منزل واحد هو واحد من أفراد الأسرة نفسها، فإنه لا يجوز له أن يدفع الزكاة إليهم جميعًا، ولا إلى أحد منهم، لأنه في هذه الحالة إمّا أن يكون أبًا أو أحد أولاده، وبالتالي فإنه تجب عليه نفقة باقي الأسرة المحتاجين، وكلّ من وجبت عليه نفقة شخص لا يكون جائزًا أن يدفع زكاة ماله إليه.

- ولكن هناك استثناء واحد وهو في حال إذا كان الذي يريد إخراج زكاة ماله هو الأم في الأسرة، فإنه يجوز لها أن تدفع زكاة مالها لزوجها المحتاج، وذلك لما جاء في صحيح البخاري، من أنّ زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت:" يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم "، وإن جواز دفع زكاة المرأة إلى زوجها هو مذهب.

- لكن هناك استثناء واحد وهو في حال إذا كان الذي يريد إخراج زكاة ماله هو الأم في الأسرة، فإنه يجوز لها أن تدفع زكاة مالها لزوجها المحتاج، وذلك لما جاء في صحيح البخاري، من أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود - رضى الله عنها- قالت:" يا نبي الله إنّك أمرت اليوم بالصّدقة، وكان عندي حلي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدقت عليهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم "، وإن جواز دفع زكاة المرأة إلى زوجها هو مذهب الإمام الشافعي، وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد.

دليل على الفرق بين الفقراء والمساكين:

استدل الشافعية والحنابلة إلى هذا الفرق المتمثل في أن الفقير أحوج من المسكين ، بقوله -تعالى-: «أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر» من قصة سيدنا موسى والخضر - عليهما السلام-، حيث إنّ الآية دلت على أن من كان يعمل في هذه السفينة وفي هذا البحر هم مساكين، ومن المعروف لدى الجميع أن عامل البحر حياته أكثر شقاءًا، وتعبًا، وخطرًا من حياة عامل البر، وقد بينت هذه الآية أنهم يملكون سفينة، أي أن هناك مصدر رزق لهم ولكنه لا يكفيهم، ‏أما الفقير فهو لا يملك أي مصدر رزق خاص به.
 ‏
أدب الصدقة والزكاة:
 ‏
فرق الله - تعالى- بينهما وجعل لكل صنف منهما سهمًا، وذكر أحد العلماء  أنه يجب على من يخرج الزكاة أن يذهب هو بنفسه إلى منزل الفقير، أو المسكين، والهدف من ذلك حتى يرى بنفسه مقدار حاجة هذا الشخص ومسكنته، ويخرج زكاة تكفي لسد حاجة هذا الفقير أو المسكين، وهذه الطريقة هي التي كان يتبعها الكثير من السلف الصالح في الماضي، كما أنه عليه أن لا يخبر الفقير أو المسكين أن هذا المال منه، بل هو حقّ لله وأوجبه عليه له.
 ‏
لكل منهما معنى فالفقير هي ضد الغني، وأصل الفقر الحاجة والفقير هو المحتاج، أمّا المسكين فهو الخاضع الذليل المقهور، وإن كان غنيًا، والمسكنة هي الذلّ والخضوع وتواضع الحال.


حد الزكاة للفقراء والمساكين:
 ‏
يستحق كل من الفقير والمسكين الزكاة ، و اختلف العلماء في محددات الفرق بين المسكين والفقير، فجاء التباين والخلاف على درجة سوء حال كل منهما، ولكنهم اتفقوا على اشتراك كل منهما بعدم وفاء الكسب والمال لمؤونته ومؤونة أهله، ومن هنا يلزم التفريق بينهما بتحرير المفهوم الخاص بكل منهما، وهي:

1. الفقر: لغةً هو الحاجة، وهو ضد الغنى، والفقير هو المحتاج، أي من يجد قوته، ومن له بلَغَة من العيش تكفيه وتقيمه وأهله، كأهل الحرفة الذين لا يقدرون على كسب ما يكفيهم، ويطلق لفظ الفقير على القاعد في بيته من غير سؤال، ولا يشعر الناس به فيعطونه، فيمنعه حاله من التكسب والإنفاق على الأهل، مع وجود الحاجة الشديدة.
 ‏
2. المسكين: هو لغةً الخاضع الذليل المقهور، حتى وإن كان غنيًّا، فتحلّ له الصدقة إن كانت مسكنته من جهة الفقر، أما شرعًا فالمسكين هو من يملك ملكًا وكسبًا ولكنه لا يكفيه، وتختلف حاجة الفرد باختلاف الحال، كأن تكون المصروفات أكبر مما يكسبه الفرد، فيكون مسكينًا بذلك، وهو سائلٌ طواف، حيث تأتيه الكفاية والزيادة بمسألته، فتزول عنه الحاجة بذلك، ولكن الفقير لا يسأل ويلتزم بيته، فحاله أشد من حال المسكين.


تعريف المذاهب للفقراء والمساكين:

-يرى المالكية أن المسكين من لا يملك مالًا وهو غير قادر على الإنتاج والكسب، فهو فقير وزيادة، فيقول مالك رحمه الله: إنَّ المسكين مشتقٌ من السكون، أي سكون اليد عن التصرف، أما الفقير فهو صالح للعمل ولكن لا يجد ما يغنيه.
 ‏
 ‏
-وقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الفقير أكثر حاجة من المسكين، وكان استدلالهم على ذلك من قصة موسى عليه السلام والخضر، وذلك في قوله - تعالى-: (أما السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ).
 ‏