الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حقق أرباحًا تتجاوز 6 ملايين دولار.. تفاصيل عرض أول فيلم ناطق في أمريكا عام 1927

تفاصيل عرض أول فيلم
تفاصيل عرض أول فيلم ناطق في الولايات المتحدة

حدث في مثل هذا اليوم من العام 1927 عرض أول فيلم ناطق فى الولايات المتحدة الإمريكية، وإعلان بداية عصر السينما الناطقة وهو فيلم « مغنى الجاز» الذي ظهر فيه الممثل والمغني العالمي « آل جولسون» بواسطة جهاز«الفيتافون» والذى يسمح بتسجيل صوت الممثل على أسطوانة من الشمع تدار مع جهاز العرض السينمائى بطريقة ميكانيكية مطابقة للصورة، وهو جهاز يعتمد على اختراع «هبورث».

يعد فيلم « مغني الجاز» أول فيلم طويل بدأت به فترة انحسار السينما الصامتة، والفيلم من إخراج آلان كروسلاند، ومن إنتاج شركة «وارنر»، وبلغت تكلفة إنتاجه حوالي 422 ألف دولار بينما حقق أرباحا تقدر بـ 3.9 مليون دولار في الولايات المتحدة، و2.6 مليون دولار على المستوى العالمي في مدة عرض لا تتجاوز الـ 89 دقيقة. 

فاز منتج الفيلم داريل فرانسيس زانوك بجائزة الأوسكار الخاصة، ورُشح أيضًا لنيل جائزة الأوسكار لأفضل كتابة (سيناريو مقتبس) ووجائزة أفضل مؤثرات هندسية، وفي سنة 1996 تم اختيار الفيلم من قبل مكتبة الكونغرس لحفظه في سجلات الأفلام الوطنية للولايات المتحدة كونه "ثقافيًا، وتاريخيًا أو ذا مغزى جميلًا.

يعد فيلم مغني الجاز أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما الأمريكية والعالمية بشكل عام، ليس لقيمته الفنية فقط، ولكن لقيمته من الناحية التقنية وتأثيره على كل الأفلام التي جاءت من بعده، حيث كان بمثابة نقلة استثنائية في مستقبل السينما وقت عرضه، كما يعتبر الكثيرون جملة «أنت لم تسمع أي شيء بعد» التي ينطقها بطل الفيلم أثناء أحداثه واحدة من أشهر الجمل في التاريخ السينمائي.


فكرة الفيلم: 

في عام 1917 كان المؤلف سامسون رافايلسون لا زال طالبا، حيث حضر عرضا مسرحيا لرواية «روبنسون كروز» الشهيرة، وشاهد خلال العرض الممثل «آل جولسون» -وكان لايزال في بداياته الفنية- وهو يقوم بالغناء وقد صبغ وجهه بالأسود، وهو ما ألهم رافايلسون لاحقا لتأليف قصة قصيرة بعنوان «يوم الغفران» عن شاب يهودي، مستلهما فيها قصة حياة جولسون الحقيقية، ذلك الشاب اليهودي ذو الأصول الروسية الذي استهواه الفن ولمع في مسارح الولايات المتحدة.

بعدها بسنوات حول رافايلسون القصة إلى مسرحية عرضت في أحد المسارح بميدان التايمز في سبتمبر عام 1925 وحققت نجاحا ملحوظا، مما دفع  شركة ورنر براذرز تسعى للحصول على حقوق تحويل المسرحية إلى فيلم سينمائي وتم التعاقد مع المطرب والممثل «جورج جيسيل» لأداء الدور الرئيسي بالفيلم، وعندما اكتشف جيسيل أن الفيلم سيكون ناطقا بالكامل، اعتبر أن ذلك مبرر لطلب زيادة أجره، حيث كانت الأفلام الناطقة شيء نادر في ذلك الوقت، وكان ظهور يتحدث طوال أحداث الفيلم بمثابة مجهود إضافي يستحق عليه أجرا أكبر، وبالفعل وقع جولسون عقدا لأداء الدور مقابل 75 ألف دولار أمريكي في مايو 1927، وهو لا يدري أنه سيلعب أهم فيلم في تاريخه الفني بأكمله.

تقنية حديثة:

قبل فيلم «مغني الجاز» كانت هناك محاولات لإنتاج أفلام ناطقة، ولكنها كانت قصيرة وتم إنتاجها بشكل رديء وبأصوات غير واضحة أو مشوشة، حيث كان أقصى مستوى تقني وصلت إليه السينما الناطقة حتى ذلك التاريخ، هو عرض الأغاني مع أداء حركي للمغني توحي بأنه يغني فعليا، وكانت هذه التقنية سهلة نسبيا، إلا أن تسجيل الجمل الحوارية وعرضها بشكل متزامن مع حركة شفاه الممثلين كان لايزال أمرا غاية في الصعوبة وهو ما نجح فيه فيلم “مغني الجاز”.

وبالرغم من اعتبار الفيلم أول فيلم ناطق بالشكل المتعارف عليه، فإن الجمل التي ينطقها الممثلون بشكل متزامن مع حركة شفاههم وأدائهم لا يتعدى مجموعها دقيقتين طوال أحداث الفيلم، وباقي الجمل الحوارية هي جمل غير متزامنة أو أغاني يؤديها الأبطال، وكان مجموعها 6 أغاني خلال الفيلم ، أو جمل يتم عرضها في اللوحات التوضيحية كتابة والتي كانت شائعة في السينما الصامتة حتى ذلك الوقت.


قصة الفيلم:

تدور أحداث الفيلم حول شخصية «جاكي رابينوفيتز» -آل جولسون- الشاب اليهودي الذي يتحدى تقاليد عائلته المتدينة ويصر على احتراف الغناء حيث يخالف طموح والده -الممثل وارنر أولاند- الذي كان يسعى أن يتفرغ ابنه للعمل في المعبد الموجود بالجيتو اليهودي في مانهاتن، إلا أن جاكي يقوم يقوم بأداء بعض الأغاني الشعبية في حديقة مخصصة لتناول البيرة، وهو ما يدفع والده لعقابه بشدة، فيقرر جاكي الهرب من منزل أسرته، ويتعرف على فتاة -الممثلة ماي مكافوي- ويقرر الارتباط منها، وبعد عدة سنوات يحقق جاكي نصيبا من الشهرة بغنائه لأغاني الجاز بعدما غير اسمه حتى يخفي أصوله اليهودية، إلا أن طموحه المهني يصطدم في نهاية المطاف مع حبه لعائلته وتقاليده.

وأثناء استعداد جاكي لبطولة أحد المسرحيات في برودواي والتي يتوقع أن تكون بداية انطلاقته الحقيقية للشهرة، يقع والده مريضا ويطلب منه أن يذهب مكانه لأداء الصلوات في المعبد في احتفال يوم كيبور اليهودي أو ما يعرف بـ”يوم الغفران”، ويصبح جاكي مخيرا بين أمرين إما أن يتجاهل طلب والده وهو على فراش الموت ويختار الشهرة أو أن يستجيب لوالده ويضحي بمستقبله الفني.

وعندما يصعد على المسرح في برودواي لأداء أحد البروفات، تأتي إليه أمه -الممثلة أيوجيني بيسرير- لتطلب منه أن يعود لوالده ويستجيب لطلبه، لكن عندما تراه لأول مرة على خشبة المسرح تبكي وهي تقول “إنه ينتمي إلى هذا المكان.. إذا كان الله يريده في بيته لكان احتفظ به هناك، إنه ليس ولدي بعد الآن، إنه ينتمي إلى العالم كله”.

في يوم الافتتاح، وأثناء انتظار الجمهور لرفع الستار يتم إخبارهم أن المسرحية لن تعرض في ذلك اليوم، حيث يقرر جاكي في اللحظات الأخيرة الاستجابة لطلب والده وأداء الطقوس في المعبد حيث يسمع أبيه صوته وهو على فراش الموت، وفي نهاية الفيلم نكتشف أن جاكي استطاع أن يوفق بين الاثنين معا، حيث يظهر في المسرح وهو يغني لأمه.

نجاح ساحق:

في يوم السادس من أكتوبر 1927، تم عرض الفيلم لأول مرة في المسرح الرئيسي في مدينة نيويورك، تزامنا مع احتفالات عيد الغفران اليهودية لتتناسب مع فكرة الفيلم، وكانت ملصقات الفيلم وأفيشاته مكتوب عليها جملة تحت أسماء الأبطال “سوف تشاهدهم وتسمعهم معا”.

وبعد نهاية العرض الأول انطلق الجمهور في حالة من الهياج الشديد والسعادة غير الطبيعية وهم يهتفون باسم بطل الفيلم ويحاولون الوصول إليه والسلام عليه معلنين عن نجاح ساحق للفيلم ولتلك التقنية، ومعلنين كذلك عن بداية حقبة جديدة ستغير وجه السينما في العالم أجمع.

وحتى اليوم، يعتبر الكثيرون فيلم «مغني الجاز» واحدًا من أكبر النجاحات في تاريخ هوليود والسينما العالمية ككل، كما أثرت السينما الأمريكية على صناعة السينما في مختلف أنحاء العالم منذ أوائل القرن 20، غير أن السينما التي نراها اليوم مرت بعدة مراحل قبل أن تصل إلى مرحلة النضج: أولا عصر السينما الصامتة، ثم سينما هوليوود الكلاسيكية، ومرحلة هوليوود الجديدة، وصولا إلى الفترة المعاصرة، حسب "دوتش فيله". 

أما سينما هوليوود المعاصرة يرجع الفضل في ولادتها إلى الإخوة لوميير، وسرعان ما أصبحت السينما الأمريكية القوة الأبرز في الصناعات الناشئة، فمنذ عشرينيات القرن الماضي، وصناعة الأفلام الأمريكية تحصد أرباحا كل عامٍ متفوّقةً على صناعات الأفلام في جميع أنحاء العالم، ومن أهم الأفلام السينمائية الأمريكية من الناحية التجارية: فيلم "ذهب مع الريح" 1939 وفيلم "حرب النجوم" 1977 وفيلم "تيتانيك" 1997 وفيلم "أفاتار" 2009.