الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين المصلحة الوطنية والمصالح الشخصية


كثيرون يقعون في خطأ جسيم وهم يحاولون الارتقاء إلي مناصب جديدة أو تقلد بعض الترقيات وهو الربط بين حبه وانتمائه وولائه لهذا الوطن الغالي وبين نجاحه ووصوله إلي أهدافي وتحقيقها بناءً علي معايير عادلة وموضوعية من وجهة نظرنا، وعندما لا يستطيع تحقيق أهدافه الشخصية بسبب أي عائق سواء كان عائقا موضوعيا أو غير موضوعي وسواء كان السبب عادلا أو غير عادل نجدنا قد فقدنا البوصلة، ونصب جم غضبنا علي الوطن بكل محتوياته وكأن الوطن هو هؤلاء الأشخاص التي حالت دون وصولنا إلي أهدافنا ولا يجب أن نربط بين مصالحنا الشخصية الضيقة وبين انتمائنا وحبنا للمصلحة الوطنية العامة، فلا يجب تحديد مستوي انتمائنا وحبنا لهذا الوطن بمقدار تحقيق مصالحنا الشخصية فالوطن أكبر وأعم وأشمل وإلا أصبحنا مثل كل خائن أو عميل قد فضل مصلحته الشخصية فوق مصلحة الوطن، وأكيد من حق كل دولة أن تحرص علي مصالحها الوطنية، سواء كانت اقتصادية أو ثقافية أو عسكرية أو غيرها، وتعزز ذلك في سياساتها الداخلية والخارجية.

وكما يشمل ذلك حماية حدودها وبناها التحتية، ومنع التهديدات التي تمس أمنها واستقرارها، والمحافظة على سلامة مواطنيها، وتقديم الرفاه الاقتصادي لهم، وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، وإحراز المكانة المرموقة في الساحة الدولية وغير ذلك، كما تشمل أيضا الأهداف والطموحات والتطلعات المحلية والتنظيمية من أجل الإستقرار الداخلي عن طريق أجهزة الدولة المختلفة بما يتناسب مع الخطة الموضوعة والرؤية المستقبلية لهذه الدول.
 
والأصل في الأشياء أن يكون السبيل إلي ذلك بناء علي معايير موضوعية عادلة ومعلنة بكل شفافية ونزاهة،ـ لتحقيق تكافؤ الفرص والعدل وإعطاء كل ذي حق حقه، ولكن للأسف كثيرا ما تستدعي الظروف أن تلجأ بعض الدول إلي بعض الممارسات التي تجور علي تلك المعايير، وذلك من أجل أهداف وطنية وأمنية أكبر. ويجب أن نعي تلك الظروف والملابسات والتعامل معها بقدر من التعالي والسمو فوق مصالحنا الشخصية. 

ومن أبجديات قيم المواطنة المحافظة على هذه المصالح الوطنية، وتغليبها، واسترخاص المصالح الأدنى كالمصالح الشخصية والفئوية والحزبية والطائفية في سبيل تحقيق مصالح الوطن العليا، فواجب كل فرد وفئة وطائفة أن تجتمع على حفظ هذه المصالح الوطنية، مهما اختلفت فيما بينها في الآراء والمذاهب والأديان، فبحفظ هذه المصالح تتحقق مصالح الجميع، وبإضاعتها تضيع كل مصلحة.

وإذا كان موضوع الاختلاف يقتضي المصارحة بين المختلفين وقبول الحق ورد الباطل وتصويب المخطئ فإن أساس اجتماعهم في الوطن يقتضي التعايش فيما بينهم والتعاون على حفظ مصالحهم المشتركة.

وذلك من تمام العقل والحكمة.

وإن من أسباب الخلل التي تطرأ على المجتمعات تفريط أصحابها في مصالحهم العليا، والإخلال بها، سواء بسبب مصالح شخصية لبعض الأفراد والمنتفعين، أو بسبب مصالح حزبية وطائفية لأحزاب وطوائف وتنظيمات، جعلت مصالحها الخاصة فوق مصلحة الجميع، وضربت بقيم المواطنة عرض الحائط.

والتي تفرض على الجميع أن يكونوا يدًا واحدة يحمون وطنهم من أن يؤثر فيها أي تدخلات ، فإذا بهم بدلًا من ذلك يكونوا هم السبب و الرياح العاصفة والأمواج الهائجة التي أغرقت سفن أوطانهم، والواقع خير شاهد على ذلك، فكم ذهب المنتفعون والحزبيون والطائفيون والعاطفيون وأصحاب المصالح بأوطانهم إلي خراب ودمار وحروب أهلية بسبب تغليبهم للمصالح الضيقة على حساب مصالح أوطانهم العليا، فكانت النتيجة أن ذهبت أوطانهم ولم تعود. وأصبحت مدنهم أنقاضًا ركامًا بعد أن كانت بهجة للناظرين، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.

إن تغليب المصالح الوطنية واجب وطني، والتعبير عنه سهل ميسور يتأتى من كل فرد غيور في أي مجتمع وفي أي موقع كان، فالأسرة التي يحرص كل فرد فيها على أن يكون مواطنًا صالحًا في مجتمعه، متحليًا بالقيم الإيجابية، قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والأخلاق الحميدة وحب الوطن والولاء له والبعد عن الفرز والتقسيم والاستقطاب والتطرف والانتماءات الشخصيه والحرص على الأمن والاستقرار يعبر بذلك تلقائيًا عن تغليبه للمصالح الوطنية.

وهنا يجب أن يتعاظم دور الفنانون والأدباء والمثقفون والإعلاميون أصحاب الأقلام والأصوات الغيورة علي إعلاء تلك المبادئ الوطنية والتركيز علي إظهارها. وأيضا دور الساهرين على أمن الوطن والعاملين على رقيه وازدهاره في شتى المجالات والجنود البواسل الذين يلبون نداء الواجب ويضحون بأرواحهم  في سبيل رفعة الوطن وعزته وغيرهم من الفئات والشرائح هم القدوة في تغليب المصالح الوطنية.

إن المصلحة الوطنية جزء أصيل لا يتجزأ من كيان وفكر أي مواطن أصيل، وخاصة في وطن استثنائي مثل مصر، التي ضمت أبناءها في أحضانها، وفتحت أمام اللاجئين والمغتربين  إليها أبوابها، وجعلت أمن مواطنيها على رأس أولوياتها، في ظل قيادة حكيمة استثنائية، لا تعرف الملل والكلل في سبيل رفعة هذا الوطن والمحافظة على عزه واستقراره وازدهاره ومصالحه العليا. يجب ان يكون الهدف الأسمي لكل مواطن هو خدمة هذا الوطن الغالي. وأن يكون الهدف من اعتلاء أي منصب هو تأدية الواجب الوطني المقدس والقيام بالدور المحدد له وإذا لم يستطيع الوصول إلي هدفه فليحتفظ بالهدف الأسمي والأعلي وهو سلامة وأمن هذا الوطن الغالي.

وحفظ الله مصر 

وحفظ الله شعبها
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط