الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جاردن سيتى


جاردن سيتى..حى القصور والفيلات والحدائق وأيضا الشوارع المتميزة.. فهو حى حديث تم تخطيطه أوائل القرن العشرين وبالتحديد بين عامى 1904 و1905م على يد بعض المستثمرين من مالكى "شركة أرض النيل الزراعية".
بدأ تنفيذ فكرة إنشاء الحى الجديد حين تولى "جوزيه لامبا" تخطيط المنطقة الواقعة غربى شارع قصر العينى وأطلق عليها إسم "جاردن سيتى" وكان تخطيطها فى شكل حدائق تضم 273 قطعة أرض مخصصة لإنشاء فيلات بارتفاعات يصل أقصاها إلى 15 مترا وكل فيلا محاطة بحديقة صغيرة وكان للفاتيكان 12 قطعة أرض من هذه القطع أنشئت عليها فيما بعد مدرسة "الميردى ديو"الحالية . كما أضافت السفارة البريطانية جزءًا جديدا للمنطقة وذلك عام 1910م. 
أما شوارعها فتميزت بأنها شوارع دائرية فريدة من نوعها تحدها المساحات الخضراء من الجانبين والمبانى ذات القيمة الجمالية المتميزة معماريا.
وحتى يكتمل إنشاء حى جاردن سيتى حرص أصحاب المشروع على تزويده بالخدمات الأساسية والمميزة تمثلت فى ملاعب التنس ورياضة التزلج.
 وفى عودة إلى الماضى.. فإن لمنطقة جاردن سيتى تاريخا عمرانيا بدأ منذ العصر المملوكى حين كان النيل يمر مكان شارع قصر العينى وحتى ميدان التحرير، حيث بدأ السلطان الناصر محمد بن قلاوون فى تعمير هذه المنطقة فأنشأ ميدانا بالجزء الجنوبى من موقع جاردن سيتى الحالى ومن موقع قصر العينى سمى بالميدان الناصرى وغرس فيه الأشجار وافتتحه فى 718هـ-1318م وبهذا الميدان كانت تقام عروض الخيل التى كان السلطان شغوفًا بتربيتها.
وعندما حفر بن قلاوون الخليج الناصرى - وكان يبدأ من جنوب موقع قصر العينى - إزداد عمران تلك المنطقة وأصبحت عامرة بالمبانى والقصور وأضفت المراكب التى كانت تسير فى الخليج البهجة والحياة ليلا ونهارا وظلت المنطقة على هذا الحال حتى أوائل القرن الخامس عشر..ثم أصابها التدهور والخراب مثل مناطق كثيرة بالقاهرة حتى العصر الحديث.
اهتمت الأسرة العلوية ببناء القصور فى مناطق كثيرة على أرض مصر، فكانت منها منطقة جاردن سيتى التى ضمت ثلاثة قصور كبيرة جميعها تطل على النيل ، فبنى إبراهيم باشا القصر العالى على النيل ويمتد جنوبًا إلى قصر العينى وشمالًا حتى الشيخ يوسف بجاردن سيتى وشرقا شارع قصر العينى.
كما بنى ابنه أحمد باشا قصرا له على النيل وأنشأ الخديو إسماعيل سراى الإسماعيلية ويشغل موقعها الآن مجمع التحرير والمنطقة التى أمامه حتى الشارع المؤدى إلى كوبرى قصر النيل.
أما الأرض التى أقيمت عليها سراى الإسماعيلية فكانت تعرف بجزيرة العبيط وذكر على مبارك "أنه بعد شراء ماكان بجزيرة العبيط من المنازل والقصور شرع – ويقصد إسماعيل – فى بناء سراى الإسماعيلية الكبيرة ، وقد كان فى نية إسماعيل بناء قصرين لكنه اكتفى بواحد ".  
أما جزيرة العبيط والتى إقيم عليها "جامع العبيط " ومكانه الآن جامع "عمر مكرم" فكانت تعرف قديما باسم جزيرة "أروى" وقال عنها المقريزى "إن جزيرة أروى تعرف بالوسطى لأنها بين الروضة وبولاق وبين القاهرة والجيزة إنحسر عنها الماء بعد سنة سبعمائة وكان يمر بها الرئيس تاج الدين أبو الفداء إسماعيل أول ما انكشفت. ويقول لى أنها تصير مدينة أو بلدة فبنى الناس فيها الدور الجليلة والأسواق والجامع والطاحون والفرن وأنشأوا البساتين والآبار وكانت فى بعض السنين يركبها الماء أيام زيادته فتمر المراكب فى أزقتها. ولما كثر الرمل بينها وبين البر الشرقى حيث خط الزريبة قل الماء وتلاشت مساكنها ".
تضم منطقة جاردن سيتى العديد من القصور التاريخية ومنها سراى وزارة الخارجية التى كانت قصر الأمير كمال الدين حسين ابن السلطان حسين كامل ، وقصر السيدة قوت القلوب بنت عبد الرحيم باشا الدمرداش ولكن تم هدمه لتوسعة ميدان كوبرى قصر النيل ، و قصرا للأميرة أمينة الهامى زوجة الخديو توفيق وكانت تلقب بأم المحسنين ، والدة الخديو عباس حلمى الثانى الذى عزله الإنجليز،وفرضوا الحماية البريطانية وقاموا  بتعيين عمه حسين كامل سلطانا على مصر وبذلك تغير اسم الخديوية المصرية إلى السلطنة المصرية لتنهى السيادة الإسمية للعثمانيين على مصر . استولى الإنجليز على القصر ليكون مقرا للمعتمد البريطانى "المندوب السامى " منذ اعلان الحماية البريطانية على مصر 1914م وحتى إلغائها فى 28 فبراير 1922م ، وبعد تلك الفترة أصبح ممثل إنجلترا فى مصر سفيرا كغيرة من دول العالم. ومن هذا القصر كانت تحكم مصر ، لذلك أطلق عليه المصريون اسم" قصر الدوبارة " كاسم رمزى يدل على مدى تسلط  الإنجليز والقيد المفروض منهم والذى يكبل ويتحكم فى سراى عابدين .
 فى منتصف الأربعينات بيعت منقولات القصر فى مزاد علنى ، وبعد هدم القصر قسمت الأرض التابعة له ، وبنيت عليها عمارتا إيزيس وأوزوريس فى الجزء الجنوبى من الأرض ، وبعد احتراق فندق شبرد القديم بالأزبكية فى حريق القاهرة 26 يناير 1952م ، تم بناء فندق شبر الحالى على الواجهة المطلة على النيل من أرض القصر ، كما أنشئ مبنى وزارة الصناعة شرق الفندق ، كما تم بناء الكنيسة الإنجلية كنيسة قصر الدوبارة على حديقة القصر  وبناء مدرسة تحمل اسم القصر . كما تغير اسم الميدان من ميدان الهامى إلى ميدان سيمون بوليفار ( محرر أمريكا اللاتينية ) .
وتضم منطقة جاردن سيتى أيضًا عددا من السفارات الأجنبية منها السفارتان البريطانية والأمريكية وسكنها الأمراء والأعيان وكبار رجال الدولة .
ظلت جاردن سيتى حتى أواخر العشرينيات من القرن الماضى تضم نمطين من ارتفاعات المبانى الأول خاص بالفيلات فكانت تتراوح من دور إلى ثلاثة أدوار والثانى للعمارات السكنية الصغيرة ويتراوح ارتفاعها مابين أربعة وستة طوابق. وبدأت ارتفاعات المبانى تظهر فى تلك المنطقة الهادئة أواخر الثلاثينيات حيث أنشئت بعض عمارات تتراوح إرتفاعاتها مابين 7 و11 طابقًا مثل عمارات الأمير سيف الدين. أما الأبراج العالية التى تعدت 12 طابقا فتم بناء أغلبها فى الثمانينات وتتركز بالمنطقة المطلة على النيل .



المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط