الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أمريكا شرطي العالم أم فتوته؟.. ولماذا تتدخل في شئون الدول؟

صدى البلد

مع تدهور الأوضاع بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي الجمهوري السابق دونالد ترامب، ما قابله قوة لصالح المنافس الديمقراطي، والرئيس الحالي جو بايدن، بدأ الجميع يتحدث عن عودة أمريكا لممارسة دورها "التربوي" تجاه دول العالم ومحاسبة الأنظمة الحاكمة من حيث التزامها بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو الدور الذي توقف تقريبا طوال 4 سنوات من حكم ترامب.


وما إن اقترب بايدن من البيت الأبيض بدأ مسؤولو إدارته وهو نفسه بالحديث عن تلك الأمور، وعادت واشنطن تتوعد بالعقوبات ومنع المساعدات وأشياء من هذا القبيل، حتى وإن كانت داخليا تعاني من أزمات مماثلة أو مشابهة، كالعنصرية وظهور التيارات الشعبوية ومحاربة أي معارضة لجرائم إسرائيل، وغض الطرف عن فساد الحليف نتنياهو بشكل تام.


مع عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض وبأغلبية تشريعية، تجدد السؤال، "بأي حق تتدخل أمريكا في شؤون دول العالم وتنصب نفسها كشرطي كوني عليها؟".


ماذا تقول أمريكا؟
يقول موقع "جمعية الخدمة الخارجية الأمريكية - AFSA" إن هناك حاجة إلى استراتيجية حقوق إنسان شاملة لدعم "عولمة الحرية"، ويضيف أن الولايات المتحدة تأسست على فكرة بسيطة لحقوق الإنسان العالمية، "نحن نعتبر هذه الحقائق بديهية. يقول إعلان الاستقلال ، إنه بمجرد أن يولد الإنسان ، يكتسب الشخص حقوقًا لا يمكن لأحد - بما في ذلك حكومته - انتهاكها دون مساءلة. ينص قانون الحقوق على الحق في اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ، وحرية التعبير ، والدين ، وحرية الصحافة ، والتحرر من عمليات التفتيش والمصادرة غير المعقولة والعقوبات القاسية وغير العادية. جعلت هذه الحريات دستور الولايات المتحدة ، في وقته ، أداة حقوق الإنسان الرائدة في العالم".


أوضح الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت أن أمريكا كانت تقاتل من أجل "الحريات الأربع" - حرية التعبير والدين ، والتحرر من الخوف والعوز.


ويتابع الموقع: "تاريخيًا ، كانت الولايات المتحدة رائدة عالمية في إنشاء وتعزيز حقوق الإنسان. ساهم كل من الدبلوماسيين والعلماء والناشطين والمنظمات غير الحكومية الأمريكية في الاحتضان العالمي الدرامي للحقوق والتعويضات التي أصبحت الحركة الدولية لحقوق الإنسان ، ما أدى إلى تغيير الممارسات الحكومية بشكل دائم وصياغة الاتفاقيات والقانون الدولي".


ويواصل:" لا ينبغي تطبيق هذه المبادئ بشكل مجزأ أو من قبل الولايات المتحدة وحدها، ولكن كجزء من استراتيجية شاملة لحقوق الإنسان لدعم (عولمة الحرية)، كهدف في حد ذاته وكوسيلة لبناء عملية أكثر إنسانية للعولمة. يوفر تعزيز الحرية والتعاون العالميين أفضل طريق لإيجاد حلول إنسانية لمشاكل حديثة مزعجة مثل الصراع السيبراني، وتغير المناخ، وانعدام الأمن الغذائي، والجريمة الدولية والإرهاب، والاتجار عبر الحدود وتدفقات اللاجئين، وعدم المساواة في الدخل، وانتشار الأمراض العالمية المتجسد حاليا في وباء فيروس كورونا".


ماذا يقول خصوم الولايات المتحدة؟
لطالما كانت روسيا هي الخصم اللدود لأمريكا، ولطالما تجسد ذلك في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت على الدوام مسرحًا للصراع على نفوذ كل قوة منهما على حساب الأخرى. يقول وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى سيجلب لهم الخير، لأنها  تحمل لهم الحرية والديمقراطية.


وقال لافروف:"نحن لا نشاركهم مثل هذه الفلسفة على الإطلاق. وأعتبر أن مثل هذه الأطروحات نهجا إمبرياليا جديدا".


ماذا يقول الواقع؟
في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عندما كان جو بايدن يشغل منصب نائب الرئيس، أبرمت واشنطن مع إيران الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ورفع أوباما شعار مد يد الصداقة مع طهران، التي حصلت على 150 مليار دولار فضلا عن رفع العقوبات الدولية. وقبل أوباما وبعد أوباما، كان النظام الإيراني ولا يزال من بين أكثر أنظمة العالم ديكتاتورية وانتهاكًا لحقوق الإنسان، لكن ذلك لم يمنع من منحه الأموال التي ينشر بها الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة بل والعالم أسره.


في عام 2003، غزت الولايات المتحدة العراق بذريعة وجود أسلحة دمار شامل، احتلت أمريكا بلاد الرافدين ودمرتها واستنزفت ثرواتها لم تترك أرضها خصبة سوى للإرهاب فقط.


أعلنت المحكمة الجنائية الدولية الجمعة أن الأراضي الفلسطينية تقع ضمن اختصاصها القضائي، ما يمهد لفتح تحقيقات بشأن ارتكاب جرائم حرب محتملة فيها. وفيما رحبت الجهات الفلسطينية بهذا القرار، استنكر رئيس الوزراء الإسرائيلي إعلان المحكمة واصفا إياها "بالهيئة السياسية". من جهتها، أعربت الولايات المتحدة الجمعة عن "قلقها العميق" حيال قرار المحكمة.


أمريكا شرطي العالم .. أم فتوّة العالم؟
في خطاب تنصيب بايدن في يناير الماضي، قال نصا إن "أمريكا عادت ومستعدة لقيادة العالم"، ومن هذا المنظور تنظر أمريكا إلى العالم وإلى نفسها، كقائد لهذا العالم، تحاسب الجميع ولا يحاسبها أحد، يوجد عقوبات أمريكية، تفرضها واشنطن على أي دولة في العالم، ولكن لا يوجد العكس، حينما فعلت إيران ذلك تجاه أمريكا كان الأمر مثيرًا للضحك والسخرية.


أمريكا غزت العراق ودمرته لشبهة ثبت زيفها، شردت شعبه وقتلته وأعدمت رئيسه وتركته فريسة للصراعات الطائفية ولإرهاب داعش وإيران من دون محاسبة، في المقابل تحارب كل من يتفوه بكلمة عن جرائم إسرائيل وامتلاكها أسلحة نووية.


ويبقى السؤال كيف تتعامل دول العالم مع هذا الوضع، ببساطة ببرجماتية، هذا هو الوضع ولا يمكن لأحد حتى الآن تغييره، أمريكا تتعامل بمبدأ المصالح والتحالفات، لذا فالأمر متروك دائما للتفاوض، لذا لا يمكن لشخص أن يفاجأ عندما يتحول أردوغان الديكتاتور إلى حليف لإدارة بايدن، فهو دائما ما يتراجع عند استشعار الخطر أو رؤية العين الحمراء، بينما تغض أمريكا الطرف عن تنفيذ ما تريد.


أمريكا تتدخل في دول العالم تحت ذريعة حقوق الإنسان أو الديمقراطية، لأنها لديها صك القوة وحدها، هي صاحبة النفوذ الاقتصادي والعسكري الأقوى، ومن يريد مواجهتها ينبغي أن يكون مكافئا لها بشكل أو بآخر.