الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هبة مصطفى تكتب: عذرا.. عيد الأم

صدى البلد

هناك نوع  آخر من البشر غير مقيد بجنس أو بلون أو عقيدة، ولكن تربطهم لغة واحدة هي لغة الرحمة والحب، وتجمعهم وظيفة واحدة هي وظيفة فطرية، وهي منحة ربانية لمن رضي عليه ربه لخلق حياة بنكهة أخرى خالية من أشواك الحياة لها نكهة الأمان، وقس على ذلك مقدار التضحيات وقد يكون المقابل لا يعادلها من عقوق، ودرجهم في البند الاحتياطي في دفتر الحياة اليومية.


ومع ذلك نجد القلب مسامحا والشفاه تبتسم والروح تنتظر يوم اللقاء في أقرب وقت وكأنه عيد،  نعم ليسوا ملائكة إنما هم أقرب بأرواحهم إلى الملائكة، منحة ربانية لمن رضي عليه ربه للفوز بثمار تلك المنحة وتقديم كل التقدير في الحياة وبعد الرحيل.


أمي قمر ما زال يسطع في حياتي حتى بعد الرحيل، كم أجد ثقل وأنا أكتب الرحيل، فهي معي طول الوقت، أمي، تذكرت هذا اليوم عندما رأيت رسالة السماء "ذهبت التي كنّا نرحمك من أجلها"، فلا يبقى أي سند يا أمي غير سمو الخصال والطبائع والمشاعر الإنسانية التى تتجلى فى إرث السلوك الإنسانى والتعامل مع الحياة بأسلوبك ونظرتك الثاقبة التي كانت تغضب أشباه البشر وبعيدا عن حجج النفس البشرية لتبرر لذاتها كل ما تفعله من عقوق لتلك الفئة الربانية التي خلقت من أجل المنح فقط حتى لو كان الدعاء فقط الذي يستحي الخالق عز وأجل أن يرده، وهذا الفوز العظيم.


أمي، كنت قطعة من قلبها إلى أن أصبحت ابنتي لا أمي، خاصة عندما تسلل الشيب إلى جسدها وهاجمتها من آلام القهر الزمني، فلا ترى الدنيا إلا بعيني ولا تسمع إلا ما أسرده لها من حياتي اليومية، كانت معي في بيتي، وعملي، وأصحابي، آه يا أمي فأحِنّ إلى الكوب التِي شرِبت منها، وأهوى لِمثواها التّراب وما ضمّا.


نعم أدركت أن الإنسان ينكسر مليون كسرة بعد أمه، خاصة بعد فقد السند الأكبر له وهو الأب.


إنني كنت أتعمد أن أتجاهل  أن يأتي يوم الابتعاد عنك، بل أيقن قلبي أنه لن يأتي أبدا، لكنه أتي كالصاعقة وجدت أنه الاغتراب وفقد البيت والأهل والوطن والأمان بكل معانيه القاسية، فتذكر يا من أسعده زمانه وأمامه فرصه البر لجواهر الرحمن أن هناك بابا لخير الدنيا والآخرة  – نعم للخير فقط - مفتوح أمامك فاغتنم الفرصة قبل أن يغلق، واعلم أنك مهما فعلت من أنواع البر لن  ترد شيئا من الجميل، فسلام عليك مع الأبرار والصديقين، قرة العين ونور القلب والعين، قمر منير يسطع رغم الغياب، فكل "جميل فى الحياة" كان أمى، وستظل أمى، رغم الرحيل، هى "الحياة".