الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبني طردني واختي هانتني.. حكاية مأساوية لـ جليسة العارف بالله في سوهاج

صدى البلد

تقدم بخطاك نحو مسجد العارف بالله بمحافظة سوهاج لتجدها جالسة أعلى الرصيف بجواره ترتدي الكثير من المشغولات ذهبية اللون "اكسسوارات"، تتنوع بين غوايش وساعات وغيرها، بثياب نظيفة غير مُنظمة وتستند على عكازها الخشبي، تلك هي السيدة الثلاثينية عامرة.

"انا اعمل ايه يعني ابويا جوزني بدري وجوزي مات واتأرملت عيلة على إيدها عيل كنت أروح بيه فين"، في عصبية شديدة وحركة لا إرادية كانت تتحدث ابنة إمبابة ل"صدى البلد"، موضحة أنها تزوجت صغيرة في عُمر الثالثة عشر، من شاب يكبرها بأحد عشر عامًا، ليتوفي الشاب بعد عامين من زواجهما في حادث سير أثناء عمله على سيارة أجرة، ويترك لها نجلهما الرضيع؛ كي تتحمل مسؤوليته وتُكمل مسيرتهما معه بمفردها.

أصبحت طفلة في مُنتصف العقد الثاني من العُمر مسؤولة عن رضيع، فتتكفل به حتى اشتد ظهره، ثم تزوج وتركها تتردد على منزل شقيقتها حتى انهارت عليها ذات يوم وطردتها وأخذت كل مُستحقاتها حتى بطاقة الرقم القومي الخاصة بها.

معاناة يومية.. أهالي جزيرة الخذندارية بسوهاج يُعانون الوصول إلى ضفة المركز.. والكوبري حلم طال انتظاره

وتابعت السيدة التي بلا مأوي : "لقيت نفسي مليش مكان ابني طردني واختي هانتني ومشيتني واخدت حتى بطاقتي ومبقاش ليا غير ربنا فمشيت في أرضه الواسعة"، تلك الكلمات التي كانت تقولها وهي تتساءل متى ينتهي هذا الحديث، لأكسر هذا الملل بسؤالاً هام:"هل تُريدين منزلاً للإقامة به هنا؟"، ولم نتوقع أن يكون ردها صادمًا بهذا الشأن.

وأضافت:" "أنا مينفعش اعيش في بيت اروح البيت أعمل ايه أموت.. هنا الناس عارفاني وكله بيعطف عليا ده بمال وده بطعام وأهيه بتدبر.. لو مُت محدش هيحس بيا هكون عايشه لوحدي مين هيشيلني".

 كلمات تُقشعر لها الأبدان، سيدة ثلاثينية تراها تظن أنها بالخمسينات من تشققات وجهها، تخشى أن تسكن بمنزل بمفردها حتى لا تتعفن جثتها دون أن يعلم أحدًا بوفاتها.

قررت أنها لن تعيش سوى بالشارع ولن تسكن سوى بجانب المارة على الأرصفة أسفل سماء الله، ولن تعمل سوى متسولة تسأل الأخرين العطف عليها والرأفة بها.