الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معاناة يومية.. أهالي جزيرة الخذندارية بسوهاج يُعانون الوصول إلى ضفة المركز.. والكوبري حلم طال انتظاره

جزيرة الخزندارية
جزيرة الخزندارية

جزيرة تتوسط نهر النيل وتحيطها مياه من جميع الإتجاهات، عشرات الشباب والرجال والسيدات والفتيات والأطفال والكثير من التكاتك والسيارات، يستقلون المعدية؛ كي يصلون إلى ضفة مدينة طهطا حتى يمارسون أعمالهم اليومية كالدراسة والعمل وشراء الملابس والمنتجات الأخرى.

صياح ومناوشات ونقاش يتوسطه السباب والشتائم، ومشدات كلامية يمكن أن تتحول إلى خلافات كبرى يقع على إثر ضحايا، وسباق يحاول فيه قاطني الجزيرة أن يلحقوا بدورهم في الصعود إلى المعدية قبل الأخرين وهنا يمكن أن يفقد أحدهم روحه بسقوطه في النيل إثر سرعة التحرك للإلحاق بحجز مكانًا له داخلها.

هكذا كان المشهد المؤسف بجزيرة الخذندارية شرق التابعة لمركز طهطا شمالي محافظة سوهاج، والتي كثيرًا ما طالب أهاليها بإنشاء كوبري يربط الجزيرة بالمركز لتسهيل حركتهم بين أعمالهم ومنازلهم.

وقال مصطفى ناجي، سائق توكتوك، وهو أحد سُكان "الخذندارية"، إنه يضطر إلى العبور من خلال المعدية إلى المركز حتى يبدأ يومه بالعمل الشاق الذي ينتظره منذ أن يصبح حتى إن يضحى، لكن ذلك يُكلفه الكثير كما أنه يخشى أن يعود مساء باللانش إلى الجزيرة ولذلك يُنهي عمله قبل أن يأتي موعد إغلاق المعدية وبدأ استغلال أصحاب اللانشات والمراكب للأهالي والأبناء.

وأضاف الشاب العشريني أنه جيرانهم فقدوا نجلهم منذ عامًا ونصف غرقًا؛ إثر سقوطه بالنيل أثناء محاولته استقلال تلك العبارة، وأنه يخشى أن يفقد أحد أشقاءه بهذه الطريقة، مشيرًا إلى أنه مازال يؤجل حفل زفافه حتى يستطع تأجير شقة بطهطا وفرشها للزواج بها، وذلك لأنه لا يرغب في أن يحيا بقية عمره في خوف فقدان طفل من أطفاله غرقًا بسبب تلك المعدية.

وأوضح السيد عاطف، بالعقد الثالث من العمر، خريج في كلية الآداب قسم الإعلام جامعة سوهاج، وهو من أبناء جزيرة الخذندارية شرق، أن مواعيد العبارة تبدأ من ٦ صباحًا حتى الخامسة ونصف مساءًا، ثم يبدأ أصحاب اللانشات ومراكب الصيد في استغلال حاجة إلى الأهالي ورغبتهم في الوصول إلى ضفة طهطا أو العودة إلى الجزيرة، مُقررين قيمة الأجرة خمسة جنيهات للفرد.

ومع انتشار فيروس كورونا المستجد وقلة فرص العمل والاستغناء عن الكثير من الأيدي العاملة للتخفيف من الإختلاط الاجتماعي بين المواظفين والعمال بالشركات والمصانع وغيرهما من جهات العمل، أصبح المواطنين في أمس الحاجة إلى المال وما يآتي به من إحتياجات، فكيف لشاب أن يدفع ١٠ جنيهات يوميًا لذهابه وايابه، أثناء سعيه على لقمة عيشه وأسرته وذويه.

صراخ وضجيج أمواج يتعالى صوتها دقات قلب ينتفض أسفل المياه يسمع نبضها الواقفين على ضفة الجزيرة، أنفاسًا مُتقطعة وتنهيدات مُتتالية وخوف انتاب قلوب الأهالي، هكذا كان حال "الخذندارية" عندما سقط باب العبارة النهرية بأواخر عام ٢٠١٨م؛ ما أدى إلى تعرض عشرات الطلاب العائدين من مدارسهم إلى الوقوع في النيل وتعرضهم للغرق.

"لولا جهود أبناء الجزيرة كان كل الأطفال والشباب اللي وقعوا غرقوا"، هكذا كان يُكمل السيد عاطف حديثه مع "صدى البلد"، موضحًا أن هناك أكثر من شخصين لقوا مصرعهم غرقًا بسبب تلك المعدية بالسنوات الأخيرة والكثير من حوادث وقوع السيارات والموتسيكلات بالنيل.


كما أشار إلى افتقار الجزيرة إلى الخدمات الطبية التي لا زال الأهالي يشكون منها، كمشكلة الوحدة الصحية وعدم انتظام العمل بها حتى الآن وعدم تواجد عربة إسعاف بها والمطافي التي يتم العمل على تجهيزها بعد مطالبات دامت لعدة سنوات، ناهيك عن عدم وجود صرف صحي، واعتماد الأهالي على الآبار، ما يُسبب مشاكل صحية وتلوث للمياه الجوفية وزيادة ملوحة التربة وافتقارها.

وبنبرة حزن ممتلئة بمزيجًا من السخرية والغضب أردف قائلًا:"يعني لو فيه حريقة مفيش اللي يطفيها غيرنا ولو حد بيموت مفيش اللي ينقذه إلا ربه بقى".

وكثيرًا ما طالبوا أهالي جزيرة الخذندارية شرق بإنشاء كوبري لإنقاذ أرواحهم وأرواح أطفالهم ولكن لا يوجد من يستمع لمطالبهم، ولكنهم لم ييأسون ويُناشدون اليوم اللواء طارق الفقي، محافظ سوهاج، بسرعة البت في أمر المعدية التي أودت بحياة الكثير سابقًا.

وناشدوا بسرعة التوجيه بإنشاء كوبري يربط جزيرتهم بالضفة الأخرى بمركز طهطا علمًا بأن العبارة لا تخدم فقط الجزيرة البالغ عدد سكانها ٢٥ ألف نسمه بل تخدم مركز وقرى ساقلتة ومدينة البداري والكثير من القرى والنجوع الأخرى، كما طالبوا بضرورة تشغيل العبارة النهرية حتى الساعه العاشرة مساء كحل مؤقت لتخفيف الزحام  ولمنع أي إستغلال من بعض مالكي اللانشات أو مراكب الصيد.