الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من الميلاد حتى الهرم.. حكاية نادي القصة وأزماته المالية.. ورثة سراج الدين يطردون الأدباء.. ومحاولات للبحث عن بديل

نادي القصة
نادي القصة

في عام ١٩٥٠، انبثقت الخيوط الأولى لنسيج  مشروع نادي القصة من رأس الراحل إحسان عبد القدوس، وهرع إلى البكباشي يوسف السباعي في مكتبه بسلاح الفرسان بكوبري القبة عرض عليه فكرته، ومشروعه انشاء نادٍ للقصة يستقطب فرسان هذا الفن الجميل الآخذ في الازدهار في أنحاء مصر، ويكون من مجمل أنشطته إصدار كتاب دوري شهريا على أن يكون رواية من أعمال أحد الأعضاء.


لم يحصل عبد القدوس على إجابة واضحة من يوسف السباعي، ودعاه الأول لتناول الشاي بمنزله في اليوم التالي و أيضا إحسان العديد من الرموز في حجرة الاستقبال  بمنزله ليعاونوه في ضخ أكسير الحياة في الفكرة ..حيث وجه الدعوة أيضاً لكل من الكتاب عبد الحميد جودة السحار، صلاح ذهني، محمد عبد الحليم عبد الله، نجيب محفوظ، علي أحمد باكثير، أمين يوسف غراب.


وتهيأ ضيوفه للإنصات الجيد، فعرض إحسان مشروع النادي وسلسلة الكتب التي سيصدرها ليفاجأ بالجميع يبدون حماسهم وبلغت المفاجأة أوجها مع إبداء يوسف السباعي حماسه في ذات الجلسة وهو الذي استقبل أمس الفكرة بشيء من الفتور بل أن حماس البكباشي تضاعف بعد ذلك حتى أن المشروع ما كان يمكن أن يرى النور كأول منتدى من نوعه في الجغرافية العربية إلا بفضل هذا الحماس وبفضل الجهد المضني للسباعي وإحسان وغيرهما أصبح نادي القصة بعد سنوات قليلة أهم منتدياتنا الأدبية.

 

وعودة إلى البدايات، ففي الأيام التالية لجلسة الشاي تلك عرض السباعي وإحسان فكرة المشروع على الكبار: طه حسين، توفيق الحكيم، محمود تيمور، فأبدوا أيضا حماسهم ليتشكل أول مجلس إدارة للنادي  من 12عضوا، طه حسين، توفيق الحكيم، إحسان عبد القدوس، يوسف السباعي، علي أحمد باكثير، صلاح ذهني، محمد عبد الحليم عبد الله، يوسف غراب، محمد فريد أبو حديد، نجيب محفوظ، محمود تيمور، عبد الحميد جودة السحار، وعقد أول اجتماع للمجلس في الخامس والعشرين من مارس عام 1952، وحضره تسعة من الأعضاء، وتم تنصيب طه حسين رئيسا للنادي.


استهل نادي القصة نشاطه في  غرفة  بمجلة الفن التي كان يصدرها عبد الشافي القشاشي حتى تم استئجار جزء من شقة المخرج جمال مدكور في ميدان التحرير أسهم كل من السباعي وإحسان في تأسيسها، و تلاقى  بها عظماء الحكي المصري كل أربعاء، ومن ذلك الركن بشقة جمال مدكور انطلقت  سلسلة الكتاب الذهبي في يونيو 1952بداية برواية  للأديب الكبير عبد القادر المازني أعقبها  مسرحية "وراء الستار" ليوسف السباعي ثم رواية خان الخليلي لنجيب محفوظ.

 

وما كان ذلك الركن الذي تم اقتطاعه من شقة المخرج جمال مدكور بكافٍ لتحقيق طموحات أعضاء مجلس الإدارة واستيعاب  أنشطة النادي التي توسعت، لذا فكر الكبار في البحث عن مقر أكثر اتساعاً ليستقروا على شقتين بعمارة فؤاد سراج الدين في 68 شارع قصر العيني، وأبدى الباشا ترحيبه بتأجير الشقتين للنادي، وتم بالفعل توقيع عقد الإيجار بين المالك فؤاد سراج الدين ويوسف السباعي وكيلاً عن مجلس الإدارة، لينطلق النادي إلى آفاق أرحب مصرياً وعربياً من خلال ندواته ومسابقاته السنوية ومجلة القصة وسلسلة الكتاب الذهبي.

 

والآن يعاني نادي القصة من أزمة كبيرة مالية، وأخرى مقريه، لأن هناك دعوى رفعها المالك "ورثة فؤاد سراج الدين"  تستند إلى أن المستأجر "نادي القصة "شخصية اعتبارية ومن حق المؤجر في هذه الحالة المطالبة بإخلاء المكان مع انتهاء العقد.


فالقانون 136 لسنة 1981 الخاص بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ينص على: " لا يجوز للمؤجر أن يطالب المستأجر إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد" ينطبق هذا على الأشخاص الطبيعيين وأيضاً الاعتباريين، إلا أن المحكمة الدستورية العليا قضت في جلسة 5مايو 2015 بعدم دستورية هذا النص، وبالتالي لم يعد من حق الأشخاص الاعتباريين مد عقد الإيجار، ولأن نادي القصة شخصية اعتبارية رفع الملاك "ورثة فؤاد باشا سراج الدين" دعوى بإخلاء مقر النادي، وبالفعل صدر حكم من الاستئناف يوم 11 يناير 2021 بإخلاء المقر.


وفي الوقت ذاته يعاني النادي من أزمة مالية ضخمة بعدما توقف دعم وزارة الثقافة له، الذي جاء بعد فصل الآثار عن الثقافة، وكان يتلقى النادي دعم "سخي" من قبل صندوق التنمية الثقافية الذي كان يحصل على 100ألف جنيه سنويا و مع انشطار الآثار خسرت الوزارة مورد دخل مهم لينخفض الدعم المقدم إلى النادي ل25 ألفا قبل أن ينقطع كليا، خاصة مع توجهات الدولة ومع تبني استراتيجية التنمية المستدامة لتحفيز 8 وزارات لتتخذ بعض أنشطتها طابعا اقتصاديا من بينها وزارة الثقافة.

 

وخلال العام  الماضي، حين علم الكاتب الصحفي د. محمد الباز رئيس مجلس إدارة مؤسسة الدستور، بأن النادي يعاني من أزمة مالية حادة تعيقه حتى عن الوفاء بالإيجار وفواتير المياه والكهرباء، أسرع بالتبرع ب60 ألف جنيه بدونها  ما يتمكن النادي من تنظيم مسابقته السنوية في القصة القصيرة والرواية وتغطية باقي بنود الإنفاق، وعقب قراءة د الكبير محمد سلماوي مقال في إحدى الصحف عن محنة النادي بادر بالتبرع مرتين، كما بادر الروائي د. كمال رحيم بتحمل نفقات مسابقة في الرواية حملت اسمه.
وأخيرا وبعد فشل كل المحاولات لإنهاء الأزمة تم إرسال مذكرة إلى رئاسة الجمهورية، حول محنة النادي وفي انتظار الرد.


كما أن رئيس النادي التقى بوزيرة الثقافة وناشدها بمخاطبة وزير الأوقاف لتوفير مقر للنادي في أي من عمارات الوزارة، وبالفعل ارسلت الوزيرة مذكرة، وأحال وزير الأوقاف المذكرة إلى المسئولين المختصين في الوزارة، وبالفعل يجري الآن البحث عن شقة مناسبة كمقر للنادي، لكن توفير شقة من قبل وزارة الأوقاف لن يحل مشكلة النادي جذريا، لأن هذه الشقة مقابل إيجار شهري لن يكون في مقدور النادي توفيره، لذا لابد من متبرعين.


وتأزمت الأمور في هذا المجال فينبغي أن توفر وزارة الثقافة مقرا للنادي في أي من هيئاتها مثل المجلس الأعلى للثقافة، المركز القومي للترجمة، أي من قصور الثقافة في القاهرة.