الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المتاهة اللبنانية

تبدو الأوضاع في لبنان، تدور في حلقة مفرغة والأسوأ من ذلك، أنها دخلت متاهة سياسية، بين أطراف محلية لبنانية وأطراف خارجية تمارس ضغوطها بكل قوة على الداخل اللبناني حتى لايخرج من الوحل.
المصيبة داخل لبنان أن الجميع يندفعون نحو الهاوية، لدرجة أن المراقب للوضع، يرى وكأن بعضهم يبحث عن تفتيت ممنهج للوطن. بمعنى أوضح البعض لايريدها فقط دولة أعلنت إفلاسها في مارس2020 الماضي واصبحت غير قادرة على السداد وتعاني مشاكل اقتصادية صعبة ومتفاقمة. ولكن لا دولة وأطراف تنجر بقوة للحرب الأهلية وسط فساد وتردي عام.
المشهد اللبناني يثير الأسي، وقبل ذلك وفي هذا المكان دعونا للصلاة، ومد يد العون للبنان الجميل الذي يوشك على بدء حقبة من الضياع ان لم توضع نهاية لهذا الفراغ. فالليرة اللبنانية فقدت 85% من قيمتها أمام الدولار منذ أواخر عام 2019. وعلى إثرها ارتفعت أسعار كل السلع الغذائية بشكل حاد في دولة تعتمد بشكل شبه كامل على الواردات من الخارج.

عمّ الفقر والفوضى لبنان، وهو ما دفع الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين لاعلان العصيان المدني الشامل وعدم الخروج من الشوارع إلا بإسقاط كل المنظومة الفاسدة وتشكيل حكومة من خارجها.
وبعد عام ونصف من الفراغ السياسي في لبنان، وصل الشعب اللبناني إلى آخر منطقة يمكنه التحمل فيها والانتظار. لكن على الجهة الأخرى لا يبدو أن الأطراف الموجودة بالسلطة وصلت أيضا الى هذه النقطة.
الحريري، يرى أن الرئيس ميشال عون، يريد حصة في حكومته المقبلة بدل حكومة حسان دياب، التي اعلنت استقالتها بعد فضيحة احتراق مرفأ لبنان. فيما يرى عون، أن الحريري هو الذي لا يريد أن يتجاوب معه ولا يريد للأمور أن تنفك، وأمام هذا العناد السياسي تضيع لبنان.
وكما هو معروف، فالأطراف اللبنانية واجهات خارجية لأطراف داخلية وخارجية وحزب الله الله اللبناني قوة ميليشاوية إيرانية لها حساباتها. إيران أيضا التي تدير اللعبة من وراء ستار، أمام جهود ماكرون وبعض الجهود العربية المخلصة لا تريد للبنان أن يتزحزح عن مكانه، والسبب إنها ترى في لبنان وضعا ضاغطا على الكثير من الحكومات العربية والغربية.
وسط هذه الأزمة، الشعب اللبناني أصبح  يعاني الأمرين للبقاء حيا، وأصبح قاب قوسين او ادنى من البقاء حيا. في السياق ذاته ووفق لعبة الحكم في لبنان وعناد عون وتشبث الحريري برأيه تبدو الطبقة السياسية اللبنانية تتمسك بامتيازاتها الطائفية والمذهبية ورافضة تشكيل حكومة انقاذية، تخرج لبنان من الأزمة ومن الماساة.
وبالرغم من كل الهجوم الذي ناله رياض سلامة، محافظ مصرف لبنان المركزي منذ 20 سنة، وتداول تقارير عن ثروته التي تصل الى نحو 100 مليون دولار، وغيرها من التقارير التي نالته طوال الشهور الماضية.
فالحقيقة أن توجهات وسياسات، مصرف لبنان المركزي وسياسته المالية ورغم الغضب ورغم النقد، فهى التي تحافظ على لبنان واقفا على قدميه حتى اللحظة. بل ان رياض سلامة طمأن قبل يومين المودعين بأنه سيكون في امكانهم الوصول لجزء من ودائعهم، بنهاية يونيو المقبل بحصول كل مودع على نحو 50 ألف دولار، يحصلون على نصفهم بالدولار ونحو 25 الفا أخرين بالليرة اللبنانية. واضاف رياض سلامة: أن اموال المودعين لم تتبخر ولم تهرب للخارج وفق الادعاءات، وأن انهيار النظام لم يحدث لأنه لم تحدث انهيارات في المصارف وافلاسات بها ولابد من الحفاظ على عدم انهيارها.
لكن هذا لا يلغي ولا يقلل من التحذير الأخير الذي اطلقه، رياض سلامة، من أنه لن يكون في الامكان مواصلة استيراد المستلزمات الطبية المدعومة دون المساس بالاحتياطيات الالزامية للمصارف. مطالبا السلطات المعنية بإيجاد حل لهذه المعضلة الانسانية والمالية المتفاقمة.
والخلاصة.. لبنان يجاوز مرحلة الأزمة ليدخل إلى مرحلة الانهيار، وإذا حدث لاقدر الله ذلك، فالقضية لن تكون لبنان فقط. لأنه سيسقط حتما في حرب أهلية، والحرب الأهلية ستجذب بدورها أطرافا عسكرية ومرتزقة وارهابيين، وقد تكون ليبيا2 أو سوريا 2 في بدايات الحرب الأهلية بها، قبل نحو عشر سنوات.. الوضع ليس خطيرًا فقط ولكنه مفزع، وعلى سلطات لبنان أن تتخلى لفترة عن ولاءاتها وامتيازاتها لحين ضبط الوضع وانقاذ السفينة من الغرق.
ومرة ثانية.. للبنانيين انفسهم صلو وساعدوا من أجل بلدكم، دعواتكم.. دعواتكم بإخلاص شديد ليعود بلدكم الجميل إليكم مرة ثانية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط