الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رئيس معهد الشارقة: الفعاليات التراثية رؤية بصرية بمضمون اجتماعي هادف وحيوي

الدكتور عبد العزيز
الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث

قال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث إن الاهتمام بالتراث في إمارة الشارقة بدأ مبكراً، لكنه تعمق وزاد وتوسع مع تأسيس معهد الشارقة للتراث، والمعهد اليوم يعتبر أحد أهم المؤسسات الثقافية المتخصصة في عرض التراث الإماراتي والعربي في أبهى صوره.

تاريخ العمل التراثي في إمارة الشارقة 
وعرض رئيس معهد الشارقة للتراث، تاريخ العمل التراثي في إمارة الشارقة الذي توج بتأسيس المعهد، حيث بدأ الاشتغال على التراث من خلال وحدة صغيرة اسمها وحدة التراث منذ العام ١٩٨٧، وتطور ذلك إلى أن أصبح قسم التراث، ومن ثم في العام ١٩٩٥ إدارة التراث، وقد كانت إدارة كبيرة، وهي التي بدأت بتنظيم وتنفيذ الفعاليات التراثية الكبيرة، مثل أيام الشارقة التراثية، وغيرها، وفي العام ٢٠١٤ أصبحت الرؤية المتعلقة بالتراث أكثر وضوحاً، فجاء معهد الشارقة للتراث، حيث أصبح للمعهد مكانة عالمية، بالإضافة إلى دوره المحلي والعربي والإقليمي.

ولفت إلى أن معهد الشارقة للتراث أسس على غرار المعاهد الغربية التي تحتضن في جنباتها البعد الثقافي والبعد الأكاديمي، واليوم يوجد في المعهد أكثر من ألف موظف، ولدينا ٤ فروع داخلية في خورفكان وكلباء ودبا الحصن والذيد، ولدى المعهد نقاط ارتباط  دولية في أكثر من بلد، هي: إيطاليا، إسبانيا، الصين، أرمينيا.

وأشار إلى أن المعهد مؤسسة ثقافية كاملة الوضوح والدور والمكانة، وفي الحقيقة إذا ما ظلت الثقافة تسير على مفهوم الحداثة والثقافة الحديثة فقط، فإنها تكون ثقافة عرجاء، أما في حال سير الثقافة على التراث الثقافي والحداثة سيكون هناك نوع من التوزان، وهذا الجيل مثلاً عيناه على السماء وقدماه على الأرض، ولا بد من وجود نوع من التوزان، فمن دون التراث نطير بلا اتزان، والمعهد يوفر الكثير من المصادر والمراجع والأوعية الثقافية التي تمكن الباحث من الإبحار في موضوع الثقافة والتراث، حتى كتابة الدراما والقصة والحكاية تحتاج إلى حضور للتراث بمختلف عناصره ومكوناته، فإذا كان هناك امتداد للتراث سيكون النتاج أكثر غنى، فالكتابة الإبداعية في ظل حضور للتراث تكون أكثر عمقاً وأكثر إنسانية.


لقد نجحنا في تنظيم أيام الشارقة التراثية، على الرغم من الظروف الاستثنائية الراهنة بما يخص فيروس كورونا، وكما يعلم الجميع فإن أيام الشارقة التراثية هي الأكبر والأهم بين فعاليات المعهد، وهي منذ أكثر من ١٢ سنة مسجلة على قائمة التراث العالمي، إن نجاحنا في تنظيم نسخة هذا العام يؤشر إلى تحدٍ حقيقي، كيف حولنا الأزمة إلى فرصة، وقد نجحنا، كما ننجح في كل الفعاليات التراثية، من ملتقى الشارقة الدولي للراوي، إلى ملتقى الحرف التراثية، وبرنامج أسابيع التراث العالمي، وغيرها الكثير، وها نحن نعمل على برنامج كبير هو برنامج الألعاب الشعبية.

ولفت إلى أن تأثير الفعاليات التراثية هو تأثير كبير وفاعل على الجيل الجديد، ولكم أن تتخيلوا مثلاً أن بعض الأطفال الذين شاركوا قبل ١٨ في الفعاليات التراثية كأيام الشارقة التراثية، هم اليوم باحثون ومختصون وأصحاب مؤسسات تراثية، ومسؤولون في التراث وأساتذة جامعيون، تخرجوا من أيام الشارقة التراثية، وهؤلاء على قناعة بضرورة التعامل مع التراث والتأكيد على الهوية والأصالة والمنفعة المباشرة، ما يعني أن البرامج الثقافية والتراثية لها تأثير كبير عليهم، فتلك الفعاليات أثبتت أنها رؤية بصرية بمضمون اجتماعي.


أوضح الدكتور المسلم أن جهود المعهد في عمليات الترميم لكثير من المناطق التراثية في إمارة الشارقة حاضرة ومتواصلة بدعم كبير من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لافتاً إلى أن أول مشروعات الترميم كانت في مناطق السوق والمريجة والشويهين، وهي اليوم مناطق تراثية جميلة، وفيها ساحة ومنطقة الفنون، ثم في حصن كلباء وبيت الشيخ حمد، وكذلك في خورفكان، حيث فريج الشرق والمسجد، والسوق والبيوت الثقافية، وبيوت الشباب، وساحة الاحتفالات، ونزل الرياحين، والمتاحف الشخصية، وغيرها، وكذلك هو الحال في كلباء، حيث العمل  القادم يركز على مجموعة من المتاحف، وقد تم افتتاح متحفين شخصيين، وسيكون هناك أيضاً نزل، ومدينة دبا الحصن مقبلة على نفس المشروع، حيث سيتم العمل على بناء متحف حكومي ومتاحف شخصية، وهناك عمل في وادي الحلو وعمل في الخان، ومشروعات كثيرة ومتنوعة.

وقال الدكتور المسلم: نقوم بعمليات الترميم، حسب معايير اليونسكو وحسب المنظمات الأخرى التي تعتبر بيوت خبرة في هذا الشأن. كما نحرص على الحفاظ على التراث غير المادي أو المعنوي من خلال حفظ الذاكرة الشعبية، ونؤكد على الحفاظ على الرؤية البصرية من خلال العمل المادي والتوثيق والفعاليات والتركيز على المضمون الاجتماعي، حيث نعيد لأي معلم تراثي الحياة، وقد خرّجت الفعاليات التراثية العديد من الباحثين والمختصين والمسؤولين في عالم التراث.


وتطرق الدكتور المسلم إلى المشاريع المستقبلية، وهي مشاريع كثيرة، من أبرزها متحف كلباء الذي سيكون أحد أكبر المتاحف في الإمارات، وهناك مشروعان لمتحفين في الشارقة قيد الدراسة والاعتماد، ونسعى إلى إدراج دراسة البكالوريوس في المعهد، وكما تعلمون لدينا برنامج الدبلومات، بالإضافة إلى الماجستير في المغرب.

ولفت إلى أن المعهد يعمل على تمويل الكثير من المشاريع والدراسات لسنة أو أكثر، وتمويل الباحث وفريق العمل معه، كما أصدر المعهد ٣ قواميس، وموسوعتين، بالإضافة إلى مكنز التراث العربي، وقد أصبح المعهد اليوم مرجعاً مهماً ونقطة ارتكاز للتراث العربي.

وأضاف" اهتم المعهد منذ البداية بالمكتبة، ولدينا اليوم أكثر من فرع لها، كما تقوم إدارة النشر والمحتوى بدور فاعل يهدف إلى إغناء المحتوى التراثي، إذ نصدر في كل عام ما لا يقل عن ٥٠ كتاباً متخصصاً، كما نصدر مجلة شهرية ثقافية تراثية اسمها مراود، وكذلك مجلة علمية متخصصة محكمة اسمها الموروث، وندعم الكثير من المشروعات البحثية، وندعم موضوعات حفظ الهوية وصون التراث من خلال برامج متصلة مع اليونسكو، ففي العالم العربي يوجد مركزان تابعان لليونسكو من الفئة الثانية، أحدهما في الجزائر والثاني معهد الشارقة للتراث.

ولفت إلى أن هناك إقبالاً كبيراً من الجمهور على التراث والبحث في عالم التراث، ومهمتنا ان نساعد الجميع، وندخل كل بيت أو قلب بسهولة نظراً لشغف الناس بالتراث، وقد أصبح المعهد ملاذاً وبيتاً لكثير من الناس، والكثير من الناس تحول إلى التراث، فالتراث اكثر مرونة، ونحن كمعهد أكثر مرونة، كما أن توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة مستمرة ومتواصلة، وهناك سخاء كبير في مكافأة وتقدير المجتهدين.


أوضح الدكتور المسلم أن العمل الثقافي عموماً والعمل التراثي خصوصاً هو عمل تراكمي، ولا يقف عند التأهيل الجامعي فقط، بل لا بد من التوزان مع الخبرات، فهناك علاقة إنسانية تتكئ على متكئ ثقافي كبير، هكذا يكون الباحث من خلال الخبرة والتراكم والتحصيل العلمي والقراءة في التخصص.

وأشار إلى أنه يجب علينا أن نفهم اللهجة الإماراتية ضمن التنوع الثقافي، فمن خلال تدريسي في الدورات والجامعات، لاحظت أن الناس لا تتكلم لهجة واحدة، وقد تميل إلى "اللهجة البيضاء"، لكن في الحقيقة إن التنوع في اللهجات غنى وثراء.

ولفت إلى أهمية أن يتعرف أبناء الجيل الجديد على اللهجات، ويعتز بها، فهناك  خلل كبير في الثقافة المحلية بسبب انعدام ذلك الوصل والحب بين الناس وبين لغتهم ولهجتهم.