الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر عاقيل يكتب: رياضتنا محتضرة

صدى البلد


مشاركات أولمبية عدة مرت دون أن تجد فيها رياضتنا أي علاجات جذرية لكل المشاكل العالقة والمهملة بقصد أو دونه، هذا باختصار شديد واقع الحال الذي تواجهه مختلف الرياضات الممثلة للراية المغربية في كل تفاصيلها ومسمياتها من حيث الشكل والمضمون، فغاب عنها الحسم وحضر الإجتهاد، حضرت الأهداف وظهرت الأنانية، والنتيجة تراجع مهول، بل غياب كلي في سبورة ترتيب الدول المشاركة في الأولمبياد تحقيقا للميداليات.
وحينما نقول إن مختلف الرياضات تعيش على وقع الصدمة، من خلال معايشتها فترة بين اﻹجتهادات التسييرية في ظل غياب الحسم في كل الصراعات والخلافات التي تعيشها جامعاتها مما أثر على مستقبل الرياضة الوطنية، فإننا نعني بالتحديد كثرة القضايا التي وصلت حتى إلى المحاكم الدولية، بمقابل العمل الفردي الذي يظهر بين من يتولون زمام أمور إدارة العمل الرياضي، وولادة فكرة التبخيس، وغياب الحس الوطني لتظهر إلا لسببين مهمين، اﻹفتقار إلى الإلمام بالأمور، والإنفراد بالموقع.
مقارنة الإنجازات التي حققها المغرب في الأولمبيادات السابقة بإنجازاته في الأولمبيادين الأخيرين بلندن وريو يؤكد أن تحقيق الإنجاز الرياضي العالي لا يتوقف على ضخامة الميزانيات المرصودة لإعداد الأبطال في إطار برامج انتقائية خاصة، وإنما يرتبط باستيحاء لتجارب الدول المتصدرة لترتيب الميداليات بالعمل الرياضي القاعدي الشامل، حيث يخصص المغرب ضعف وأكثر ما تخصصه دول من قيمة فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية مكافأة للظفر بالميدالية الذهبية، والعارفون ببواطن الأمور يعلمون جيدا أن حظوظ الظفر بالميداليات لا يتوقف على مقدار المكافآت المالية المرصودة، بل بإعداد رياضيي تحقيق الإنجازات بالشكل الذي يمكنهم من المنافسة على مستويات عالية تجعلهم يستحقون بحق لقب رياضيي الأولمبياد.
وهو الواقع الذي لا يخفى غياب ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍلرياضي ﺍﻷﻭلمبي ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍلعلمي، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺃي ﺇﻧﺠﺎﺯ ﺭﻳﺎضي ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻫﻮ ﻧﺘﺎﺝ ﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺕ ﻓﺮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻼﻋﺐ ﻭﺍﻟﻤﺪﺭﺏ ﻭالجامعة وﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻴﻤﺒﻴﺔ ﻭﺣﺘﻰ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍلمسؤوﻟﻴﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ تغيب لديهم الحماسة والإجتهاد ما يجعلنا ﻧﻔﺘﻘﺮ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﺳﻴﺴﺘﻢ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻷﻭلمبي.
في الحقيقة واقع العمل الإداري الرياضي المغربي أكل من جرف الإنجاز الذي كان يفترض أن يحدث، في ظل اﻹنقسامات والعشوائية وتغييب الرجل المناسب في المكان المناسب، وهو أمر أدى إلى ضياع الوقت وتشتث الجهود والتخبط الفعلي الذي لم يطور من واقع رياضات عدة بشيء يذكر، بل زاد الطين بلّة، فحدث ما حدث من فارق كبير جدا بين ما كنا نحلم به وننشده، وبين ما حصل على أرض الواقع.
المصالح الشخصية والجهل ببواطن الأمور تسبب في غياب رموز رياضية مهمة، بمقابل وصول أشخاص كان لهم الدور الأكبر في دخول رياضتنا دهاليز وأنفاق مظلمة جدا، وحتى اللحظة بقيت الأمور عالقة دون حسم، بل تأثرت نتيجة الأجواء غير الصالحة للعمل الرياضي، حتى أن بعض اللاعبين بمختلف الألعاب عانوا الأمرين نتيجة إبعادهم عن طموحاتهم المشروعة والتي تأثرت كثيرا عقب تراكم الأخطاء ووصول من هم ليسوا مهنيين أو أولئك الذين فرضوا أنفسهم أو تم فرضهم من قبل المهيمنين على سلطة الرياضة.
في تقديري الشخصي، فإن مشكلة الرياضة اليوم تكمن في عملية الترقيع في البناء الكثير من الأمور بهدف إبقاء عجلة الرياضة تدور بصعوبة، وهكذا سارت الأمور منذ أعوام، حتى وصلنا إلى إيقاف بعض النشاطات، حتى قبل جائحة كورونا، قضت بطريقة على آخر بارقة أمل على تحقيق إنجازات رياضية كنا نأمل أن يحدث ويحصل ويوصلنا إلى نقلة نوعية كنا بأمس الحاجة إليها، ليوصلنا إلى مرحلة اﻹرتقاء الأولمبي التي بحثنا عنها، دون أن نجدها، بل أوصلتنا إلى مرحلة اﻹستسلام أمام ما يحدث اليوم أولمبيا.
وحتى نكون واقعيين أكثر في طرحنا الحالي، فإن الرياضة المغربية واجهت مصاعب داخلية، وأحوال متباينة وأجواء غير مشجعة للعمل الرياضي، كلها بسبب غياب الحسم واﻹفتقار للقرار، وترقيع للمشاكل وتمويع القضايا، هذا باختصار هو واقع رياضتنا المتدني، أضف إلى ذلك التقاطعات والخلافات، وعليه يفترض بالجميع أن يعترفوا بالخيبة التي جلبوها لرياضتنا من جهة وأن يحاسبوا أنفسهم نتيجة تراكم الأخطاء التي أضرت بالرياضة المغربية، وأن يقدموا استقالتهم عسى الله أن يغير الله من واقع الحال شيئا.
لقد أثبتت التجارب الكثيرة التي مرت بها رياضتنا، أن العديد من الإنتكاسات والخسارات والمشاكل في العمل كان سببها سوء إدارة العمل، وضعف القرار المتخذ و عدم الخبرة في التعامل مع المتغيرات، مادام هناك خلل في عدم قدرة وكفاءة من يديرها، وتحمل مسؤوليتها بالشكل الصحيح، وبالتالي فإن تقدمها وتطورها مرهون بالإختيار السليم لكوادرها، وهو ما أدى إلى خسارة في الوقت والأموال، إن الاصلاح الشامل يكمن بالأساس في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وذلك يتطلب توصيف كل عمل من الأعمال لمعرفة الصفات الواجب توفرها في الشخص الذي سيسند إليه هذا العمل أو تلك الوظيفة وذلك من حيث الكفاءة والخبرة والممارسة والنزاهة والشفافية ونظافة اليد، ﻷن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، هي أول خطوة نحو الإصلاح و التغيير، وضع الرجل المناسب في المكان المناسب يعتبر الرافعة القوية لجميع برامج الإصلاح الرياضية.