الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحصانة القضائية الدولية.. النقض توضح

محكمة النقض
محكمة النقض

أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها الحصانة القضائية الدولية.

جاء في حيثيات الحكم أنه المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنَّ تلك الحصانة (الحصانة القضائية للدولة) التي لا تخضعُ بموجبها الدولةُ لولايةِ قضاءِ دولةٍ أخرى - تقومُ أساسًا علي مبدأِ استقلالِ الدولِ وسيادتِها في المجتمعِ الدوليِّ ، وهو من المبادئِ المسلمةِ في القانونِ الدوليِّ ، لأنَّ حقَ الدولةِ في القضاءِ في المنازعاتِ الناشئةِ عن التصرفاتِ التي تباشرُها بصفتها صاحبةَ سلطانٍ لصيقٍ بسيادتِها ، وخضوعُها لقضاءٍ غير القضاءِ الوطنيِّ يعني خضوعَ الدولةِ بأسرها لذلك القضاء ، بما ينطوي عليه ذلك من مساسٍ بسلطةِ الدولةِ وسيادتها واستقلالِها . 

ولا يغير من ذلك ما يُثارُ في فقه القانونِ الدوليِّ العامِ حولَ تراجعِ وانحسارِ مبدأ السيادةِ الوطنيةِ وما ترتَّبَ على ذلك من تغييرٍ في مفهومِ ونطاقِ فكرةِ السيادة الوطنية نتيجةَ التطوراتِ التي شهدها النظامُ الدوليُّ خلالَ العقودِ القليلةِ الماضيةِ ، وخاصةً في قواعدِ القانونِ الدوليِّ الجنائيِّ ، والاستدلالُ على ذلك بإنشاءِ المحكمةِ الجنائيةِ الدوليةِ عام ٢٠٠٢ ، وسنِّ بعضِ الدولِ قوانينَ داخليةً تُخولُ لقَضائِها الوطنيِّ محاكمةَ الأفرادِ المتهمينَ بارتكابِ جرائمَ دوليةٍ خطيرةٍ مثل جرائمِ الإبادةِ الجماعيةِ والتطهيرِ العرقيِّ وجرائمِ الحربِ والجرائمِ ضدَ الإنسانية حتى وإنْ وقعتْ هذه الجرائمُ خارجَ إقليمِها وكان المتهمُ والضحايا من غيرِ مواطنيها.

وهو ما أُطْلِقَ عليه في الفقهِ الدوليِّ بالولاية القضائية العالمية ، وذلك استجابةً للاتجاهِ المتنامي في المجتمعِ الدوليِّ نحوَ احترامِ حُقوقِ الإنسانِ وحرياتِه الأساسيةِ ووجوبِ وضعِ ضماناتٍ دوليةٍ تكفلُ احترامَ هذه الحقوقِ وعدمَ انتهاكِها من جانب الحكوماتِ الوطنيةِ والتنصلِ من تحملِ مسئوليتِها معتصمةً بمبدأِ السيادة الوطنيةِ ، كما استدلوا بانحسارِ فكرةِ السيادةِ الوطنيةِ على ما حققتْه المنظماتُ الدوليةُ عن طريقِ الاتفاقياتِ الدوليةِ في سعيها إلي تقنينِ المسئوليةِ الدوليةِ ، بحيث تسمحُ للدولةِ كشخصٍ من أشخاصِ القانونِ الدوليِّ إذا لحقها ضررٌ تحريكَ دعوى المسئوليةِ المدنيةِ على الشخصِ الدوليِّ المتسببِ في هذا الضررِ.

إلَّا أنَّ كلَ ما سبقَ بيانُه لا يكشفُ عن قيامِ عُرفٍ دوليٍّ يسمحُ للشخصِ الطبيعيِّ أنْ يُقيمَ دعوى المسئوليةِ المدنيةِ ضد دولةٍ أجنبيِّةٍ أمامَ محاكمِه الوطنيِّةِ بالمطالبةِ بالتعويضِ عما حاقَ به من أضرارٍ ناشئةٍ عن التصرفاتِ التي باشرتْها هذه الدولةُ بوصفِها صاحبةَ سلطانٍ وسيادةٍ ، ومن أظهرِ هذه التصرفاتِ ما انطوى على قرارِ الحربِ ولو كانت حربًا عُدوانيةً غيرَ مشروعةٍ ، إذ مازال المبدأُ الذي يمنعُ خضوعَ الدولةِ الأجنبيِّةِ كشخصٍ قانونيٍّ دوليٍّ لولايةِ القضاءِ الوطنيِّ لدولةٍ أخرى مستقرًا ويسودُ العلاقاتِ الدوليةَ ، بما يتعينُ معه الالتزامُ به والقضاءُ بمقتضاه .