الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في عصر السرعة والغضب.. هل يصطنع فان ديزل "كليشيه" الوفاء لصديقه بول ووكر؟

صدى البلد

منذ الصغر نسمع ونقرأ طوال الوقت عبارة "رب أخ لك لم تلده أمك"، و"الصديق قبل الطريق" وإلى ذلك من الجمل الكثيرة التي تتحدث عن الصديق والصداقة، لكن تلك الجمل يتلاشى معناها ووقعها على آذاننا من جراء التكرار، لكن هناك لحظات في حياتنا ندرك أننا نتعرف في رحلتنا بالحياة على الكثير والكثير من الأشخاص بحثا عمّن تنطبق عليه شروط تلك العبارة لنستعين عليه في حياة مليئة بخليط من “السرعة والغضب”.

ولعل قصة الصداقة بين النجمين العالميين، فان ديزل والراحل بول ووكر من الأمثلة الحية التي باتت من أبرز النماذج - إن لم تكن أبرزها- للصداقة الحقيقية والوفاء بين الأصدقاء حول العالم، خاصة بعد رحيل ووكر وظهور تأثيره العميق على صديقه ورفيق النجاح لعدة أجزاء من سلسلة أفلام "السرعة والغضب - Fast and Furious".

بالأمس، تناقلت وسائل الإعلام صور حفل زفاف عارضة الأزياء ميدو ووكر، ابنه بول، الخبر يبدو عادياً، زفاف ابنة نجم عالمي راحل، لكنه تحول إلى حدث عالمي بسبب اصطحاب فان ديزل ميدو ووكر وتسليمها إلى زوجها، وكأنه والدها الثاني بعد رحيل بول.

أثار المشهد موجة جديدة من المشاعر تجاه قصة الصداقة العظيمة تلك، لكنها مجرد موجة سبقتها موجات من الوفاء أثارها فان ديزل على مدار 8 سنوات، أثبت خلالها وفائه إلى صديقه الراحل، وأكد خلالها أحد أهم معان الصداقة، والمحبة بشكل عام،  أن من غاب لم يُنسى.

هل فان ديزل يمثل علينا؟

دائما ما نرى نجوم السينما يتحدثون عن زملائهم أمام الكاميرات بمنتهى الحب والود، تذكر دائما الحديث عن الكواليس وكم كانت ورائعة ومرحة، كم أن هذا الزميل في قمة "الجدعنة"  والإخلاص وأنه أخ للجميع، وعندما يجمع عمل أو عملين فنانين أو فنانتين نجد أحاديث من نوعية "عشرة العمر" ورفيق الدرب" و"شريك النجاح". لا يقصد هنا الإشارة إلى زيف تلك المشاعر، ولكن دائما هناك ما هو صادق وما هو مزيف، والكاشف الوحيد عن الحقيقة دائما وأبداً هي المواقف.

في نوفمبر 2013، صعق محبو السينما حول العالم بنبأ صادم، وفاة بول ووكر في حادث سيارة أثناء سفره، حين فقد السائق، ورجر روداس، السيطرة على السيارة في أحد  شوارع كاليفورنيا واصطدم بعمود إنارة، ليرحل الاثنان.

كان بول ووكر حينها يبلغ من العمر 40 عاماً، ولا يزال يصور مشاهده في فيلم "Fast and Furious 7".

كانت الأخبار مفجعة لكل من المعجبين وطاقم الفيلم، خاصة وأن السلسلة بأكملها مبنية على الأسرة والصداقة والبقاء على قيد الحياة من خلال التماسك والترابط. ومع ذلك، أثرت وفاة بول بشكل خاص على صديقه وشريكه ، فان ديزل، الذي انهار عدة مرات واختنق من البكاء أمام الكاميرات في العديد من المناسبات.

مباشرة بعد المأساة، ظهر الممثل في منزل والدة صديقه للتعبير عن تعازيه. روى فان ديزل قصة كيف صُدم من رد فعل والدة بول، التي بادرت هي الأخرى بتعزيته وكأنه أخيه أو ابنه وليس ابنها هي.

وعندما سألها فان ديزل "لماذا تأسفين لي وتعزينني لماذا "قالت والدة بول ووكر له رداً - أراهن أنه سيؤثر بك - صادماً:"لأنني أعلم أنك فقدت نصفك الآخر".

قال فان ديزل إن علاقته بـ بول ووكر طويلة الأمد، وأنهما لم يكونا مقربين في الأفلام وحسب بل وعلى صعيد الحياة الشخصية، وأن الارتباط الخاص بينهما مستمر حتى مع غياب أحدهما، لأنه وعلى الرغم العديد من الأصدقاء المقربين لديه، يظل فقط بول ووكر الوحيد الذي كان بمثابة "النصف الآخر".

سر صداقة بول ووكر وفان ديزل

التقى الممثلان لأول مرة خلال قراءة الجزء الأول لفيلم "The Fast and The Furious"، لتبدأ علاقة صداقة في العمل دامت 12 عاماً كانت كفيلة بتكوين صداقة عميقة بينهما.

حكى فان ديزل عن فترة من حياته كانت عصيبة للغاية، وكيف كان يشعر بالإرهاق بسبب ازدحام جدول أعماله ومسؤولية التكفل بعائلته بأكملها والتي كانت تثقل عليه لدرجة أنه شعر بأنهم كانوا "يستغلونه"، ولكن الأسوأ من ذلك شعوره بأن والدته نفسها كانت تقابلة بـ"لا مبالاة" تجاه مشاعر ابنها.

قال فان ديزل إنه لم يجد في هذا الوقت شخصاً يتحدث إليه، سوى بول ووكر، الذي كان للمصادفة تواجهه ظروفاً مشابهة.

ساعده بول من خلال التوسط مع والدة فان ديزل وجعلها تفهم ما كان يمر به. وهذا الامر كان كفيلاً بأن يظل فان ديزل ممتناً له إلى الأبد.

انهار فين بالبكاء عدة مرات كلما تحدث عن صديقه الراحل، هذا الأمر استغله الصحفيون كثيرا، "هناك أحد أهم المشاهير يتألم لم لا نبتذ مشاعره أمام الملايين؟".

اعترف فين غير مرة أن فقدان بول كان من أحلك لحظات حياته وقال:"أن تقضي 15 عاماً من الانتقال من كونك لا أحد إلى كونك شخص ما، مع أخ، وبعد ذلك في يوم تجده رحل، هذه تجربة ثقيلة".

عندما رحل بول ووكر كان قد صور 85% من مشاهده في الفيلم، أي أن هناك 15% منها لا يزال بحاجة إلى التصوير، لذلك اضطر فان ديزل أن يستكمل تلك المشاهد متظاهراً أن صديقه أمامه، ما أضاف إلى تجربته المؤلمة المزيد من الألم.

"لقد كنت أمثل طوال حياتي لكنهم لا يعلمونك في التمثيل، كيف تحزن على شخص ما وتتظاهر في نفس الوقت بأنه في مشهد معك".

وفي عام 2015، اطلق فان ديزل على ابنته الثانية عند ميلادها اسم "بولين"  تكريما لذكرى صديقه.

لكن من الكلمات التي قالها فان ديزل ويمكن لكل منا التوقف عندها طويلا :"من المحتمل أننا جميعًا مذنبون بعض الشيء لعدم إخبار الناس بمدى حبنا لهم أثناء تواجدهم هنا".

وياللمصادفة، هذه العبارة أيضا مكررة ونسمعها دائما، تماماً مثل جملة "رب أخ لك لم تلده أمك" و"الصديق قبل الطريق" وبرغم كونها عبارات مكررة أو "كليشيهات"، تذكر دائما أن قيمتها ثابتة ولا تتغير.