الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يجوز تجسيد شخصيات أمهات المؤمنين والصحابة في الأعمال الفنية؟ الأزهر والإفتاء يحسمان الجدل

حكم تجسيد شخصيات
حكم تجسيد شخصيات الصحابة وأمهات المؤمنين

تتكرر الرغبة لدى القائمين على الأعمال الفنية والدرامية في تجسيد الشخصيات الدينية والتاريخية بين الحين والآخر في إطار التعريف بالشخصية أو إحياء القدوة في نفوس الأجيال المختلفة والتذكير بهؤلاء العظماء، الأمر الذي يخلق حالة من الجدل حول قدسية بعض الشخصيات الدينية على وجه الخصوص وحكم تجسيدها في عمل فني مهما بلغت درجات الحيطة والاحتراز.

وبعد أن أبدى بعض الفنانين رغبتهم في تجسيد شخصيات الصحابة وأمهات المؤمنين، وعلى وجه التحديد السيدة زينب نرصد أبرز ما ورد على لسان المؤسسة الدينية الرسمية في الأزهر والإفتاء حول مشروعية هذا الأمر من عدمه وحكم الشرع في هذه المسألة حسماً للجدل.

 

حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة

في البداية، أكدت دار الإفتاء المصرية حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة فى الأعمال الفنية، وأكدت أمانة الفتوى بالدار، حرمة ما تقوم به بعض شركات الإنتاج السينمائى من إخراج أفلام ومسلسلات يجسد فيها شخصيات الأنبياء فى أى فترة زمنية من عمرهم المبارك، مراعاة لعصمتهم ومكانتهم، فهم أفضل البشر على الإطلاق، ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يمثل أو يتمثل به إنسان، بل إن الشرع نزه صورهم أن يتمثل بها حتى الشيطان فى المنام.

وأضافت الدار أنه مما يؤكد حرمة هذا العمل أنه ينطوى على مجموعة من المفاسد مثل كونه ليس مطابقًا لواقع حياة الأنبياء من أن أفعالهم تشريع، وأن التمثيل يعتمد على الحبكة الدرامية ما يدخل فى سيرتهم ما ليس منها، فيحرم الإقدام على هذا العمل تطبيقا للقاعدة الشرعية التى تقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. 

وهو ما ذهبت إليه المجامع والهيئات العلمية المعتبرة كمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامى الدولى التابع لمنظمة التعاون الإسلامى، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والمجمع الفقهى الإسلامى بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامى.

وأوضحت أن هذا كله يتسق مع كوننا نربأ بالشخصيات الدينية التى لها من الإجلال والاحترام أن تقع أسيرة رؤية فنية لشخصية الكاتب يفرضها فرضًا على المتلقى لها، بما يغير حتمًا من تخيل المتلقى لهذه الشخصيات والصورة الذهنية القائمة عنده حولها، ويستبدل بها الصورة الفنية المقدمة، ما يكون له أثره البالغ فى تغيير صورة هذه الشخصيات، وفرض رؤية الكاتب فرضًا.

ورأت اللجنة أن من يحاولون نزع القداسة عن الأنبياء والشخصيات الدينية الأخرى ذات الإجلال والتقدير، تقليدًا منهم لمسار الفكر الذى نزع القداسة عن كل شىء تقريبًا بناء على نموذجه المعرفى يرون بناء على ذلك أن عدم نزع تلك القداسة يجعل الكاتب ناقص الرؤية ومجانبًا للحقيقة، وفكرة نزع القداسة هذه مرفوضة تمامًا فى الإسلام، سواء فى منطلقاتها الفكرية، أو فى تطبيقاتها العملية.

 

تمثيلَهم حرامٌ شرعًا

بدوره أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أنه لا يجوز تجسيد الأنبياء والمرسلين في الأعمال الفنية، وكذلك العشرة المبشرين بالجنة، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وآل البيت الكرام؛ فلا يجوز تمثيلهم لِمَا لَهُم من مكانةٍ عظيمةٍ وسابقةٍ في الإسلام.
وقال «جمعة»، في فتوى له، إن الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هم أفضل البشر على الإطلاق، وميَّزهم الله تعالى عمن سواهم بأن جعلهم معصومين، ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يُمَثَّل أو يَتَمَثَّل به إنسان، ولذا فإن تمثيلَهم حرامٌ شرعًا.

 

حكم تجسيد شخصيات الصحابة وأمهات المؤمنين في الأعمال التليفزيونية

وتلقت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية سؤالًا يقول: "ما حكم تجسيد شخصيات الصحابة وأمهات المؤمنين في الأعمال التليفزيونية؟".
وردت دار الإفتاء: "المختار للفتوى أنه إذا أُظهِرُوا بشكل يناسب مقامهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم خيرة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين فلا مانع من تمثيلهم إذا كان الهدف من ذلك نبيلًا؛ كتقديم صورةٍ حسنةٍ للمشاهد، واستحضار المعاني التي عاشوها، وتعميق مفهوم القدوة الحسنة من خلالهم، مع الالتزام بالضوابط الآتية:


أولًا: الالتزام باعتقاد أهل السنة فيهم؛ من حبهم جميعًا بلا إفراط أو تفريط.
ثانيًا: التأكيد على حرمة جميع الصحابة؛ لشرف صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتوقير والاحترام لشخصياتهم، وعدم إظهارهم في صورة ممتهنة، أو الطعن فيهم والاستخفاف بهم والتقليل من شأنهم.
ثالثًا: نقل سيرتهم الصحيحة كما هي، وعدم التلاعب فيها.
رابعًا: الاعتماد على الروايات الدقيقة وتجنب الروايات الموضوعة والمكذوبة.
خامسًا: تجنب إثارة الفتنة والفرقة بين الأمة الإسلامية.
وأضافت الإفتاء: "يُستَثْنَى من هذا الحكم: العشرة المبشرون بالجنة، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وآل البيت الكرام؛ فلا يجوز تمثيلهم".

 

اتجاهات القائمين على العمل الفني

قال الشيخ خالد الجندي إن الفتوى التي صدرت عن دار الإفتاء بجواز تمثيل أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- وتجسيدهم في الأعمال التليفزيونية؛ خطيرة من نوعها وقد تؤدي إلى نتائج ومشكلات لا تحمد عقباها في المجتمع.

وأضاف الجندي في تصريحات لـ"صدى البلد" أن هذه الفتوى ما كان يجب أن تصدر عن دار الإفتاء وتتورط في التفرد بالحكم فيها دون الرجوع إلى هيئة كبار العلماء ومشاركة حوار مجتمعي يشترك فيه المفتون والفنانون والمثقفون والإعلاميون والمفكرون، مشيرًا إلى أنها قد تؤدي إلى تناحر وفتنة بين أبناء المجتمع.

وأوضح أن السبب في ذلك هو أن القائمين على إنتاج الدراما والأعمال الفنية في مصر ليسوا جميعًا أسوياء، لافتًا إلى أن هناك عدة اتجاهات بين أبناء الوسط الفني منها إلحادية ويسارية وشيوعية وغيرها من الاتجاهات الخطيرة أى التعامل مع نصوص الدين والسماح لهم بتقليد الصحابة وتجسيدهم من غير ضابط ولا رابط يعد كارثة.

وذكر الجندي أن الكاتب أسامة أنور عكاشة عندما تحدث عن الصحابي الجليل عمرو بن العاص الذي لولاه مادخل الإسلام إلى مصر، قال : "إنه … شخصية في الإسلام"، متسائلًا: ما الذي قد يحدث إذا أسندنا إلى كاتب مثله مهمة عمل فيلم عن عمرو بن العاص، وعكاشة يرى أن ابن العاص … شخصية في الإسلام؟ وكيف سيخرج عمرو بن العاص حينها إلى المجتمع؟".

وتساءل الجندي: من هذا الذي سيقوم بدور أبي بكر الصديق أو عمربن الخطاب، والشاعر حافظ إبراهيم يقول: فمن يباري أبا حفص وسيرته.. ومن يحاول للفاروق تشبيهًا.