الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدولة المصرية.. اقتصاد صامد ونهج واعٍ

صدى البلد

 

لا شك أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي بدأتها مصر منذ عام 2016 لعبت دورًا كبيرًا في تحسين مناخ الاستثمار في العديد من القطاعات، فمن المؤكد أنه كلما كان هناك تحسنًا في مؤشرات الأداء الاقتصادي للدول، انعكس ذلك بشكل إيجابي على بيئة الاستثمار، والعكس صحيح.

قبل أيام، تابعت باهتمام بالغ" البيان الختامي لمشروع الموازنة العامة للدولة المصرية للسنة المالية 2022 / 2023" الذي ألقاه الدكتور محمد معيط، وزير المالية، تحت قبة البرلمان المصري، والذي أشار فيه إلى أن معدل نمو الاقتصاد المصري وصل إلى 9% خلال النصف الأول من العام المالي21/22، بالرغم من الظروف الاستثنائية المضطربة التي يمر بها الاقتصاد العالمي الذي تتشابك التي تواجهه بين تداعيات جائحة كورونا والقـدرة علـي التعافي منها، وبين موجة تضخمية غير مسبوقة تتزايد حدتها يوما بعد يوم نتيجة للأزمة الروسية الأوكرانية.

في الحقيقة، جاء بيان وزير المالية المصري، متسق تمامًا مع شهادات العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية، كصندوق النقد الدُّوَليّ، والبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية، التي توقعت - في وقت سابق-  استمرار النمو الإيجابي للاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الأزمات وامتصاص الصدمات العالمية، وهو ما يؤكد أن مصر تعد من الدول القلائل التي استطاعت العبور من ذلك النفق الاقتصادي المظلم الذي عقلت به العديد من دول العالم ذات الاقتصاديات المشهود لها بالقوة، ما يدفعنا للجزم بأن الاقتصاد المصري تمكن خلال مدّة وجيزة من استعادة مكانته على خريطة الاستثمار العالمي، كأحد الوجهات الاستثمارية الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

حرصت أيضًا على متابعة المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، أول أمسِ، لإعلان الخطوات التي ستتخذها الدولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد المصري، ذلك المؤتمر الهام الذي حمل العديد من المعلومات والأرقام التي تعكس قوة وصلابة الاقتصاد المصري، والذى أجاب فيه على العديد من التساؤلات التي لطالما شغلت بال الكثيرين حول انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، ومدى قدرته على الصمود في مواجهة تداعيات تلك الأزمة إذا ما طال أمدها.

وهنا لابد أن نتوقف قليلا، فنحن لم نكن نشاهد مؤتمرًا صحفيًا عاديًا، بل كنا نشاهد ملحمة من ملاحم المصارحة والمكاشفة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن الدولة المصرية لديها القدر الكافي نت الثقة في اقتصادها، ولديها من الإدارة والعزيمة ما يجعلها قادرة على تحويل تلك المحنة الاقتصادية العالمية إلى منحه، كما فعلت في السابق وحققت نموًا ملحوظًا في أعقاب جائحة كورونا.

اللافت في ذلك المؤتمر هو النهج الواعي للدولة المصرية، فعقد ذلك المؤتمر بهذا الشكل، وفى هذا التوقيت، قطع الطريق أمام المتخوفين من مدى قدرة الاقتصاد المصري على الصمود أمام المتغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي، فرسائل الطمأنة التي حملها المؤتمر للمواطنين المصرين والمستثمرين في الداخل والخارج أزالت الكثير من المخاوف بشأن مدى قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية في ظل عدم وجود حل للأزمة الروسية الأوكرانية على المدى القريب، ولا شك أن رسائل الطمأنة التي بثها الدكتور مصطفى مدبولي ستعيد النظرة التفاؤلية نحو قدرة الاقتصاد المصري على العبور من ذلك النفق المظلم، فالواقع يقول أنه كلما اطلع الناس على خطط الدولة وبرامجها وأهدافها المستقبلية، ولاسيما المتعلقة باقتصادها، كلما كانوا عونًا وسندًا لها في تنفيذها والمضي بها نحو الأفضل، فالمسئولية اليوم أصبحت مشتركة بين كل من الدولة والمواطنين والمستثمرين.

نستنتج مما سبق أن الحكومة المصرية كان لديها رؤية استباقية لما ستؤول إليه الأوضاع الاقتصادية في العالم، فالتحركات الجادة التي اتخذتها مؤخرًا لمنع إهدار احتياطاتها النقدية وتنويعها، والتوجه نحو زيادة الرقعة الزراعية، وتوطين الصناعات المحلية وتنشيط البورصة المصرية، وفتح المجال أمام المستثمرين وشركات القطاع الخاص ورواد الأعمال في الداخل والخارج للاستثمار في مجالات الطاقة والبناء والتشييد والتحول الأخضر، إلى جانب إتاحة الفرصة للمساهمة في المشروعات القومية الكبرى، سيعزز من قدرتها على مواجهة المخاطر الاقتصادية التي مؤشرات  النمو، لا سيما وأن المشروعات القومية الكبرى تحديدًا مثلت أحد المرتكزات الرئيسية التي دعمت عجلة الاقتصاد المصري خلال الجائحة.

في النهاية؛ لا ريب أن مصر بتاريخها العريق، واقتصادها الصُّلْب، وشعبها الواعي، وإدارتها الحكيمة، قادرة على صنع المعجزات، واتخاذ القرارات الصائبة التي من شأنها المحافظة على موقعها كثالث أقوى اقتصاد عربي، وهو ما يعنى أنها ستضاعف العمل للاستفادة من مواردها القديمة والجديدة وإطلاق العَنان لإمكاناتها الاقتصادية الهائلة، من أجل ضمان استمرار الإنفاق على بنيتها التحتية واحتياجاتها الأساسية ذات الأولوية كالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.