الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

استثمار انتخابي.. زيارة نانسي بيلوسي إلى أرمينيا إثارة للنزاعات لتحقيق الانتصارات |تفاصي

نانسي بيلوسي
نانسي بيلوسي

تعمدت رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى ، إثارة الغضب وإستفزاز أطراف النزاع من خلال زياراتها لتايوان فى ظل التحذيرات الصينية، إلا إنها تسعى دائما لاستثمار تلك الاستفزازات لتحقيق إنتصارات تستفيد منها فى الإنتخابات ، فى الوقت الذى يشهد مواجهات حدودية دموية بين أطراف النزاع  

فبعد زيارة بيلوسي لتايوان الشهر الماضي في استفزاز واضح ضد الصين، والتي تعتبرها الصين أرضاً تابعة لها ، وصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى أرمينيا لـتدعم ياريفان ضد باكو، في خطوة إعتبرتها أذربيجان أنها تصعّد التوترات.

زيارة بيلوسي إلى أرمينيا

وجاءت زيارتها لأرمينيا، الحديقة الخلفية لروسيا والتي تعتبر امتداد طبيعي لنفوذها بعد أن كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتى، بعد المعركة المتجددة بين أذربيجان وأرمينيا، معلنةً دعمها للأخيرة، وهو عكس ما حصل في الحرب الأرمينية - الأذرية عام 2020، حيث تلقت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب انتقادات كثيرة لعدم التدخل المباشر بشكل سريع دبلوماسياً واقتصادياً في المعركة، ولكن اليوم تأتي زيارة بيلوسي في وقت تخوض روسيا (وسيط الحرب بين أذربيجان وأرمينيا)، حرباً في أوكرانيا ضد "الناتو".

وتعتبر  بيلوسى أرفع مسؤول أمريكي يزور أرمينيا منذ استقلال البلاد سنة 1991. ولأنها تأتي في وقت مشحون عالمياً، تحمل زيارتها محاولةً للتغيير في مشهد التحالفات داخل منطقة القوقاز، وسعياً من قبل الإدارة الأمريكية إلى زيادة حجم التوترات حول موسكو.

وقامت بيلوسي بإدانة الهجمات التي اعتبرتها قد بدأت من قبل الأذريين، ووفوق إشارة بيلوسي إلى أن الولايات المتحدة تنصت لأرمينيا فيما يتعلق باحتياجاتها الدفاعية، مضيفةً أن واشنطن تريد مساعدة ياريفان، إلا أن الأهم كان اعتبارها عضوية أرمينيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، مسألة داخلية، وبالتالي لن تعلق على إمكانية انسحابها من عدمه.

وهذا التصريح من قبل ثالث أهم منصب في التسلسل الهرمي للدولة الأمريكية، أثار الشكوك حول نوايا واشنطن الجديدة في المنطقة، والتي ستبدأ بدفع أرمينيا نحو الإنسحاب، خصوصاً أن هذه الزيارة سبقها إبداء مسؤول أرميني الأسبوع الماضي، استيائه من رد التحالف العسكري الذي تقوده روسيا على طلب ياريفان المساعدة، على إثر المواجهة المتجددة بين الجارين.

كما أن مجلس الأمن الأرمينيّ لفت إلى أن إنتهاء أعمال العنف مع أذربيجان كان "بفضل وساطة دولية"، معاكساً تصريح  الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال إنّ موسكو عملت على وقف اشتباكات وعاد رئيس البرلمان الأرمينيّ آلان سيمونيان ليؤكّد في مؤتمر صحفيّ مشترك مع بيلوسي أنّ أعمال العنف انتهت بمساعدة واشنطن.

وهذا العناد الأرميني في معاكسة روسيا، لم يبدأ اليوم، بل في شهر أبريل عام 2018، عندما اندلعت ثورة في أرمينيا أطلق عليها "الثورة المخملية"، من قبل منظمات غير حكومية، مدعومة أمريكياً، وأدت بنتيجتها إلى وصول السياسيّ المعارض المدعوم من الغرب نيكول باشينيان إلى السلطة.

التقارب الأرميني الأمريكي

منذ تلك اللحظة، تغيرت معايير العلاقة بين الدولتين، بعدما أرادت أرمينيا الابتعاد عن السياسة السابقة التي تقضي بالبقاء في الفلك الروسي، والتوجه نحو الأميركيين والأوروبيين، على قاعدة اعتماد سياسة خارجية "متعددة التوجهات".

ومنذ التسعينيات وحتى عام 2020، نجحت أرمينيا، تحت الفلك الروسي، بالحفاظ على مكتسابتها الجغرافية أمام أذربيجان. وفي هذه الفترة، ورغم وقوع أكثر من مواجهة بين باكو وياريفان، ومنها المواجهة العسكرية القاسية عام 2016، إلا أن الحكم الأرميني بقيادة سيرج ساركيسيان نجح بالخبرة العسكرية، وبالإلمام الدبلوماسي، بالحفاظ على مكتسباته.

أرمينيا ربطت وقتها مصالحها مع روسيا، لكن مع باشينيان بات التوجه، على أكثر من صعيد، غربياً. حصلت عملية تغيير كبيرة من المراكز المدنية إدارياً، إلى المراكز التعليمية، وصولاً إلى الاستخبارية والعسكرية.

بطبيعة الحال، أدى كل هذا إلى تقليص العلاقات مع روسيا، عما كانت على أيام ساركيسيان. وعليه، لم تكن خيبة الأمل الأرمنية مستغربة، لا حالياً ولا سابقاً عام 2020، خصوصاً أن كل العوامل مجتمعة، حاولت أن تعاند تاريخ الجغرافيا السياسية بارتباط أرمينيا بروسيا عضوياً. هذا أدى إلى عدم تلقي أرمينيا الدعم المرتقب من التحالف بقيادة روسيا، وبالتالي خسارة المعركة مع أذربيجان

قال وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي، الأحد، إن الزيارات الرسمية على غرار زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى أرمينيا، لن تؤدي إلا إلى تفاقم الصراعات.
وقال ماكي في تصريحات - نقلتها وكالة أنباء "تاس" الروسية - إن "مثل هذه الزيارات لن تهديء هذه الصراعات، بل على العكس فإنها لن تؤدي إلا إلى تفاقمها".

وأضاف الدبلوماسي البيلاروسي إن "زيارات هؤلاء الصقور، الذين يرسمون أنفسهم على أنهم جنود لحفظ سلام، لن تجلب أي فائدة، ويكفي أن نتذكر زيارتها (بيلوسي) إلى تايوان، والتي أدت إلى تفاقم كبير للوضع في المنطقة".

وتابع "أما بالنسبة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي (التي تقودها روسيا)، أنا على قناعة تامة بأنه لا ينبغي لنا الاعتماد على أي من أفراد حفظ السلام من الخارج، هؤلاء الأشخاص الذين زاروا يريفان ليسوا مهتمين بفعالية عمل منظمتنا".

وأوضح ماكي "علاوة على ذلك، إنهم يمثلون معسكرا كاملا من البلدان التي كانت مهتمة بالحفاظ على بؤر توتر دائمة على طول حدود الاتحاد السوفيتي السابق، والآن على طول حدود روسيا، التي ينظر إليها على أنها خصم رئيسي".

إثارة النزاعات لتحقيق الانتصارات

وفي هذا الصدد، قال الدكتور ماك شرقاوى، المحلل السياسى الأمريكى وعضو الحزب الديمقراطى، إن نناسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى تتعمد دائما إستثمار النزاعات لتحقيق إنتصارات تستغلها فى الإنتخابات المقبلة ، فى ظل هبوط أسهمها داخل الحزب الديمقراطى.

وأضاف شرقاوي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن بيلوسي صرحت فى عدة أحاديث سابقة إنها تمثل الكتلة الأرمينية داخل مجلس النواب الأمريكى، وزياراتها فى ظل التوترات القائمة بين أرمينيا وأذربيجان هى زيارة إستفزازية لتحقيق أهداف شخصية، لافتا أن زيارة بيلوسى هى أول زيارة رسمية لمسئول أمريكى منذ عام 1991.

ومن جانبه، يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، إن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى أرمينيا تحمل العديد من الرسائل.

وأضاف فهمي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن نانسي بيلوسي تمثل جزءًا من التركيبة المعقدة من النظام السياسي الأمريكي، وتوجه رسالة إلى اللوبي الأرميني قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، ورسالة أخرى إلى روسيا، وثالثة إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

ولفت إلى  أن بيلوسي لا تكرر سيناريو زيارتها إلى تايوان، لكن التطورات الأخيرة في المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، أدخلت الولايات المتحدة في لُب الصراع الراهن لذلك تضمنت زيارة أرمينيا توجيه رسالة إلى موسكو.