الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بوتين يعلق العمل بالاتفاقية.. كل ما تريد معرفته عن "نيو ستارت" النووية في 12 سؤالا

الأسلحة النووية
الأسلحة النووية

وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الثلاثاء على مشروع قانون يعلّق رسمياً آخر معاهدة أسلحة نووية متبقية مع الولايات المتحدة، وسط تصاعد التوتر مع واشنطن بشأن تحرك موسكو في أوكرانيا، وقد  كان بوتين قد أعلن قبل أسبوع في خطابه عن حال الأمة أن موسكو ستعلق مشاركتها في معاهدة "نيو ستارت" لعام 2010، وسرعان ما صادق مجلسا البرلمان الروسي على مشروع قانون بوتين بشأن تعليق الاتفاقية الأسبوع الماضي.

وبالرغم من أن بوتين شدد على أن موسكو لم تنسحب من الاتفاقية تماماً، وقالت وزارة الخارجية الروسية إن البلاد ستحترم الحدود القصوى للأسلحة النووية المنصوص عليها في المعاهدة وستواصل إخطار الولايات المتحدة بشأن تجارب إطلاق الصواريخ الباليستية، إلا أن الأسئلة عن تلك الاتفاقية وأهميتها وما يعنيه قرار بوتين وآثاره تشغل بال المتابعين لتصاعد الحرب شبه العالمية الدائرة في أوكرانيا، وهنا نطرح 12 سؤال وإجاباتهم الخاصة بهذا الملف. 

 

 

ما معنى تفكيك سلاح نووي ؟

تفكيك سلاح نووي هو العملية التي يتم بموجبها تفكيك منشأة نووية إلى درجة أنها لم تعد تتطلب اتخاذ تدابير للحماية من الإشعاع، حيث يتطلب وجود المواد المشعة عمليات تنطوي على مخاطر محتملة ومهنية ومكثفة زمنياً وموجودة في البيئة ويجب التعامل معها لضمان نقل المواد المشعة إلى أماكن أخرى للتخزين أو تخزينها في الموقع بطريقة آمنة، لذلك فإن التحدي في وقف السلاح النووي ليس تقني فقط بل اقتصادي واجتماعي، أما من الناحية القانونية، فلا يمكن وقف تشغيل المفاعل النووي إلا بعد منح الترخيص المناسب عملاً بالتشريعات ذات الصلة. كجزء من إجراءات الترخيص حيث يجب كتابة مختلف الوثائق والتقارير وآراء الخبراء وتسليمها إلى السلطة المختصة، فعلى سبيل المثال هناك تقرير السلامة، والوثائق التقنية، ودراسة التأثير البيئي.

 

هل كانت معاهدة نيو ستارت هى أولى الاتفاقيات بين روسيا وأمريكا؟

لم تكن نيو ستارت أولى المعاهدات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا حول الحد من الأسلحة النووية، فقد بدأت تلك المعاهدات فعليا في ثمانينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان عقب محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية في السبعينيات حيث تم الاتفاق على خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية وتم الاتفاق على عمليات التفتيش والتحقق بموجب "ستارت 1".

وآنذاك منعت المعاهدة الموقعين عليها من نشر أكثر من 6000 رأس نووية فوق 1600 صواريخ بالستية عابرة للقارات والقاذفات، وفي عام 1991، وقع البلدان معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية "ستارت 2" لخفض الأسلحة النووية حيث اتفقا على خفض عدد الرؤوس الحربية الاستراتيجية إلى 3500 بحلول العام 2003.

 

ما هي معاهدة ستارت الجديدة؟ 

معاهدة ستارت الجديدة: هي معاهدة لتخفيض الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، وتعرف باسمها الرسمي: «تدابير زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها»، وتوصلت الولايات المتحدة إلى معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا التي وقعها كل من الرئيسيين أوباما ومدفيديف في 8 أبريل 2010 في براغ، والتي تنص على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30%، والحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50% بالمقارنة مع المعاهدات السابقة. 

وقد أعادت معاهدة ستارت الجديدة التعاون والقيادة المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال ضبط الأسلحة النووية وحققت تقدماً في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، وحافظت على المرونة التي تحتاج إليها الولايات المتحدة لحماية أمنها وأمن حلفائها، وقد قُدمت معاهدة ستارت الجديدة إلى مجلس الشيوخ للمشورة والموافقة على تصديقها، وبعد التصديق، دخلت حيز النفاذ في 5 فبراير 2011، ولمدة 10 سنوات، وقد تم تجديد سريان الاتفاقية لمدة 5 سنوات في 2021، قبل قرار روسيا الأخير.

 

ما أهم الأسلحة التي شملها الاتفاق؟

تتعامل المعاهدة مع الصواريخ النووية طويلة الأمد وعابرة القارات، وقد حددت المعاهدة ترسانة الدولتين النووية من الصواريخ عابرة القارات على ما لا يزيد عن 700 رأسا نوويا في قواعد أرضية، و1550 صاروخا نوويا في الغواصات والقاذفات الجوية الإستراتيجية، مع امتلاك 800 منصة ثابتة وغير ثابتة لإطلاق صواريخ نووية.

 

هل تسمح الاتفاقية بعمليات تفتيش ومراقبة؟

تتطلب الاتفاقية من الطرفين إجراء عمليات تفتيش في القواعد، التي توجد فيها الأسلحة، إضافة لتبادل البيانات للتحقق من الامتثال لبنود المعاهدة، كما تنص كذلك على تبادل سنوي لعدد الأسلحة محل الاتفاق، وتنص المعاهدة على 18 عملية تفتيش داخل المواقع سنويا، ويُسمح لكل جانب بإجراء 10 عمليات تفتيش، يطلق عليها "النوع الأول"، وتتعلق بالمواقع التي توجد فيها الأسلحة والأنظمة الإستراتيجية، و8 عمليات تفتيش يطلق عليها "النوع الثاني"، وتركز على المواقع التي لا تنشر سوى الأنظمة الإستراتيجية.

وذكر موقع وزارة الخارجية الأميركية أن البلدين تبادلا 21 ألفا و403 إخطارات للاستفسار والتفتيش حتى 21 يناير 2021، ولا تفرض المعاهدة قيودا على اختبار أو تطوير أو نشر برامج نووية إضافية، ولا تقيد الاتفاقية برنامج الدفاع الصاروخي الأميركي الحالي أو المخطط له أو قدرات الضربات التقليدية بعيدة المدى لموسكو.

 

ما هي أهم أجزاء الاتفاقية؟

تتألف معاهدة ستارت الجديدة من 3 أجزاء منفصلة، وهي نص المعاهدة، وبروتوكول المعاهدة، والملاحق الفنية، وجميع هذه المستويات ملزمة قانونا، ويتضمن نص المعاهدة والبروتوكول حقوق طرفي المعاهدة وواجباتهما الأساسية، كما تتضمن المعاهدة أيضا شرطا موحدا للانسحاب ينص على أن لكل طرف الحق في الانسحاب من هذه المعاهدة، إذا قرر أن الالتزامات المنبثقة عن المعاهدة تعرض مصالحه العليا للخطر.

ومن أجل تعزيز أهداف أحكام المعاهدة وتنفيذها، تجتمع لجنة استشارية روسية أميركية مرتين كل عام في مدينة جنيف السويسرية؛ من أجل مناقشة القضايا المتعلقة بالاتفاقية، والتنسيق فيما بينهما.

ما أهمية اتفاقية ستارت الجديدة؟

هذه هي الاتفاقية الوحيدة المتبقية لمراقبة الأسلحة النووية بين البلدين، بعد انسحابهما عام 2019 من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى الموقعة بينهما عام 1987.

 

من ناحية أخرى، يعكس التوصل إلى اتفاق جديد بادرة حسن نية وبناء ثقة بين إدارة الرئيس الجديد جو بايدن وروسيا.

 

لماذا رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجديد سريان الاتفاقية؟

رفضت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، البحث في تجديد أمد الاتفاقية الزمني، واعتبرت أن واشنطن أخطأت في التقيد بهذه الاتفاقية؛ لأن 60% من الترسانة النووية الروسية من صواريخ نووية متوسطة وقصيرة المدى لم تشملها المعاهدة، كما أصرت إدارة ترامب على ضرورة دمج الصين في منظومة اتفاقيات نزع الأسلحة النووية، حتى لا تترك حرة، فتطور ترسانتها النووية بعيدا عن أي شفافية أو مبادئ حاكمة ضمن اتفاقيات دولية أو معاهدات ثنائية ملزمة.

 

كيف توصلت روسيا والولايات المتحدة للاتفاق على تجديد المعاهدة؟

يحاول كل من موسكو وواشنطن الفصل بين قضايا سباق التسلح والقضايا السياسية، ورغم القضايا الخلافية الكبيرة بينهما؛ إلا أن ذلك لم يمنع من إجراء محادثة هاتفية مهمة بين الرئيس بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين؛ للتوصل لاتفاق على تجديد المعاهدة لـ5 سنوات إضافية، وقد سارع البرلمان الروسي، حينها في 2021، للتصديق على تمديد المعاهدة، وكذلك صدق الكونغرس عليها.

 

ما علاقة الصين وأسلحتها العابرة للقارات بهذه الاتفاقية؟

يرى بعض الخبراء العسكريين أن الصين هي الحاضر الغائب في هذه القضية، فهي لا تخضع لأي اتفاقيات للحد من إنتاج الصواريخ النووية طويلة المدى، وهو ما قد يسهم في دفع روسيا لانتهاك القيود، التي تحد من إنتاجها هذه الصواريخ.

ويعتقد خبير شؤون التسليح العالمي، ستيفن سيستانوفيتش، أن أي جهود لوقف سباق التسلح يجب أن تضم الصين، وألا تقتصر على الولايات المتحدة وروسيا.

 

ماذا يعنى انسحاب روسيا من الاتفاقية؟ 

وفقا لما يرى العديد من الخبراء بهذا الشأن فإن انسحاب روسيا الآن لا يعدو عن كونه محاولة لإبراز الغضب الروسي من الولايات المتحدة بسبب مساندتها لأوكرانيا، كجزء من الدعاية الروسية المناهضة للغرب عموما، والولايات المتحدة خصوصا، والقول إن هذا الدعم هو سبب استمرار الحرب، ففي هذا الظرف الحرج الذي يعاني فيه الجيش الروسي من نقص العتاد، ويعتمد على مساعدات من بلدان العالم الثالث كإيران وكوريا الشمالية، فلا يمكن أن يدخل عمليا في تجارب نووية تحتاج إلى تكاليف مالية ضخمة. 

ولا شك أن الانسحاب، الذي يعني فيما يعنيه عدم التواصل والتفاهم بين القوى النووية، سيكون ضارا بالأمن والسلام العالميين، حتى وإن لم يقُد إلى سباق تسلح جديد في الظروف الراهنة، فالقطيعة بين الدول دائما تقود إلى اللجوء إلى أعمال التجسس واتباع سياسات مناهضة لبعضها البعض، وكان العالم قد تجاوز مثل هذا السلوك في العقود الثلاثة المنصرمة إلى الانفتاح والشفافية. 

 

هل هناك احتمال لاستخدام روسيا للسلاح النووى؟

 روسيا تلمِّح باستمرار إلى احتمال استخدام السلاح النووي، سواء عبر مسؤوليها الكبار أو عبر مناصريها وإعلامها الرسمي، أو إشارتها إلى وضع أسلحتها النووية في حالة تأهب قصوى، لكن اللجوء إلى السلاح النووي هو انتحار بكل المقاييس، لأنه سيقود إلى حرب نووية لا تبقي ولا تذر، لذلك لا يتوقع أحد أنها خيار حقيقي يمكن أن تلجأ إليه أي دولة تقودها قيادة حكيمة.