الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا لا يُستجاب الدعاء رغم الإلحاح؟ .. الشعراوي يوضح الحكمة من المنع

الدعاء
الدعاء

لماذا لا يستجاب الدعاء رغم الإلحاح؟.. سؤال يشغل ذهن الكثيرين خاصة ما يتعلق بأهمية الدعاء وقدرته في تغيير القدر رغم أن كل شيء مُقدّر من قبل المولى تبارك وتعالى. 

الدعاء

لماذا لا يُستجاب الدعاء رغم الإلحاح؟

الدعاء سبب من الأسباب، كما أن السعي في طلب الرزق سبب للرزق، وكما أن الزواج سبب للولد، بل وكما أن الاستقامة كلها على الطاعة سبب لدخول الجنة.

وكون هذه الأمور أسبابًا يعني أن الله عز وجل جعلها طريقًا للوصول إلى المُسبب، فمن لم يسلك هذا الطريق لم يحصل له مراده، وذلك لا يتعارض مع إيمان المسلم بقضاء الله وقدره.

ومَثَلُ ذلك كمثل الأستاذ الذي يطالب تلاميذه بالجد والاجتهاد واجتياز الاختبار للحصول على الشهادة، والأستاذ يعلم مَن المفلح مِن غير المفلح مِن طلابه، ولكن الجزاء لا يجوز أن يبنى على علم الأستاذ، وإنما يبنى على السبب.

يقول الإمام الغزالي: "فإن قيل: فما فائدة الدعاء مع أن القضاءَ لا مَرَدَّ له؟، فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاءُ سببٌ لردّ البلاء، ووجود الرحمة، كما أن الترسَ سبب لدفع السلاح، والماءُ سببٌ لخروج النبات من الأرض، فكما أن الترسَ يدفع السهمَ فيتدافعان فكذلك الدعاءُ والبلاء، فقدَّرَ اللّه تعالى الأمرَ وقدَّرَ سبَبه، وفيه من الفوائد ما ذكرناه وهو حضور القلب والافتقار، وهما نهاية العبادة والمعرفة واللّه أعلم." انتهى. "إحياء علوم الدين" (1/327)

كما يقول ابن القيم أيضا: "المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجرداً عن سببه, ولكن قدر سببه، فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب, وقدر الولد بالوطء، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال، ودخول النار بالأعمال. 

وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال, وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء, ولا أبلغ في حصول المطلوب" "الجواب الكافي" (ص/9). 

الذكر

لماذا لا يُستجاب الدعاء رغم الإلحاح؟

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق، إن الله دعاك إلى منهجه فاستجب له أنت أولاً إن كنت تحب أن يستجيب الله لك، وإذا استجبت إلى منهج الله ولم يستجب الله لك، فما أدراك أن دعوتك فيها الخير لك، فلعل الخير لك ألا يستجيب الله لك هذه الدعوة، ولعل الله أن يكون قد استجاب لك، ولكنه نحى عنك حمق الدعوة.

يقول الله تعالى: {وَيَدْعُ الإنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولا} [النحل 11]، ففي لحظة ضيق قد يسارع اللسان بما لا يستسيغه العقل ولا يقره القلب، فيسارع اللسان بالدعاء على النفس أو الولد أو المال، ثم يندم و يتألم على ما فعل بسبب عجلته وضعف عقله.

وتابع: الله تعالى خلق الإنسان وهو أعلم بضعفه لذا قال: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ)، فما أرحم الله وألطفه بعباده، وما أعجل العبد وأضعف عقله.

هل الدعاء يغير القدر؟ 

وحول فضل الدعاء وأنه من شأنه تغيير القدر، ورد إلى دار الإفتاء المصرية من خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية على الفيس بوك، يقول: سمعت أن الدعاء يغير القدر.. فهل هذا صحيح؟

ليجيب الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء، قائلا: " نعم.. هذا صحيح، بالدعاء يرد القدر المعلق أي أن الله سبحانه وتعالى كتب على فلان كذا، فإن دعا هذا الشخص لن يصبه فيكون الدعاء سبباً في عدم وقوع الشر وسبيلاً للخير والرزق، ومثال ذلك أن الله قد يكتب لعلي مثلاً إن دعا رزقاً فإن دعا رُزق وإن لم يدعُ مُنع".

وتابع:" يستجلب الدعاء رضا الله فمن لم يسأل الله يغضب عليه، خاصة أن عدم الدعاء قد يصل بصاحبه إلى درجة الكِبر وقد حذر الله المستكبرين عن عبادته بدخول جهنم، وهذا ما ورد في حديث النبي أن الدعاء هو العبادة أي أنه من العبادات وليس العبادة محصورة فيه".

كما قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية، وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن المقصود بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدُّعاء» حيث إن القضاء المُعَلَّق وليس المُبرَم المَحتوم.

وأوضح «عثمان» في إجابته عن سؤال: «هل الدعاء يغير القدر؟»، أن القضاء نوعان: «المُعَلَّق والمُبرَم»، أما المعلق فليس معلَّقًا في علم الله تعالى، فالله عالم الغيب والشهادة، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، عِلمُه أزلي أبدي لا يتغيَّر، وهو بيد الملائكة وهذا النوع هو الذي يغيره الدعاء.

وأضاف: «أما القَضَاءُ الْمُبْرَمُ أي المحتوم فلا يَرُدُّهُ شَىْءٌ، لا دَعْوَةُ دَاعٍ وَلا صَدَقَةُ مُتَصَدِّقٍ ولا صِلَةُ رَحِمٍ»، موضحًا: وَالْمُعَلَّقُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ في صُحُفِ الْمَلائِكَةِ الَّتي نَقَلُوهَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ. مَثلًا يَكُونُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُم فُلانٌ إِنْ دَعَا بِكَذَا يُعْطَى كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لا يُعْطَى. وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا سَيَكُونُ مِنْهُ. فَإِنْ دَعَا حَصَلَ ذَلِكَ. وَيَكُونُ دُعاؤُهُ رَدَّ القَضَاءَ الثَّانِيَ الْمُعَلَّقَ.

وتابع: وَهَذَا مَعْنى الْقَضَاءِ الْمُعَلَّقِ أَوِ الْقَدَرِ الْمُعَلَّقِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ تَقْدِيرَ اللهِ الأَزَلِيِّ الَّذي هُوَ صِفَتُهُ مُعَلَّقٌ عَلَى فِعْلِ هَذَا الشَّخْصِ أَوْ دُعَائِهِ. فَاللهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَىْءٍ بِعِلْمِهِ الأَزَلِيِّ. يَعْلَمُ أَيَّ الأَمْرَيْنِ سَيَخْتَارُ هَذَا الشَّخْصُ وَمَا الَّذي سَيُصِيبُهُ. وَكُتِبَ ذَلِكَ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَيْضًا.