الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأكل الأخضر واليابس وتفقر القارة .. من ينقذ إفريقيا من أزمة الديون؟

قارة إفريقيا
قارة إفريقيا

قال مسؤولون فرنسيون إن مجموعة السبع بحاجة إلى تحمل المزيد من المسؤولية في زيادة تمويل الأزمات للدول الأكثر ضعفا في جميع أنحاء العالم والعمل معها لإصلاح نظام تمويل ما بعد الحرب.

قارة إفريقيا مثقلة بالديون 

وتستضيف فرنسا يومي 22 و23 يونيو المقبل "قمة من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" تتناول إصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف وأزمة الديون وتمويل التكنولوجيا الخضراء وعمل أدوات ضرائب وتمويل دولية جديدة وحقوق سحب خاصة.

ووفقاً لوكالة رويترز قال مسؤول في الرئاسة الفرنسية: "من الضروري أن نتصرف ونعيد التفكير بشكل جماعي في بنية التمويل الدولية"، مضيفا أن باريس تضغط على شركائها في مجموعة السبع قبل مؤتمر الشهر المقبل، مضيفاً : "لدينا اليوم شبكة من بنوك التنمية في العالم التي تمول التضامن الدولي والتي تجد قدراتها في العمل محدودة".

ودفعت جائحة كوفيد-19 العديد من البلدان الفقيرة إلى هوة الديون، إذ كان من المتوقع أن تستمر في خدمة التزاماتها على الرغم من الصدمة الهائلة التي تعرضت لها مواردها المالية.

وقال مسؤول فرنسي: "إفريقيا مثقلة بالديون ونحن ندفع ثمن الأزمات التي أعقبت ذلك، بما في ذلك أزمة أوكرانيا الآن، لذا فإن مجموعة السبع تتحمل مسؤولية".

وبدلا من التعامل مع ديون إفريقيا على أساس كل دولة على حدة، قال المسؤول إنه من الضروري إيجاد طريقة منهجية للتعامل معها.

وتقترن مشاكل الديون في أفريقيا مع عجز بعض من أفقر دول العالم عن التكيف مع التحول الأخضر، بينما تكافح أيضا لتمويل التعامل مع أزمة المناخ وهي تعاني من تأثيرها.

ولم تحقق الدول الغنية بعد تعهدها بشأن تمويل المناخ الذي وعدت به في إطار تعهد سابق بجمع 100 مليار دولار سنويا، وهو حجر عثرة رئيسي في محادثات المناخ العالمية.

وتأمل باريس في الاتفاق على خارطة طريق في يونيو لمدة 18 إلى 24 شهرا القادمة مع توحيد الجهود طوال عام 2023 في قمة قادة مجموعة العشرين في الهند والجمعيات العامة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وقمة كوب 28 المعنية بتغير المناخ في الإمارات.

انتقادات حادة للسبع الكبار

أعربت منظمات الإغاثة عن خيبة أملها إزاء نتائج قمة مجموعة السبع المنعقدة في اليابان بعدما تعهد القادة بتقديم 21 مليار دولار للتصدي للأزمات الإنسانية العالمية. 

وبعد الإعلان عن بيان مجموعة السبع الرسمي، قال ماكس لوسون من أوكسفام الإغاثية " أصابت مجموعة السبع الجنوب العالمي هنا في هيروشيما بخيبة الأمل.. ولقد فشلت في إلغاء الديون وفشلت في التوصل إلى ما هو مطلوب حقا لإنهاء الزيادة الهائلة في الجوع حول العالم".   

وأضافت "أنه في إمكانهم دائما توفير مليارات طائلة للحرب ، ولكن لا يمكن حتى توفير نصف ما تحتاجه الأمم المتحدة لأكثر الأزمات الإنسانية إلحاحا".    

 وقالت منظمات الإغاثة إن التمويل المتاح أصبح نادرا ليس بسبب المساعدات الإنسانية لأوكرانيا ولاجئيها، ولكن أيضا جراء الإنفاق الهائل على شحنات الأسلحة.

وتعهدت مجموعة السبع في بيانها المشترك بتوفير 21 مليار دولار "للتصدي للأزمات الإنسانية المتفاقمة العام الجاري بما في ذلك الاستجابة لأزمة الغذاء الملحة"، غير أن الأمم المتحدة كانت قد حددت أنها بحاجة لما يقرب من 55 مليار دولار.

وقال فريدريك رودر، كبير مديري منظمة "المواطن العالمي" الإغاثية، إن البيان الرسمي يظهر أن مجموعة السبع "بعيدة عن المسار الصحيح" و "أنها تفتقد إلى ما هو مطلوب حقا وهو العمل".

وانتقد رودر قلة الالتزامات الجديدة الملموسة، كما استشهد بالهدف غير المحقق بالفعل عن تزويد الدول الفقيرة بمئة مليار دولار سنويا للحماية من المناخ، مثلما تم التعهد.

مخاوف بشأن ديون أفريقيا

تضاعفت ديون البلدان الإفريقية 5 مرات خلال الفترة ما بين العام 2000 إلى نهاية 2022؛ ووصلت إلى التريليون دولار، وتتركز 66 % من ديون إفريقيا الخارجية في 9 بلدان، تتصدرها جنوب إفريقيا بنسبة  15%. 

ووفقا لصندوق النقد الدولي فإن 22 دولة إفريقية تعاني بالفعل من أعباء الديون أو غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين.

وخلال العقدين الماضيين، أفرطت البلدان الإفريقية في الاقتراض دون استخدام تلك القروض في تحريك عجلة الإنتاج؛ الأمر الذي يشكل ضربة مزدوجة للاقتصادات الإفريقية، حيث تضغط أقساط الديون البالغة نحو 100 مليار دولار سنويا على ميزانيات العديد من البلدان وتستقطع أكثر من 15 في المئة من الناتج الإجمالي.

كما فتح الإفراط في الإقراض الباب واسعا أمام زيادة معدلات الفساد وتوسيع الهوة الطبقية في العديد من البلدان الإفريقية، خصوصا تلك التي توجد فيها أنظمة حكم هشة.

وفي ظل الأوضاع الحالية، تواجه البلدان الإفريقية المعتمدة بشكل كبير على الديون والتمويلات الخارجية لدعم ماليتها العامة، خطرا حقيقيا في ظل توقعات بوقف مؤسسات التمويل الدولية تغذيتها للاقتصادات الأقل قدرة على السداد، ويتوقع خبراء عواقب وخيمة يمكن أن تنجم عن التخلف المتتالي عن سداد ديون البلدان الإفريقية.

أما فيما يخص تمويل أفريقيا في ملف التغير المناخي؛

في فبراير 2023 دعت المبعوثة الألمانية الخاصة للعمل المناخي الدولي جينيفر مورجان قادة مجموعة السبع إلى تقديم التزامات واضحة، تجاه حل الآثار المدمرة لتغير المناخ ، وتابعت المديرة التنفيذية السابقة لمنظمة السلام الأخضر الدولية: "لم تختف المشكلة، لذلك نود العمل مع الحكومة اليابانية لضمان أن تظهر مجموعة السبع ريادة في هذه القضية".

وأشارت إلى أن القيادة القوية لمجموعة الدول السبع ضرورية لنجاح الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف المقرر عقدها في وقت لاحق من هذا العام في دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما دعت مورجان إلى إصلاحات المنظمات المالية الدولية كي يذهب التمويل نحو مساعدة الدول الفقيرة بهدف تطوير تكنولوجيا لإنتاج الطاقة المتجددة.

مخاطر التغيرات المناخية 

يوجد دراسة حديثة صادرة عن البنك الدولى، قالت إن الأحداث المرتبطة بالمناخ ستضغط على أكثر من 132 مليون شخص فى براثن الفقر فى جميع أنحاء العالم مع خسارة البلدان الأفريقية ما بين 10 إلى 15% من ناتجه الإجمالي المحلى بحلول عام 2050.

وتنتج أفريقيا 4% فقط من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى فى العالم على الرغم من أنها تمثل 17% من إجمالى السكان فى العالم، لكنها معرضة للتغير المناخى بشكل خاص، وحتى الآن، لم يتم الوفاء بوعد تقديم 100 مليار دولار سنويا للتمويل 

 وكان رئيس وزراء أنتيجوا وبربودا، جاستون براون قد دعا إلى فرض ضرائب على أرباح شركات الوقود الأحفوري لدعم البلدان النامية والدول الجزرية الصغيرة للتكيف مع تغير المناخ والتحرك نحو الطاقة النظيفة، بينما قال رئيس سيشيل وافيل رامكالوان إن قادة تحالف الدول الجزرية الصغيرة يسعون أيضا للحصول على تسهيلات تمويلية جديدة للخسائر والأضرار.

معدل النمو السكاني في أفريقيا سوف يرتفع من  17٪ إلى 40٪ من إجمالي سكان العالم بحلول عام 2100، وهو ما يؤكد أن الوقت يداهم أفريقيا في تنفيذ مشاريع مكافحة الظواهر المناخية المتفاقمة والتكيف معها.

قال ريتشارد مونانغ، منسق شؤون قضايا التغير المناخي في أفريقيا في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنه يتعين فهم "أن مستويات الاحترار تتزايد في أفريقيا بوتيرة أسرع مقارنة بباقي مناطق العالم".

وكشف مونانغ أن القارة الأفريقية في حاجة إلى الكثير من الأموال لتنفيذ الخطط الخاصة بمواجهة ظاهرة التغير المناخي.

وأضاف "تحتاج أفريقيا اليوم إلى تريليوني دولار لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا وأيضا إلى 1.2 تريليون دولار لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة..نرى أمهات يعانين من الجوع مع تزايد معدلات تلف المحاصيل والفيضانات والجفاف وموجات النزوح وسوف تزداد هذه الظواهر مع تفاقم ظاهرة التغير المناخي".